بقلم إيڤيلين موريس
عادت الأميرة إلى القصر وقد قررت أن تبدأ التغيير من داخله ، صعدت درجات القصر المؤدي إلى غرفة مكتب ابيها ( الملك ) وقرعت الباب بلطف وقدمت له التحية اللائقة وتقدمت نحوه طالبة منه أن يسمح لها بالحديث معه عن بعض شئون المملكة .
نظر اليها الملك وقد علا وجهه علامات الاستغراب فهو لم يتوقع يوما منها مثل ذلك الحديث وبينما هو يفكر بذلك استأنفت الاميره حديثها وقالت :
اعلم ياابتي انك تستغرب كثيرا طلبي هذا لكنني قد نزلت المدينة وسمعت الكثير من أهلها وشاهدت معاناتهم واريد ان اساعدهم .
نظر اليها الملك بأكثر تعجب فهو لم يلحظ قبلا غياب الاميره عن القصر ثم استطرد قائلا لن اسألك الان كيف عرفتي بأمور أهل المدينة لأن ما يهمني أن نحقق العدالة والسعادة لأهلها لذا فعليكي اخباري بماذا يمكنك أن تساعديهم ؟
فأجابت الاميره قائله : من الآن فصاعدا لن نغلق أبواب القصر ياأبي بل ستظل مفتوحه أمام أهل المدينة ليأتي كل واحد بمظلمته أمامك فهل تمانع ؟
أجابها الملك : لا يا أبنتي ولكن لدي مهام كثيرة لإنجزها فما رأيك لو قمت أنت بهذا بدلاً مني وسوف أصدر قراراً بتعينك نائباً عني في شئون المملكة .
قبلت الاميره بفرح هذا الاقتراح فقد احبت أهل مدينتها كثيرا وكم يسعدها رؤيتهم ومساعدتهم .
وبدأت ممارسة مهام عملها في اليوم التالي وقد تم الإعلان لأهالي المدينة عن فتح باب القصر أمامهم لمعرفة مشاكلهم .
وبالفعل توافد أهل القرية حاملين مشاكلهم ليضعوها بين يدي الأميره وهم واثقين أنها سوف تحمل لهم الحلول لها.
بعد أن جمعت الأميره كافة الشكاوى وقامت بدراستها دعت الجميع إلى القصر وأعلنت لهم عن خطة البدء في الإصلاح وطالبتهم بضرورة العمل لتحسين أوضاعهم الاجتماعية ووجهتهم لمعرفة قيمة الحفاظ على نظافة بيئتهم وتجميلها .
وبعد أشهر قليلة بدأت أوضاع أهل المدينة في التحسن وشعرت الأميره بفرحة كبيرة أنها إستطاعت ان تسعد أهل مدينتها ، وبرغم أنشغالها إلا انها لم تنسى حبيبها يوما فكانت تمضي ليلها تفكر فيه وتسأل الله أن يعيده سالماً منتصراً.
وذات يوم إستفاقت من نومها لتذكر انها لا تعرف شيئا عن أمير سوى انه ضابط بالجيش وقررت أن تأتي ببعض المعلومات عنه لتسأل عن أسرته فقد يكونوا في إحتياج لأمر ما .
فاستحضرت المعلومات المطلوبة وذهبت إلى منزل أمير لتتعرف علي اسرته ، طرقت الباب برفق كعادتها ففتحت لها إمرأة كبيرة السن يظهر على وجهها علامات الشيخوخة وقد بدا عليها المرض فمدت الاميره يدها وأجلستها برفق على كرسي خشبي يقع في زاوية المنزل ، الذي بدا لها بسيطا جدا ولكنه انيق ينبعث منه الدفئ الذي تفتقده في قصرها الكبير .
رحبت والدة أمير بالأميرة ترحيباً شديداً واحتضنتها وأخذت تربت على كتفها ولأول مرة تشعر الاميره بمعنى كلمة أم فهي لم تذق طعم هذا الحضن من قبل بل وأحست بسعادة غامرة تملأ كيانها لم تعرف كيف تعبر عنها أو تصفها واغمضت عينيها كي تعمق ذلك الشعور داخلها ، ولكنها سرعان ما ادركت الواقع ففتحت عينيها ونظرت إلى أم أمير وسألتها عن حياتها وكيف تدبر أمرها.
وبينما هما يتشاركان الحديث قرع أحدهم الباب فقامت الأميره لتفتح الباب واذ علي الباب أحد الحراس بالقصر ، فسألته عن سبب مجيئه فعلمت أنه جار أمير في المنزل المقابل وهو يهتم بوالدته إلي أن يعود.
وهنا أدركت الأميره سر الصورة التي رسمها أمير فقد كان الحارس يصف له الأميره وهو يقوم برسمها .
استطردت الأميره حديثها مع والدة أمير فهي تتمنى لو تعرف منها هل أحبها أمير؟ إلا أنها لا تستطيع أن تسألها مثل هذا السؤال.
بعد أن قضت الأميرة وقتاً لابأس به مع والدة أمير إستطاعات أن تكون صورة كاملة عن حياته وعادت إلى القصر فرحة لأنها استنشقت في منزل أمير رائحه وجوده كما كانت تري في صورتها المعلقة على حائط حجرتها اثار أصابع حبيبها وتتمنى لو أنها تستطيع أن تدخل الصورة لتلامس أصابعه بجسدها وتعرف هل كان يحبها ؟
وبينما هي تفكر في ذلك غطت في نوم عميق لتتابع بأحلامها قصة حبها فربما يأتيها أمير وتسأله ان كان قد أحبها أم لا ؟