بقلم د.محمداحمدعبدالحميد
المبحث الأول : مفاهيم عامة حول الإقتصاد الرقمي
إن الإنتشار السريع في وسائط تكنولوجيا المعلومات وإستخدام الوسائط الإلكترونية وما أحدثه من تغير في أساليب حياة الإنسان أدى بشكل مباشر إلى تغيير في طرق ووسائل تنفيذ الأنشطة الاقتصادية ،أدى ذلك إلى ظهور نوع جديد في الإقتصاد وهو مايطلق عليه “بالاقتصاد الرقمي ” ، أوإقتصاد المعلومات ، وأعصر الإنترنت الذي يعبر عن رؤية مستقبلية لعالم تكون فيه المعلومات الركيزة الأساسية للإإقتصاد.
المطلب الأول : نشأة ومفهوم الإقتصاد الرقمي
يعود ظهور هذا النوع من الإقتصاد إلى التطورات التي شهدها الإقتصاد الجديد ،وهو تعبير برز مؤخرا ليفسر الظاهرة التي دخلت بالإقتصاد الأمريكي إلى دائرة الإنتاجية العالمية والنمو المتواصل ، بإعتبار هذا الإقتصاد أكبر إقتصاد في العالم.
وتمثل تكنولوجيا المعلومات والإتصال (Tic) المحرك الأساسي للإقتصاد الأمريكي الجديد والذي أصبح يشكل بشكل كبير إقتصاد رقمي تحكمه الإتصالات وشبكة الإنترنت Internet ، وقد شكلت (Tic) عاملا أساسيا في التحول الذي شهده الإقتصاد الأمريكي خلال السنوات الأخيرة وحققت له عائدات ضخمة وساهمت في تحقيق زيادات معتبرة في الإنتاجية ، وتجدر الإشارة هنا أن العوامل الهيكلية المصاحبة لظاهرة الإقتصاد الجديد والتي تأتي في قمتها الثورة التقنية المعلوماتية والتي رغم أنها بدأت كظاهرة أمريكية إلا أنها إنتقلت خلال فترة وجيزة وبدرجات متفاوتة إلى الدول المتقدمة الأخرى ، ولكنها لم تتضح بعد في الإقتصاديات النامية والناشئة ومنها الإقتصاديات العربية .
تعددت الآراء حول إيجاد تعريف موحد للاقتصاد الرقمي، ولعل من أبرز ما كتب حول مفهومه مايلى : – يقصد بالاقتصاد الرقمي ” ذلك التفاعل والتكامل والتنسيق المستمر بين تكنولوجيا المعلومات والاتصال tic) (من جهة، وبين الاقتصاد القومي والقطاعي والدولي من جهة أخرى، بما يحقق الشفافية والفورية لجميع المؤشرات الاقتصادية المساندة لجميع القرارات الاقتصادية والتجارية والمالية في الدولة خلال فترة ما “.
وتلعب تكنولوجيا المعلومات والاتصال tic)) دورا استراتجيا في زيادة معدلات النمو الاقتصادي و إصلاح الآليات الاقتصادية والتجارية والمالية، وبالتحديد تقوم تكنولوجيا المعلومات وأدواتها المختلفة مثل الشبكة الدولية للمعلومات Internet بتغيير أنماط الأداء الاقتصادي في المال والأعمال والتجارة والاستثمار من الشكل التقليدي إلى الشكل الفوري online بما يحقق تحسين المراكز التنافسية بعنصر الوقت أي المنافسة بالوقت.
– كما يعّرف الإقتصاد الرقمي على أنه “ذلك الإقتصاد المرتبط بمفهوم مجتمع المعلومات الذي يعبر عن رؤية مستقبلية لعالم تكون فيه المعلومات الركيزة الأساسية للإقتصاد والعلاقات البشرية ككل متجسدة في بنية تحتية رقمية عالية كفيلة بتحقيق ذلك في شتى مجالات الحياة “.
– وهناك تعريف أخر للإقتصاد الرقمي على أنه ذلك الإقتصاد الذي يستند على التقنية المعلوماتية الرقمية ، ويوظف المعلومات والمعرفة في إدارته، بوصفها المورد الجديد للثورة، ومصدر إلهام للإبتكارات الجديدة .
من خلال ما سبق ذكره نستخلص أن الإقتصاد الرقمي أو ما يسمى بالاقتصاد الإلكتروني Electronic Economy يبنى أساسا على التطور التكنولوجي والمعلوماتي الذي يزيد من فرص نمو وتطور المنتجات والخدمات خصوصا القابلة للتداول التجاري رقميا عبر الشبكات المعلوماتية ، يقوم على مجموعة من الركائز أهمها :
البيانات والمعلومات وتكنولوجيا ونظم المعلومات والتقدم في الاتصالات و الحواسيب Computers (من معدات وبرامج وغيرها).
– ويساعد الاقتصاد الرقمي على:
* زيادة اندماج اقتصاد الدولة في الإقتصاد العالمي .
* زيادة فرص التجارة العالمية و الوصول إلى الأسواق العالمية.
* كما يحسن الاقتصاد الرقمي من العلاقات بين الموردين والمصدرين والمنافسين والمتعاملين والمستثمرين والبنوك وشركات التأمين والصناع والمنتجين والأجهزة الحكومية والجمارك والضرائب والمؤسسات الدولية وغيرها.
المطلب الثاني : خصائص الإقتصاد الرقمي
يعمل الإقتصاد الرقمي على نشر “مجتمع المعلومات والمعرفة” ، أو ما يطلق عليه إقتصاد المعرفة ، أو المجتمع الشبكي أو المجتمع اللاسلكي ، وهناك عدة تعاريف تخص مجتمع المعلومات والمعرفة فمنها ما يرى بأنه: “إحداث مجموعة من التغيرات الإستراتجية في طبيعة المحيط الاقتصادي وتنظيمه ليصبح أكثر استجابة وانسجاما مع تحديات العولمة وتكنولوجيا المعلومات والاتصال ، والتنمية المستدامة بمفهومها الشمولي والتكاملي ، فالمجتمع المبني على إمتلاك زمام المعرفة وعلى المساهمة في خلقها وتعميقها وتطويرها ، يكون مؤهلا أكثر من غيره لسير في ركب التقدم ودخول عالم العولمة من أوسع أبوابها ، وعلى كافة الأصعدة – الإقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية-“.
– وهناك تعريف أخر لإقتصاد المعرفة بأنه نمط إقتصادي متطور قائم على الإستخدام الواسع النطاق للمعلوماتية وشبكات الإنترنت في مختلف أوجه النشاط.الإقتصادي، مرتكزا بقوة على المعرفة والإبداع والتطور التكنولوجي خاصة فيما يتعلق بتقنيات الإعلام والإتصال
– أما التعريف الذي تبناه مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات والمعرفة (جنيف 2003):
“هو المجتمع الذي يستطيع فيه كل فرد إستحداث المعلومات والمعارف والنفاذ إليها وإستخدامها وتقاسمها بحيث يمكن الأفراد والمنتجات والشعوب من تسخير كامل إمكاناتهم في النهوض بتنميتهم المستدامة وتحسين نوعية حياتهم”.
– ويساعد إنتشار مجتمع المعلومات والمعرفة على تشجيع بناء الحكومة الإلكترونية E.government ، والبنوك الإلكترونيةE.Banking ، والتجارة الإلكترونيةE.commerce ، والإدارة الإلكترونيةE.Management ، وكذا الشركة المساهمة الإلكترونيةE.corporation ، ويحتاج كل ذلك إلى التطوير المستمر في مؤشر مجتمع المعلومات والمعرفة عن طريق زيادة أعداد الحواسيب الإلكترونية ، وإستخداماتها في المعاملات والوظائف وزيادة عدد المشتركين في الشبكة الدولية للمعلومات Internet وتطوير إستخدام البرمجيات في إدارة الأنشطة الإقتصادية والتجارية والإنتاجية والمالية والتسويقية وإدارة الموارد البشرية والأ نشطة التعليمية والتدريبية .