زينب اكنيز
إن العالم يصير في عجلة دائمة ومتسارعة ، وهذا يتوجب علينا التواكب معه قدر الإمكان ، وإلاّ سوف نبقى مكاننا عاجزين على التأقلم فيما يدورحولنا ، وستضيع علينا الكثير من الفرص التي وهبنا الله إيانا في قدراتنا الخلاقة الغير مستخدمة ، والتي من الممكن أن تُغيّر حياتنا نحو الأفضل.
الفرد الناجح يسعى تلقائيّاً للنمو ، والتغيير ، والتجديد من خلال تطوير ذاته ، ما معنى أن يُطوّر الفرد ذاته؟ هو أن يتبع الفرد سياسة يعمل فيها على تنمية مهاراته ، وأفكاره ، وسلوكه ، وعمله ، وروحه، وينقل حاله إلى حال أفضل ممّا هو عليه ، وتضمن أيضاً التخلّي عن العادات السلبيّة ، والسيئة التي تُعيق عمليّة التطوّر.
فتطوير الذات : يشمل تطوير العقل ، والنفس ، والروح ، ممّا يُشعر الفرد بالرضا والتميّز ، لما حققّه من تغيير سواء باكتساب جديد مفيد أو تخلّي عن قديم سيئ ، ممّا يُساعده على تحديد أهدافه في الحياة وتحقيقها ، وتُهيأه للتعامل مع أي مشكلة تُواجهه بحرفيّة.
إنّ علم تطوير الذات أصبح من العلوم التنمية البشرية المزدهرة في عصرنا الحالي ، لما له تأثير قوي على شخصيّة الفرد فيتعلم كيف يتحكّم ويضبط ذاته ، وردّات فعله بإدارة سويّة ومتوازنة ، كما يُعرّف الفرد بقدراته المميزة الخلاّقة عن غيره ، وكيفيّة استثمارها بالنحو الذي تحقق أهدافه ، وتجعله قادراً على اتخاذ القرار وصنعه ، وتحديد أهدافه ومن أين يبدأ وإلى أين يصبو ، كما تجعله قادراً على إدارة وتنظيم وقته وتحديد أولوياته ، وكيفية التفكير بطريقة إيجابيّة ، والتخلّي عن التفكيرالسلبي في النظرة للأمور.
1 إنّ أول خطوة لتطوير الفرد لذاته هو أن يُحب ويشعر الفرد بأهميّة نفسه، حتى يسعى لنقلها إلى حالٍ أفضل ، وإلاّ سيبقى مكانه أو في حالة تدهور ، فذات الفرد هي أساسه الذي هو عليها اليوم ، وما يُقدمه الفرد لذاته يبقى ويعود بالنفع عليه لاحقاً ، أمّا إذا قررّ البقاء على نمط وروتين حياة مُعينّة ، فسيُصيبه الملل ، والإحباط ، واليأس ، والتقاعس.
ذات الفرد هي أرضه التي يجب عليه أن يزرع فيها كلّ مفيد، وأن يتخلص من كل ما هو ضار حتى يجني ثمار هذا التغيير لاحقاً.
2 أمّا الخطوة الثانية فهي تحديد الفرد أهدافه في الحياة ، وهذا يُشعره بأهميّة وجوده في هذه الحياة ، وإلاّ أصبحت حياته عبثاً، قد تتخبطها المشاكل من كل الجِهات.
3 أمّا الخطوة الثالثة فعلى الفرد إيقاظ هِممه وقدراته العملاقة ، وتفجيرها ، فالله عز وجل خلقنا بأفضل حال ، وأودع فينا جميعاً طاقات هائلة ، وقدرات كامنة ، هناك أفراد اكتشفوا هذه الطاقات والقدرات فسخرّوها لإعمار الأرض ، وبالتالي حققوا أهدافهم وذاقوا طعم النجاح ، وأصبحوا هم صُناع الحياة ، وهناك آخرون لم يحاولوا حتى التّعرف على إمكانياتهم فعطلّوا حياتهم ، وهمّشوا ذواتهم ، وأصبحوا عبئاً على الحياة ، وآخرون عرفوا طاقاتهم ولكن لم يسعوا في تحفيزها ، أو سيرّوها في المسار الخاطئ ، فخسروا الكثير من الفُرص.
كيف يتعرف الفرد على طاقاته وقدراته؟
1 على الفرد بدايةً أن يُحدد نقاط قوته ، ونقاط ضعفه في كل المجالات ، حتى لا يُحدد نفسه ويربطها في مجال مُعيّن ، وأن يتعرف على كل ما حوله من جديد ولا يقتصر في مجال مُحدد ، بل يُعطي نفسه الفرص في عدة مجالات ، حتى يُتيح له التّعرف أكثر على مدى إمكانيّاته ، فيستطيع أن يُحدد لاحقاً ما هي رغباته ، بعد أن يتم معرفة الفرد برغباته وقدراته أكثر ، يبدأ بتطويرها بالتدريج ، وبطريقة منطقية متسلسلة ، حتى لا يقع في التشتت.
2 خلال هذه المرحلة على الفرد أيضاً محاولة التخلص من سلبيّاته التي تُعيق تطوره مثال على ذلك :
انعدام الثقة، والاستعجال ، وعدم الثقة بالآخرين ، أو إفراط الثقة بالغير ، وغيرها من الأمور الكثيرة التي تُقلل من إبداع الفرد .
3 بعد تحقيق كل ذلك ، على الفرد التحلّي بعدة أمور تُعينه على التطوير والتنمية ، مثلاً التحلّي بإرادة صلبة ورغبة قويّة خفيّة تدفعه للعمل بكل الظروف ، قد تكون الإرادة ضعيفة ومُحددّة ، ولا يوجد أي حافز يدفعها نحو الأمام ، على الفرد التنبه لهذا الأمر ، ومعالجته وإلا بقي مكانه.
4 كما عليه التحلّي بمهارة إدارة الوقت ، ومهارة التواصل مع الآخرين وهي من المهارات المُلهمة والمُهمّة جداً ، يأتي الآن مرحلة السعي نحو تحقيق الأهداف بالوسائل المُتاحة ، وابتكار واختراع وسائل أخرى تُعينه في تحقيق الهدف ، ثمّ تأتي مرحلة الاستمراريّة ، والتواصل ، والتطوير في مجال الهدف.
5 بعد تحقيق ذلك كلّه سوف يشعر الفرد بلذة الإنجاز وتحقيق الهدف ، ويشعر بأهميّة ذاته ، ويبدأ تلقائياً بالتطوّر من مرحلة لأخرى. قال تعالى : (إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).