بقلم : نسمة عبد البر
برصيصا … هو راهب من بني اسرائيل، ذُكر في كتب التراث الإسلامي وقصته من الإسرائيليات.
الإسرائيليات هي القصص التي نقلها المسلمون عن قصص بني إسرائيل، ويُعتقد أنه المقصود من الآيتين السادسة عشر والسابعة عشر من سورة الحشر
من زمن طويل جدًا، وهو زمن بني إسرائيل، كان هناك راهب وهب حياته كلها للدين، معتكف في مكان بعيد عن أهل المدينة، يُقال إنه تعبد لمدة 70 سنة، ويُقال 40 سنة، في هذه المدة كان يصلي ويصوم ويؤدي كل الطاعات على أكمل وجه، ولم يرتكب ذنب واحد، لدرجة إن الناس أطلقت عليه اسم “العابد” من كثرة تعبده، هذا الشخص يدعي “برصيصا” .
هنا الشيطان حاول بجميع الطرق ان يغوي (برصيصا)، ولكنه كان بيفشل دائما،ولم يجد أي طريق لأغواء هذا الشخص ، ليجعله يرتكب ذنب، وهذا كان السبب لجعل (إبليس) يجمع الشياطين والمردة، وياخد بمشورتهم، وبعد أن قام بجمعهم قال لهم:
-من منكم قادرٌ على إغواءِ هذا العابد؟!
أصابهم الإحباط لأنهم ظلوا سنين طويلة دون فائدة غير قادرين علي إغوائة، وهنا خرج شيطان بدرجة عالية، ليتخصص في إغواء البشر عنده من المكر ما يمكنه، فرد وقال:
-أنا أتكفل به.
الشيطان كان لديه حيلة قوية جدًا، وهي إنه يجب أن يمثل انه شخص صالح مثل (برصيصا) لكي يكسب ثقته، فتنكر في صورة راهب، وتوجه لـ(برصيصا) ودخل عليه في صومعته ونادى عليه، (برصيصا) ولكنه لم ير عليه وذلك لأنه كان يتعود أن يصلي 10 أيام ويصوم عن الكلام ولا يتكلم مع احد وبعد مرور الـ10 أيام ياخد يوم راحة..
ففكر الشيطان وقرر إنه يصلي بجانبه، هنا كان الشيطان لديه صبر كبير جدًا، وكان يفكر في كل خطوة يخطوها، وبالفعل ظل يصلي بجانبه الـ10 أيام وعندما انتهوا نظر له (برصيصا) وقال:
-ماذا تريد؟!
رد عليه الشيطان:
-جئت كي أتعلم منك، أتعبد مثلك، وأصلي مثلك، وأقتدي بك.
(برصيصا) لم يرد عليه واكمل صلاته، وقرر زيادة الايام هذه المرة لـ40 يوم يصلي ويصوم ويفطر يوم واحد، والشيطان ظل ثابت على هذا المبدأ يصلي ويصوم معه، وهذه كان اختبار من (برصيصا) إذا كان هذا الشخص سوف يصبر او انه لا يستطيع ان يكمل، وبالفعل استمر الوضع سنة كاملة.
وبعد انتهاء السنة بدأ الشيطان يتلاعب بـ(برصيصا) وقال له إن الناس أخبرته إنه يعبد الله أكتر من هذا، وخاب أمله فيه، وإن عبادته ضعيفه، وهو تذكر شخص يعبد الله خيرًا من هذا، فكان (برصيصا) مصدوم من كلماته، ف اكمل الشيطان كلامه وقال:
-سأبحث عن غيرك يعبد الله أكثر منك، وسوف أتركك، ولكنني قبل أن أذهب سأعلمك كلمات احفظها ورددها فيرفعك الله بها.. كلمات لو قلتها على مريض يشفيه الله وإذا قلتها على مبتلي عافاه الله.
سأل (برصيصا) عن الكلمات، فقالها له الشيطان، فحفظها (برصيصا) وانصرف الشيطان.
الشيطان تحرك وذهب لرجل وسط الناس، تلاعب بعقله فأُصيب الرجل بالجنون، وبدأت الناس تبحث له عن طبيب، فقام الشيطان بتجسيد هيئة طبيب وعندما كشف عليه قال لهم إنه أصابه جنون ولن تجدوا شخص واحد يقدر علي علاجهغير شخص واحد فقط, وعندما سألوه عن هذا الشخص قال لهم عن (برصيصا)..
وبالفعل ذهبوا لـ(برصيصا) وطلبوا منه أن يعالجه فقرأ عليه الكلمات اللي حفظها له الشيطان فتعافى المجنون!
في هذه اللحظة بدأ الشيطان يدور في القرية ويمارس ألاعيبه على الناس ويصيبهم بالجنون والصرع، وكل شخص يُصاب بالجنون يذهب لـ(برصيصا) ويعالجه بكلمات الشيطان، وبدأت الناس تعرف (برصيصا) أكتر ويروا إنه عبد صالح وان الله أعطاه هبة.
الخطوة الثانيه من الشيطان إنه صرع سيدة، حيث يوجد اختلاف حولها، هناك من قال إنها كانت جارية عند ملك، وهناك من قال إنها كانت أخت لـثلاثة إخوات رجال يعيشون في القرية وهذا الارجح..
فعندما أصابها الجنون الـثلاث رجال اخدوها وذهبوا لـ(برصيصا)، فرفض يقرأ عليها لأنه لم يقرأ على النساء، فقال لهم الشيطان اتركوها في غار بجانبه ف عندما يأتيها الصرع من الممكنران يقرأ عليها.
وهنا جاء دور الشيطان للمره الثانيه حيث بدأ يقول له انها ضعيفة، اقرأ عليها لكي تذهب لأهلها، وهي جالسة في غار وحيدة، من الممكن ان يتهجم عليهااحد ، اقرأ عليها لتذهب.
و هنا نري وسوسة الشيطان واضحة!
وعندما أصابها الصرع دخل (برصيصا) وقرأ عليها، ويُقال إن ردائها ازال من على جسدها في هذا الوقت خرج (برصيصا) بسرعة، ويُقال إن هذا لم يحدث بل إن (برصيصا) كان يأتي لها بأكل ويقدمه لها فكان في البداية لم ينظر اليها، اغواه الشيطان فبدأ ينظر لها، وبعدها اغواه الشيطان اكثر فبدأ يكلمها، وبعدها اغواه الشيطان اكثر فبدأ يجلس معاها.
الاهم ان الشيطان بدأ يصور له صورتها ويغويه في الليل لكي يزني معاها، وهذا شخص متعبد طوال حياته ولم يري جسد سيدةمن قبل..
اغواه مرة، والتانية، والثالتة، واصر حتي فعل (برصيصا) زنا مع الفتاه.
صارت حامل، فانتقل الشيطان للخطوة التانية، وهي اذا علم أهلها سوف يقوموا بقتلك ويعلم جميع الناس ، ف اغواه ان يقتلها ويتخلص منها وبعدها يتوب إلى الله.
فقتلها (برصيصا) فقال له الشيطان ان يدفنها واذا علم احد من أهلها وسأل عليها يقول انها هربت، وقام بالفعل بدفنها.
وعندما سأل اهلها رد عليهم وقال لهم هربت.
وهنا يكون ارتكب ثلاث أخطاء، زنا، قتل، كذب.
الاخوة الثلاثة بدأوا يبحثوا عن الفتاه لم يجدوها فظهر لهم الشيطان في المنام وحلموا نفس الحلم، وقال لهم عن كل ما حدث وعندما استيقظوا من النوم تحدثوا عن الحلم لبعضهم و اكتشفوا إنهم حلموا نفس الحلم، وعندما ذهبوا لـ(برصيصا) رد عليهم وقال لهم إنه شخص عابد يصلي ويتقي الله ومن المستحيل ان يفعل ذلك ، فصدقوه.
ولكن الشيطان ظهر لهم في الحلم تانية وقال لهم عن مكان دفنها، فذهبوا وعرفوا مكانها واستخرجوا جثتها، وقالوا لملك المدينة عن ما ارتكبه (برصيصا) فهدموا صومعته، وحكم الملك عليه بالصلب والقتل امام جميع الناس .
هنا ظهر له الشيطان لكي يرتكب آخر ذنب وأكبر ذنب، فقال له: “أنا سأنقذك من هذا الموقف، وسأجعل أهل البلد أجمعين يكذبون القصة”، لكنه اشترط عليه شرطًا واحدًا.
وافق برصيصا على أملِ أن يعود لسابق عهده، عابدًا زاهدًا في صومعته بعيدًا عن الناس، إلا أن شرط الشيطان كان الكفر بالله، فكفر برصيصا.
فلما كفر برصيصا، تولى عن الشيطان، فقتل وصُلب، فصدق فيه قول الله تعالي:
“كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)”.