أَخلاقيات دُفنت
بقلم هناء الأنور
أتذكر في طفولتي بعض السلوكيات التي تربينا عليها، وكبرنا بها على أيد أمهات قد لا يحالفهن الحظ ومنعتهن الظروف عن اكمال تعليمهن،كانت ربات منزل وعلى الرغم من ذلك ربوا أبناء وبنات من أعظم الرجال وأرشد الأمهات، كانت زمان بعض الأخلاقيات التي مازلن نحيا علىأثرها، ومازلن متمسكين بشتى المبادئ التي تعلمناها منذ الصغر.
أتذكر في طفولتي والدتي عندما كانت تضع غطاءً على التلفاز لمدة ثلاثة أيام لمجرد فقط أن أحد الجيران لديه حالة وفاة، رغم أن المنزل كانفي نهاية الشارع، وعندما كنا نعترض كانت تقول : حتى لا يتأذى عندما يمر من أمام منزلنا عندما يسمع صوت التلفاز، علمًا بأن هذا الجهاز في ذاك الزمن كان وسيلة الترفيه الوحيدة لدينا.
ولكن ومع كل الأسف نجد في الشارع الواحد مراسم عزاء، وأنوار تضئ استعدادًا لحفل زفاف، دون مراعاة لمشاعر أحد، في أي زمن نحن!؟
أتذكر أيضا عندما كنت طفلة كنا لا نتجرأ أنا وأخوتي رفع صوتنا على أحد من والدينا، كنا نفهم ما يريدونه من نظرة عيونهما، أما ما نراه الآن من الأبناء سلوكيات غير مهذبة وأخلاق منعدمة، فقد يرفع الابن صوته على أبيه، بل قد تطاول يداه على أحد أبويه، ما هذه الأخلاق ومنالسبب ؟
أخلاقيات دُفنت
أيضا من التقاليد التي دُفنت تحت التراب، عدم احترام الكبير، فأصبحنا في زمن لا أحد يعترف أنه صغير يجب عليه احترام الكبير، بلأصبح الصغار لا يعترفون بالكبير ولا يقدرون له أي احترام، ويؤسفني عندما أرى تشجيع أحد الأبوين لابنهما على هذا التصرف، بحجة أتركه يأخذ حقه، في أي عصر نحن! ؟
هل حقًا انعدمت الأخلاق لدى البعض، هل تلاشت المبادئ والقيم، أم نحن تغيرنا، وأصبحنا لا نعرف ما يجب علينا فعله تجاه الآخرين.
متى يعود بنا هذا الزمن الجميل، الذي كان كل فرد يعرف حدوده في التعامل مع الآخرين، زمن كان كل شخص يعرف ما عليه وما له، زمنكان يراعي حقوق الآخرين ويلتزم بجبر خواطر البشر.
كل ما أتمناه من كل أم وكل أب أن يتقوا الله في تربية أبنائهم، أن يغرسوا في أبنائهم الصفات والأخلاق التي تربوا عليها وهم صغار، أنيراقبوا ما يشاهد أبنائهم في وسائل الترفيه الحديثة، أن يحددوا لأطفالهم الأشياء التي يجب أن يتركوها ولا يستخدموها.
الأشياء التي للأسف نجدها متاحة لدى أبنائهم دون رقابة من الوالدين، عن طريق القنبلة الموقوتة التي نتركها بين يدي أطفالنا، تلك القنبلة التي تتمثل في الهاتف المحمول، وألعاب الإنترنت والتطبيقات المستجدة التي تسئ للأخلاق ، بل قد نجدها تفقدهم الحياء والاحترام مثل برامج التيك توك وما يشبهها.
عزيزي الأب.. عزيزتي الأم لا تنشغل عن تربية أبناءك، لا تُهمل جيلا نريد فيه أن يكون أبا عظيما وأما مثالية في المستقبل.
تذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف “كلكم راعٍ وكل راعِ مسئول عن رعيته“.