الحياة الأسرية من اللطف إلي العنف
بقلم ماجي المصري
فجأة وفي غفلة من الزمن تحولت الحياة الأسرية من خانة التعامل الإنساني المتميز باللطف والين
وتحولت العلاقة بين الزوجين من مودة ورحمة الي حلبة مصارعة تستباح فيها كل اسلحة العناد والعنف والى معركة يكون البقاء فيها للاقوي ماديا او معنويا هذا اذا تصل به الأمور إلى حد فقدان العقل والجنوح إلى الانتقام بالأيذاء الجسدي وربما الى القتل .
لقد اصبح العنف داخل الأسرة أمرا مستباحا رغم تعاليم كل الأديان التي
أوصى الله فيها الأزواج من الرجال والنساء بأن يكونا سندا و عونا و سكنا وانيسا
وأمرهم بأن تسود بينهم المودة والرحمة وهذه هي شريعة الله سبحانه وتعالى وهو القائل في محكم كتابه :
“وخلقنا لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”.
لقد ميز الله العلاقة بين الزوجين بصفات تعتبر هي دستور الحياة وقواعد الرفقة الطبية التي تتسم بالمودة والرحمة والألفة والتآلف.
وهنا نبادر بالتساؤل عن أسباب انتشار العنف الأسري والذي يوشك ان يصل الي ظاهرة تقلق المجتمع وتجعل مستقبل اجياله في مهب الريح
ربما تبدو الاجابة المباشرة ان هناك عدة عوامل ساهمت في انتشار العنف داخل الأسرة
ومن اهمها انعدام التفاهم بين الزوجين
حيث نري هذه الأيام انعدام لغة الحوار بين الزوجين وعدم وجود قواعد للتفاهم عند وجود مشكلات والتي تؤدي إلى ان يسعى كل طرف للتعامل بطريقة تفكير قد تكون مختلفة تماما عن الطرف الآخر
بالإضافة إلي محاولة الزوج عادة الى فرض سيطرته علي زوجته ورفضه لكل أرائها حتي لو كانت صحيحة رغبة منه في تأكيد رجولته
بفرض السيطرة ومن ثم بحقه في الطاعة العمياء لكل أوامره دون جدال أو مناقشة ومن هنا بيدا الخلاف بين الزوجين.
ومن الاسباب المحورية يأتي دور اسرة الزوحة التي ترفض وبشدة أن تحمل ابنتهم لقب مطلقة مهما كان الخلاف ومهما كانت الأسباب
وتري ان استمرار الزواج برغم تصدع العلاقة بين الازواج هو الحل الافضل من وقوع الطلاق الذي يرى فيه البعض انتقاصا من مكانة الأسرة ومساسا بسيرتها بين الناس
لأنهم و برغم التقدم العلمي وارتفاع مستوي المعيشة وتغير المفاهيم إلا أن الأفكار الرجعية لنظرة المجتمع الي المرأة المطلقة تظل كما هي.
كما تعتبر الظروف الاقتصادية للأسرة من أكثر أسباب الخلاف بين الزوجين
ومن اهم الاسباب التي تؤدي إلي العنف الأسري فالظروف المعيشية الصعبة وكثرة الالتزامات والضغوط وارتفاع الأسعار وانخفاض الدخل
وعدم تحمل الزوجة للظروف الاقتصادية يؤدي علي الشجار المستمر بين الزوجين وتصدع العلاقة الزوجية ومع حالة اليأس التي تصيب الطرفين
يلجأ كل منها إلي العنف لتفريغ شحنة الغضب والثورة التي تغلي في عروقه ومع العصبية الزائدة
يفقد كل منهما السيطرة علي اعصابة ويقع المحظور حيث لا ينفع الندم
ولا نستطيع أن نغفل دور شبكة العلاقات حول الأسرة ودورها الكبير والمؤثر في حياة الأسرة
فمنذ انفتاح العالم علي الشبكة العنكبوتية انعدمت الخصوصية وأصبحت الحياة الأسرية متاحة لكل من يحمل لقب صديق الصفحة
واصبح من حق الكل ان يتدخل في حياة الكل وبخاصة تلك الجروبات النسائية التي تعرض مشاكل الزوجات الأسرية
وتضع لها حلولا غبية لا تصلح للتطبيق في مجتمعاتنا الشرقية
مما يؤدي إلي إفساد الحياة الزوجية بسبب شبكة العلاقات الفيس بوكية المدمرة للحياة الأسرية
ونصل الي السبب الرئيسي
ورأس الخلاف بين الزوجين وهي الغيرة العمياء بين الزوجين
بعض الزوجات تعتقد أنها بمجرد توقيعها علي عقد الزواج فهي قد وقعت علي عقد امتلاك لذلك الكائن المسكين المدعو الزوج
وتبدأ في فرض سياج من حديد حوله تحت تاثير الغيرة القاتلة التي ترتبط بتصرفات غير منطقية منها
عدم السماح للزوج بالخروج بمفرده وغير مسموح له بلقاء الاصدقاء
وغير مسموح له بوضع لايك او كومنت لاي صديقة فيس بوكية
وغير مسموح له بمجاملة السيدات باي كلمات رقيقة مهما كانت الصلة أو العلاقة التي تربطهن بالأسرة
وتنتقل عدوي الغيرة من الزوجة الي الزوج ويبدأ في ممارسة نفس الطقوس الي أن يشعر كل منهما بالضيق والاختناق من التفاف الحبل حول رقبته
وهنا ويحدث الصدام القاتل الذي قد ينتهي بجريمة تقشعر لها الأبدان
ومع تعدد الأسباب نجد أن النهاية واحده هي العنف الزائد داخل الأسرة والتي يكون ضحيتها دائما الأبناء الذين يعيشون المأساة فيخرجون الي المجتمع
وهم جيل محطم مشوه نفسيا واجتماعيا ويحتاج الي علاج كي يستطيع أن يتخلص من الآثار السلبية التي خلفها العنف داخل محيط الأسرة.
ومن هنا ندعو كل مراكز البحوث العلمية المتخصصة في الشأن الاجتماعي إلى الإسراع في عمل دراسات وبحوث حول ظاهرة العنف الأسري التي تتنامى بقوة قبل ان تصبح نهج حياة يهدد حاضر ومستقبل الأمة.