الحياة المصرية من القرن 3 الي 7 الهجري
السياحة الصوفية وتوطن المشايخ
(1) السياحة الصوفية
دكتور كمال الدين النعناعي
( 4)
من المنطقي وقد توافرت ظروف مواتية لظاهرة السياحة الصوفية أن تحدث لقاءات بين العابرين علي مسارات الصحراء وان تنشأ محاورات بين مشايخ المسافرين فيما
طر أ علي خواطرهم وهم في حالة من صفاء الذهن لاتخالطه مظاهر الدنيا
فيعني أفراد من الطائفة الصوفية مما يشاهدون تلك اللقاءات العفوية علي الطرق
فيتناقلون شفاهة هذه الحكايات…
فنجد علي سبيل المثال رواية عن الصوفي
الشهير ذو النون المصري المتوفي 245 هجرية
تحكي ما جري من حديث بينه وبين أمرأة والهه تنتمي لتلك الجماعات
وتحكي علي نموذج س و ج
وعلي الرغم من تسجيل هذه الحكايات دون ترتيب،
وتناقلها الرواة دون ضبط وتحقيق،
فهي بلا شك صارت ضمن مدونات التراث الصوفي
وأصبحت تكون جزءا من ثقافة المعنيين بها لما شملت من عبارات مأثورة وأجابات
عن أسئلة مسائل روحية وتفسيرات ذهنية
لأحوال النفوس الحائرة وهي في الطريق الي الله..
فنجد بين ثنايا الحكايات مايكشف حجم وكثافة المنقول شفاهة بين المسافرين
ففي مصادر كتب المناقب نجد منهم من يسأل آخر من الوافدين الغرباء حين يدهشه انه يعرف عنه الكثير فيبادر بسؤاله :
من أين عرفت أسمي! وما رأيتني!؟
ولعل في وثيقة الروض الفائق للشيخ شعيب الحريفيش الكثير..
ولم يقتصر أثر السياحة الصوفية علي أنتقال المعلومات من قطر الي قطر ، ومن
بلد الي بلد أخر، بل لعبت دورا ازاء تنامي
العمران
فقد شمل التدوين وصفا للمواقع والمواطن الجغرافية التي يتوقف عندها الصوفية
أثناء عبورهم الصحاري فنجد من بينهم من
أستقر طويلا ليتبتل في مغارة تقع في منطقة وصفها بقوله:
( بلاد كثير الاشجار
والنباتات والثمار)
ولا يسعنا الا 1 ن نتوقع 1 نهم تخيروها عن
قصد بعد أن تأكدوا 1نها تصلح للاعاشة والاقامة ومن ثم ينشأ أمتدادا العمران
فاذا نظرت ثغر الاسكندرية مثلا وهي مدينة مصرية وجدت اضرحة مشايخها
متتالية علي شاطئ بحرها فيما يشكل
أمتدادا عمرانيا علي التوالي
وعندما نتابع ما كتبه المؤرخون عن رحلات هؤلاء المتصوفة قلما نجد ترجمة لشخصية
تخلو من ذكر خروجه لأداء فريضة الحج حتي صار موسمه ملتقي الباحثين عن مريديهم ونظرائهم وذوي قرابتهم
فمن الدوافع المتعددة التي أدت الي تلك
الحركة النشطة علي طرق السياحة السفر
بغرض اداء فريضة الحج، وهي احدي اركان
الاسلام الخمس وأهم مافيها الوقوف بعرفة
بجانب الطواف حول الكعبة واداء المناسك
وقد ورد ذكر فريضة الحج في القرآن الكريم… فأشتهر من طرق السياحة طريق الحج اذ كان الركب الصوفي يسلك الطريق
من أسوان المصرية مثلا الي عيذاب ومن ثم الي الحجاز …..