الـ “eSIM”.. تقنية تنجح في إعادة ربط سكان غزة بالعالم
متابعة _ حنان محمد
يحافظ الشاب خالد المصباح البالغ من العمر 19 عاماً، على اتصاله بالعالم الخارجي عبر هاتفه، بعد أن أضحى انقطاع الاتصالات أمرا مألوفا في غزة، حيث يعجز السكان عن التواصل مع العالم الخارجي أو مع بعضهم البعض، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي وتوسيع عملياته البرية في القطاع.
والخميس، أُعلن عن انقطاع الاتصالات في القطاع بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيل سنترالات شركات الاتصالات الفلسطينية في القطاع، نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر.
ورغم إعلان بعض شركات الاتصالات عودة الخدمة تدريجيا، إثر إدخال كمية محددة من الوقود، الجمعة، يلجأ بعض السكان إلى شريحة تسمى “eSIM” للعثور على حل ثابت لانقطاع التواصل.
وتمكن الشاب الفلسطيني من الحصول على “eSIM” بمساعدة صديق له في الخارج، حيث أصبحت تلعب هذه الشرائح دوراً رئيسياً اليوم في ربط عدد قليل من سكان غزة بالعالم، وإتاحة خدمة الاتصال بالإنترنت، التي باتت مهمة شبه مستحيلة في ظل الظروف القائمة.
خلال المرة الأولى التي انقطع فيها الاتصال والإنترنت عن غزة، في المراحل المبكرة من النزاع، لم يكن لدى المصباح أية معرفة بما يسمى “eSIM”، شأنه شأن معظم أهالي غزة، إلا أن المصطلح بدأ تداوله مع الحملة التي انطلقت حول العالم، للمطالبة بربط غزة بالإنترنت، والتي تخللتها مطالبة الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، بتزويد القطاع بالإنترنت عبر شركة “ستارلينك”.
إلا أن فشل تلك المساعي، دفع البعض للبحث عن سبل أخرى لتأمين الإنترنت لأهالي غزة والالتفاف على الانقطاع القائم نتيجة الحرب، فكانت eSIM من بين أكثر الحلول العملية والمتاحة، والتي تثبت اليوم أهمية كبيرة في إعادة ربط الفلسطينيين بالعالم.
وعلى شكل حملات تبرع، تركزت الجهود على شراء كميات من هذه الشرائح، وتحويل رموزها إلى السكان في غزة لاستخدامها، فيما نشطت في سياق متصل عملية لتثقيف سكان القطاع بها وإرشادهم لاستخدام هذ التقنية وآلية تشغيلها على الهواتف، بالاعتماد على المتاح من شبكات اتصالات قرب نطاق غزة.
وبعد عودة الاتصالات إلى غزة في المرة الأولى، عرض صديق من كندا على المصباح أن يشتري له شريحة eSIM، وتابع معه تفعيلها خطوة بخطوة، حيث تمكن الشاب من شبك هاتفه على إرسال شبكة اتصالات “سيلكوم” الإسرائيلية.
أخذ المصباح يقرأ عن هذه التقنية أكثر وتعرف على الشريحة وآلية عملها والخدمات التي تتيحها بصورة أعمق، حتى بات مرجعاً لمحيطه ممن يحتاجون لمعرفة تفاصيل عن eSIM، أو يواجهون مشاكل في تشغيلها، حيث يلجؤون إليه لحلها.
وهي عبارة عن شريحة افتراضية، تتيح الاتصال عبر الهاتف من خلال الأقمار الاصطناعية مروراً بأي شبكة اتصالات تقدم هذه الخدمة. بعض هذه الشرائح توفر خدمة المكالمات الهاتفية وإرسال الرسائل القصيرة، وبعضها يقتصر على توفير الإنترنت.
الشريحة لدى المصباح لا تتيح إجراء المكالمات الهاتفية أو إرسال الرسائل النصية. ووفقا للشاب فإنه يمكن شراء تلك الشرائح من برامج أو تطبيقات متواجدة على المتاجر الإلكترونية. وبات متعارفا في غزة على موقع اسمه “airalo” يمكن عبره شراء “eSIM” وشحن الحزمات.
لا تعمل “eSIM” في كافة مناطق غزة، بحسب المصباح، وإنما في المناطق المرتفعة نسبياً التي تتيح الاتصال بشبكات الاتصالات الإسرائيلية، حيث يعتمد عليها الغزيون في تشغيل تلك الشرائح الإلكترونية.
ويحتاج الاتصال أحيانا إلى الصعود لمبان عالية وأبراج من أجل التقاط الشبكات من إسرائيل واستخدام “eSIM” عبرها، لا سيما في المناطق المنخفضة جغرافيا في القطاع.
ولا تعمل هذه الشرائح الإلكترونية على شبكات الاتصالات الفلسطينية المحلية في غزة، التي لم تفعّل خدمة eSIM، فعلى الرغم من إتاحة شركة “جوال” لحزمة eSIM عبر خدمة “تجوال”، فإن المصباح يقول إنها “تشبك عبر شركة سيلكوم الإسرائيلية، وعندما تتوقف الشبكة المحلية، سواء بانقطاع الوقود أو لأسباب أخرى، فإن الخدمة تتوقف معها”.
وتتيح شركات اتصالات مصرية هذه الخدمة كما هو الحال مع شركات الاتصال الإسرائيلية، لكن تحتاج من الغزيين الاقتراب من الحدود المصرية لالتقاطها، بحكم المسافة بين الأراضي المصرية والمدن جنوبي قطاع غزة. ونادراً ما يتم التقاط الشبكات المصرية في غزة إلا عند الاقتراب من الحدود، بحسب المصباح.
نقاش حول الموضوع الحالي