مشاهدات: 96
تذكرة سفر للجمهورية الجديدة
تذكرة سفر للجمهورية الجديدة …..
منذ أن أطلق فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي مصطلح الجمهورية الجديدة اعتقد البعض أن المقصود به المدن الجديدة بينما ذهب خيالي الى اليوتوبيا التي طالما تاقت اليها نفس الأدباء وتغنى بها الشعراء وسطرتها أقلام الكتاب. الجمهورية الجديدة دولة بلا فساد وعقول تفكر بطريقة إستباقية وتتوصل لحلول من خارج الصندوق لما يصادفها او يمكن أن يصادفها من أزمات دولة ديمقراطية كما يجب ان تكون الديمقراطية
منذ سنوات طويلة تحولت السياسة في الوطن العربي إلى حالة شعبوية فيخرج الزعيم السياسي بلا برنامج سياسي فقط مستخدما بلاغته او بعض الاصوات الحنجورية و العزف على أوتار المشاعر لاجتذاب اكبر عدد من الأنصار يتم توظيفهم لخدمة أغراضه الشخصية في الوصول لكرسي الحكم حتى لو زج ببلاده في أتون الحرب الأهلية، ومع التقدم التكنولوجي و ظهور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح لدينا في الوطن العربي ألاف الزعماء السياسيين و العلماء في كل مجال و جنيرالات المقاهي كل منهم يتحدث بلسان الخبير، وله الاف المريدين. العالم العربي اختلط كل شيء فيه وشابه الغموض.
البعض تحركه الوطنية والبعض ينفذ أجندات خارجية والجميع يتبادل الاتهامات، وفي ظل هذه الحالة اختلطت بعض المفاهيم و أصبح من العسير على المواطن العادي أن يفرق بين بعض المصطلحات، ومن أهم هذه المصطلحات التي يختلط فهمها مصطلح سياسي ومصطلح رجل دولة ورجل الدولة ليس المقصود به نوع الرجال من التصنيف البشري فقد تقوم امرأة بمقام ومهام رجل دولة.
السياسي شخص يسعى للوصول إلى السلطة و النفوذ ليتمكن من التأثير في صناعة القرارات التي تتعلق بالشؤون العامة خلال فترة توليه مستمدا قوته أحيانا من فصيل سياسي ينتمي إليه كما في الدول الديمقراطية المتقدمة التي يصل فيها السياسي لسدة الحكم مدعوما بجهود حزب سياسي سخر إمكانياته لتلميع ممثله والدفع به لخوض الانتخابات ، وهذا يشمل الأشخاص الذين يتقلدون المناصب العليا في الدولة، أو الذين يطمحون للحصول على هذه المناصب، سواء عن طريق التعيين أو الانتخابات، أو عن طريق القيام بانقلاب عسكري، أو الاستعانة بقوات احتلال أجنبية، أو استخدام حق الوراثة، أو الادعاء بالحق الديني. قد يستخدم المكائد والرشاوى و ألا قيم للوصول لأهدافه وهو دائم التفكير في الانتخابات القادمة دائما يتباهى بانجازاته لتجميل صورته دائما، عمله دائما رد فعل لما يلاقيه من مشاكل و عقد و أزمات، يحتاج من الآخرين دائما أن يدعموه و يخدموه ويعاونوه للوصول إلى أهدافه
أما رجل الدولة فيختلف كليا عن رجل السياسة فدائما لديه نظرة إستباقية للأحداث وتوقع لحدوث الأزمات والعمل على الاستعداد لمواجهتها و بحث عن حلول مقترحة غير نمطية لها ليشغل مجتمعه موقعاً مرموقاً دائم التفكير في الأجيال القادمة. لا تغريه المناصب ولا يعميه بريق السياسة هدفه دائما صالح الوطن والمواطنين حتى لو اختلفوا معه فكريا أو عقائديا أو طائفيا أو عرقيا قبل الحصول على لقب سياسي فهو يعمل على تسخير كل ألإمكانيات المتاحة لخدمة المواطن يتميز رجل الدولة بالعزيمة والتصميم والتعقل، لا يتردد في المخاطرة عند الضرورة مع اتخاذ ما يلزم من الحذر.
وضع حلول لما هو معقد، يقيم عمل الآخرين ويسأل عن ما لم يخطر ببال يتجنب دخول الحروب حتى لو كان النصر حليفه يؤمن دائما بالحلول الدبلوماسية لأي مشكلة
لذلك الدول الديمقراطية تنجح برجال الدولة و الأحزاب تنجح برجال السياسة ونجاح الحكومة بالاثنين معا
وقد فرق رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق جورج بومبيدو بين مصطلح السياسي و مصطلح رجل الدولة بأن رجل الدولة هو سياسي يضع نفسه في خدمة شعبه، في حين أن السياسي هو رجل دولة يضع شعبه في خدمته.
والجمهورية الجديدة كما تحتاج إلى السياسيين ورجال الدولة تحتاج أيضا إلى مساحة اكبر من الديمقراطية لكن من العجيب أن السياسي في الوطن العربي عموما عندما يتحدث عن الديمقراطية يقول نحن غير مهيئين للديمقراطية، وذلك حتى يجنب نفسه مشقة الدخول في نقاش قد يظهر ضعف منطقه وقلة خبرته بينما رجل الدولة يقول نحن نحتاج إلى الديمقراطية فالاستماع إلى الرأي الأخر قد يلهمه فكرة أو أفكار يغذي بها مخزونه المعرفي ويضيف لخبراته خبرات متنوعة تعاونه على حل العديد من التحديات في الفترة الحالية أو في المستقبل.
تعلم الديمقراطية يشبه تعليم الطفل القراءة و ألكتابه لن نتعلمها بين عشية وضحاها يحتاج الأمر تدريب وبذل جهد و السعي خطوات على طريقها تزداد تدريجيا حتى نصل إلى الديمقراطية الكاملة وإلا سوف نظل في ظلمات الجهل والديكتاتورية إلى يوم يبعثون لابد من الاستماع إلي الرأي الأخر لابد من وجود هيكل أو أكثر للمعارضة بصورة رسمية تعترف به الدولة، وتصحيح فكرة أن المعارضة تعمل على معاداة الدولة وتسعى لإسقاطها، أو أن المعارض إنسان خائن يجب أن يكون مصيره النبذ من المجتمع أو خلف قضبان السجون
يجب ألا تكون المعارضة مجرد حالات فردية كمن يحرث في الماء مجهود بلا نتائج
لذلك نحن في حاجة لرجل دولة يسمع و يفند ويخرج بنتائج تجني ثمارها أجيال قادمة.
لن تتحقق الجمهورية الجديدة بمباني و إنشاءات لكن تتحقق بالقضاء على كل جذور الفساد، وبالتخلي عن نمطية التفكير وبالاستماع إلى الرأي الأخر وبان يشعر كل مواطن بعائد التنمية كما شارك في دفع فاتورة الإصلاحات
عندما نصل إلى تلك المرحلة سوف يكون معنا تذكرة سفر للجمهورية الجديدة. عرض أقل