كتب : تــامــــر إدريــــس
أوّل من ذكره (الجاحظ) حين أَورد في كتابه “القول في البغال” نوادر بطلها (جُحا) دون أن يترجم له.
لكن للأسف هذا كله من الأكاذيب.. وإليك الحقيقة:
جحا ليس أسطورة بل هو حقيقة، واسمه (دُجين بن ثابت الفزاري رحمه الله أدرك (أنس بن مالك) رضي الله عنه، وروى عن (أسلم) مولى (عمر بن الخطاب) و(هشام بن عروة)، و(عبد الله بن المبارك)، وآخرون.
ولد (جُحا) في القرن الأوّل الهجري (60هـ) وقضى الشطر الأكبر من حياته في (الكوفة) ، توفي فيها في خلافة (أبي جعفر المنصور) عام 160هـ.
قال عنه الإمام البخاري: “دُجين بن ثابت أبو الغصن اليربوعي، سمع من أسلم مولى عمر، روى عنه مسلم وابن المبارك “.
وقال عنه الشيرازي: “جُحا لقب له، وكان ظريفاً، والذي يقال فيه مكذوب عليه”.
وقال في وصفه الحافظ ابن عساكر : ” عاش أكثر من مائة سنة، وهذا كله تجده مسطوراً في كتاب “عيون التواريخ” لابن شاكر الكتبي (ص 373 وما بعدها).
وذكر في ميزان الاعتدال للذهبي (المجلد الأول) ما نصه:
“حجا هو تابعي، وكانت أمه خادمة لأنس بن مالك وكان الغالب عليه السماحة، وصفاء السريرة، فلا ينبغي لأحد أن يسخر به إذا سمع ما يضاف إليه من الحكايات المضحكة”.
وقال فيه الجلال السيوطي: “وغالب ما يذكر عنه من الحكايات لا أصل له”.
ونقل الذهبي أيضاً في ترجمته له: “قال عباد بن صهيب: حدثنا أبو الغصن جحا وما رأيت أعقل منه وقال عنه أيضاً: لعله كان يمزح أيام الشبيبة، فلما شاخ أقبل على شأنه وأخذ عنه المُحدثون”.
وقال الحافظ ابن الجوزي – رحمه الله- عنه: “ومنهم ( جُحا ) و يُكنى أبا الغصن، و قد روي عنه ما يدل على فطنةٍٍ و ذكاء، إلا أن الغالب عليه التَّغفيل ، وقد قيل : إنَّ بعض من كان يعاديه وضع له حكايات والله أعلم”.
وكان مما قاله القطب الشعراني في كتابه :
(المنهج المطهر للقلب والفوائد) : “عبد الله جُحا تابعي ، كما رأيته بخط الجلال السيوطي الذي ألّف كتاباً عن (جُحا)، جواباً لسؤال ورده مستفسراً عنه.
قد جَمع فيه القصص المنسوبة إليه، سماه : “إرشاد من نحا إلى نوادر جُحا” قال :”.. فلا ينبغي لأحد أن يسْخر به إذا سَمِع ما يضاف إليه من الحكايات المضحكة، بل يَسأل الله أن ينفعه بركاته.
وقال الجلال:” وغالب ما يُذكر عنه من الحكايات المضحكة لا أصل له ، قال شيخنا: وذكره غير واحد ، ونسبوا له كرامات وعلوماً جمّة”.
ختاما :
إن الألقاب الكثيرة التي أُلصقت بشخصيّة (جُحا) والتي منها : (الأحمق والمغفّل والطفيلي) تتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف التي تنصّ على عدم السخرية من الآخرين، فلقد قال تعالى :
﴿ يا أيّها الذين آمنوا لا يسْخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ﴾.
فإياك أن يأتي (جحا) خصمك يوم القيامة وهو تابعي من التابعين يخاصمك فيما تفتري عليه به في المجالس ..
المصادر : سير أعلام النبلاء-الذهبي /تاريخ الكبير -البخاري / لسان الميزان- العسقلاني / أخبار الحَمْقى والمغفلين- الجوزي/ نوادر جُحا الكبرى” حكمت شريف الطرابلسي.
نقاش حول الموضوع الحالي