رواية ” ثعلب_ثعلب” للروائي الكبير أحمد فضل شبلول
مراجعة غادة سيد
هل رأيت يوما ثعلبا يسير في الشارع بأريحية؟
هل دعوت أحد الثعالب في بيتك على طعام العشاء؟
هل الناس في حياتنا يتقنعون بأقنعة الثعالب أم الثعالب من تتزي بزي البشر؟ هل هم وحوش ضارية أم شياطين متدثرة، أم الواقع يتخطى كل ذلك لكننا ألفناه للدرجة التي لم تعد أعيننا ولا أنوفنا تميزه.
هنا ستتقبل كل الغرائب و العجائب. ستعيشها حلما ممزوجا باليقظة. حتى لأنك ستكون جزءا من كل هذا.
ستفشل كل محاولات إخراجك من بين دفتي الرواية ستعلق بين السطور مع قدر متناهٍ من الدهشة والمتعة محتفظا بوعيك فهو سلاحك الذي لن تتخلى عنه لتربط الأشياء و تفهم الرسائل وتفكك ما استعصى عليك من عقد.
هنا لن تجبر على اسقاطات معينة سياسية؛ داخلية وإقليمية وعالمية، لكن ظلالا ستحوم في مخيلتك تصل الخيال بالواقع بأحداثه وأماكنه وخصائصه فتُجلي أمورا لم تستطع أقوى برامج ما يسمى “التوك شو” على شرحها على أيدي خبراء و فقهاء و تنويريين.
نسيج الرواية سحري، لغة و سردا وحوارا وتوثيقا مع عدم التخلي عن البساطة رغم المفردات الصعبة؛ التي يشرحها الكاتب في آخر الرواية مما يجعلك تتعاطاها بنهم وتعطش، فتنمي القريحة و توقظ العقل المغيب من سباته. هو نسيج مفعم باللون والطعم و أهم ما يميزه الرائحة. أكاد أجزم أن حواسك الخمس ستقرأ معك الرواية وتعيش ما بها من أحداث.
عناوين الفصول مختارة بعناية شارحة، مشوقة، لها جرس و رنين يطرب. تصلح جميعها أن تكون عناوين لأعمال مستقلة.
و مادامت الرواية تحمل اسم ” الثعلب ” فكن على يقين انك و – على طريقة الأديب الكبير أحمد فضل شبلول – ستحصل على فيض هائل من كل ما ذُكر في الثعالب.
صفاتها، أسماؤها، كُناها، فصائلها و ما نظم فيها من شعر و ما كتب عنها من قصص أو رسم من لوحات حول العالم، وتأويلها في الأحلام، بل ستتعرف على من تسمى بأسمائها من شخوص و قبائل و حتى الأمراض.
سيحدث ذلك دون اعتراض للأحداث لأنه يضع المعلومة في المكان الذي كنت حتما ستترك الرواية للبحث عنها فها هي أمامك تضفي مزيدا من الوضوح مما يزيدك شوقا لمعرفة بقية الأحداث.
اقتباسات:
– تسير في صمت متأملة الأمواج الزرقاء وهي تتكسر فوق الرمال الصفراء، بعضها يعود من حيث جاء والبعض الآخر تشربه الرمال كأنها تشرب فنجانا من القهوة الصباحية فتنتعش و تبوح بأسرار البحار.
– أما البجع نفسه- الذي كان يسبح في البحيرة الصغيرة أو البِركة الصناعية أمام الكازينو وكأنها دموع الزمان تجمعت، فقد لا حظت ان أعداده قليلة.. لا شيء أضيع من مودة تُمنح من لا وفاء له.
رواية ” ثعلب ثعلب” للروائي والشاعر و الناقد و المحكم وصاحب الدراسات و المعاجم. حاصد الجوائز المبدع الكبير أستاذ “احمد فضل شبلول”، رواية ليست فقط تستحق الاقتناء والقراءة عدة مرات بل تصلح أن تكون مرجعا علميا متنوعا عن التاريخ و اللغة و الفنون و العلوم.
استمتعت جدا بقراءتها و كان استثمارا رابحا للوقت.. ألف شكر كاتبنا الكبير.

نقاش حول الموضوع الحالي