سخرية
بقلم : رقية علاء
دخلت المعلمة الفصل ، ومعها تلميذة ، وبادرتنا بقولها : صباح الخير يا أولاد ، اليوم سأقدم لكم زميلة جديدة ، ( سما ) عزيزتي هل تأتين؟
دخلت سما فصلها ، وهي تنظر إلى الأرض لخجلها الشديد .؟
طلبت منها المعلمة أن ترفع رأسها ، وبالفعل استجابت (سما) ، ولكن ما أن رفعت رأسها حتَّى تكلَّمت إحدى الطالبات قائلة بسخرية فجَّة : ما هذا الجلد؟!! ،
ثم قالت بتقزز : هل هو معدٍ ؟؟ وتبع جملتها هذه أصوات ضحك من الجميع بسخرية من ( سما ) التي كادت أن تبكي سما ولكن المعلمة ردَّت قائلة : شذى ،فلتعتذري لسما ،الآن.
نظرت شذى (لسما) بنظرة حقد ثم قالت : آسفة :
قالت (سما) لا بَأس هذا ثم اتجهت بسرعة إلى آخر مقعد بالصف ، وبعد انتهاء أربع حصص من حصص اليوم ، جاء وقت الاستراحة ( الفسحة ) ذهبت ( سما ) إلى كافتريا المدرسة ، ولكن وهي في طريقها اعترضتها شذى ، واثنتان من أصدقائها (سهى ، نادية ) تحدثت شذى بسخرية ، وهي تنظر لـ(سما ) باحتقار : هل تعرفين ، بالرغم من هذه البقع البيضاء إلَّا أنك مازلتِ سوداء عزيزتي ،
هذا يعني أنه مهما حدث ستظلين هكذا ، فلا تظني أنك من صاحبات البشرة البيضاء ، لا فأنت مازلتِ سمراء بشعة ، ثم ضحكت بسخرية ، فضحك معها الفتيات أيضًا في حين أن (سما) كانت تبكي بشدة حتى قالت سهى بسخرية : يا لها من مسكينة تبكي بشدة ، كالأطفال ، ثم تقدَّمت إليها ،
وأخذت تواسيها بمكرٍ قائلة: ليس بيدك شيء يا ( سما ) ، فقدرك أن تكوني قبيحة عزيزتي ثم ضحكت الفتيات مجددًا ، وهذه المرَّة أضافت نادية : أعتقد أن اسم (سما ) لا يليق بها فلنغيره قليلًا ، ليكون سمرا ضحكت شذى بسخرية ، وقالت : إنه اسم معبِّر بحقٍّ ، ما رأيك يا سمرا .
كانت (سما) تبكي وتبكي ، وهي غير قادرةٍ على التصرف ، وهنَّ يقُلن بسخرية بالوقت نفسه ، ويضحكن :سمرا، سمرا، سمرا ، لم تتحمل (سما) ، وأخذت تجري إلى أن وصلت لصفها ، وجلست على مقعدها، ولم تتحرك حتى انتهى اليوم الدراسي، وعادت إلى منزلها.
نعم ( سما ) فتاة سمراء البشرة ، لكنها منذ فترة أصيبت بمرض البهاق ، وهي فتاة طيبة القلب جميلة الملامح ، وأيضًا متفوقة في دراستها ، لكن منذ أن دخلت هذه المدرسة عانت من هذا التنمُّر البشع وقلَّ مستواها في دراستها ؛ لتنمر زميلاتها عليها ، وهي لا تقوى على إخبار أحد من أهلها ، فقد هددتها شذى من قبل، لهذا كان سبيلها الوحيد الكتابة .
وفي يوم أوقفتها أمها قائلة ، وهي غاضبة: (سما ) ما هذه الدرجات؟ لماذا لا تدرسين جيدًا : آسفة يا أمي سوف أبذل مجهودًا أكبر في المرَّة القادمة .
صرخت بها أمِّها قائلة :كيف تتحدثين معي بهذا البرود عليك أن تحترميني .
لم تقدر ( سما) على التحمل هذه المرَّة أيضًا ، وقالت: ماذا أفعل إنك لا تشعرين بي لهذا من فضلك لا تتدخلي بي ثم ذهبت مسرعة إلى غرفتها ، وأغلقت الباب .
كانت ( سما ) في مكان غريب ، ولكنه جميل كانت تجلس أسفل شجرة كبيرة تحتمي في ظلها ، وهي تبكي ، وتنظر حولها بنظرات غير مفهومة حتَّى رأت شخصًا يأتي من بعيد مهلًا هل هي الأميرة تيانا؟؟ إنها أميرة ديزني المفضلة لدي ( سما ) ، فقد كانتا يتشاركن لون البشرة نفسه ، ذهبت تيانا إليها ، وقالت: لماذا تبكين يا صغيرتي ، ومسحت دموعها بيديها.
قالت (سما) : إنهم يكرهوني ؛ لأني سمراء ، ولأنِّي مصابة بمرض البهاق إنَّني حقًّا أكره هذه الحياة ، وأخذت تبكي وتبكي ، مسحت تيانا دموعها مرة أخرى ، وقالت : لا تهتمي لهم يكفي أن تحبِّي أنت نفسك، إنك مميزة عزيزتي ، مميزة بلونك الفريد ،بشخصيتك الجميلة، بقلبك الرقيق إنك كالأميرات ،ألَّا يكفي هذا؟؟ :
حقًّا :نعم انظري بداخلك ، ولا تهتمي لأحد ثم اختفت تيانا ، واستيقظت (سما ) في الآونة الأخيرة كرهت ( سما ) الاستيقاظ للذهاب للمدرسة ، لكن اليوم كان مختلفًا استيقظت ، وقررت أن لا تسمح لهم بأن يحزنوها مرَّة أخرى ، ولكنها ذهب أولا إلى والدتها لكي تعتذر لها عن ما حدث اليوم الماضي ثم تجهَّزت ، وذهبت إلى مدرستها ، وفي الاستراحة ، وعندما ذهبوا لها ، وقالت إحداهن: ها هي قد أتت مرَّة أخرى ، سمرا ضحكت ( سما ) هذه المرة ، وقالت : آسفة عزيزتي ، ولكنني لست متفرغة لتفاهتكم ،
- قالت نادية بحقد شديد : انظروا ، وأخيرًا أصبح لها فمٌ ، لتتكلم به قالت ( سما ) : بالمناسبة ، أريد أن أشكرك على اختيار اسم (سمرا) ؛ فإنه معبِّر ، ومميَّز ، ولهذا أحببته ، ومن بعد هذا اليوم عادت ( سما ) إلى سابق عهدها ، فقد شاركت في العديد من الأنشطة والمسابقات ، وتفوَّقت أيضًا في امتحاناتها حيث أصبحت الأولى على المدرسة ؛
فقررت المدرسة أن تكرمها ، وبالفعل كُرِّمت ( سما ) في فناء المدرسة تحت أنظار المتنمِّرات اللائي اعتذرن لها في وقت لاحق ، وبهذا فقد أثبتت (سما) لنفسها ، وللجميع أن النجاح ليس بلون البشرة ، فهذا شيء من عند الله لا دخل لنا به , ولكن بقدر ما يستطيع الإنسان أن يكون نافعًا لنفسه وللآخرين.


































































