شخصية اليوم هي شخصية من ألمع الشخصيات في تاريخ الإسلام
الملك الناصر صلاح الدين
( 532 – 589 ه ) – ( 1137-1193م)
يكتبها : محسن حديد
ظهر صلاح الدين فى النصف الثانى من القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي
في وقت اضطربت فيه أحوال مصر وأحوال الشرق الإسلامي بصفة عامة.
وجاء الفرنج الصليبيون فغزوا بسائط الشام وثغوره وأقاموا المملكة اللاتينية فى قلب الشرق الإسلامي
(سنة 1099م) رمزاً لعدوانهم وخشية من أن ينجح الفرنج فى الإستيلاء على مصر ، بادر نور الدين فجهز قوة كبيرة من (الغز) التركمان أرسلها إلى مصر مع شاور
وكان يقودها أسد الدين شيركوه بن شادى
ومعه إبن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب فوصلت إلى مصر في جمادى الآخرة سنة 558 ه ( مايو 1163م ) .
وهنا ولأول مرة يذكر التاريخ صلاح الدين فى حوادث مصر
وكان هذا الفتى الذي قدر له أن يغدو من أعظم رجالات التاريخ وعلى يدة كتب إنقاذ الشرق والإسلام من عدوان الصليبيين
وهو فى السادسة والعشرين من عمره إذ كان مولده في سنة 532 ه ( 1137م ) بقلعة تكريت الواقعة على نهر دجلة بين بغداد والموصل .
نشأ صلاح الدين يوسف فى كنف أبيه أيوب فى مهاد الكفاح والفروسية ولكنه نشأ في نفس الوقت مهاد العلم والتقى وظهرت عليه منذ حداثته مخائل الهمه والنجابه
ولما بلغ أشده كان بجانب أبيه فى خدمة نور الدين ولما سار مع عمه شيركوه فى قوات الشام إلى مصر سنة 558ه كان من أكابر ضباط الحملة.
واخذ نور الدين وشيركوه يدبران الخطط للاستيلاء على مصر
وتم إرسال قوة إلى مصر بقيادة شيركوه وصلاح الدين فوصلت مصر في شهر ربيع الأول 564ه ( 1167م ) .
أقام صلاح الدين فى مصر زهاء عام ونصف قام فيها بتنظيم شئون البلاد وتحصين أطرافها فأحكمت أسوار دمياط وقلعة تنيس وعنى عناية خاصة بتنظيم الجيش وتعزيز الاهبات العسكرية في أوائل سنة 577ه ( 1181م) .
كان صلاح الدين يرسم خطة الغزاه الكبرى التي يضطلع بها ضد الغزاة الفرنج الصليبيين وعند خروجه إلى الشام قام فى طريقه بعدة غارات ضد الصليبيين
ووصل إلى دمشق بعد أسابيع قلائل ثم غادرها إلى حلب ولم يوفق إلى إخضاع الموصل
إلا بعد ذلك بثلاثة أعوام في سنة 558ه وفى العام التالي استولى على ديار بكر 1186 م
فتم بذلك إخضاع الجزيره كلها وتعزيز الجبهة الشمالية وتأمينها من الفرنج الصليبيين اللذين في الجنوب ماضين فى عدوانهم
حيث تجرأ أمير الكرك وهو رينو دى شاتيون إلى حد أنه نظم حملة بريه وبحرية لقطع طريق الحج وينوى السير جنوباً
حتى يغزو الحجاز ويعتدى على قبر الرسول وهدم الكعبة وفتك الفرنج بالحجاج واسروا الكثير منهم .
فبادر الملك العادل ولد السلطان ونائبه إلى مصر بتجهيز حملة بحريه قوية سارت إلى البحر الأحمر وطاردت مراكب الفرنج ومزقتها وافرجت عن كثير من المسلمين الأسرى
ومزقت أيضا قوي الفرنج البريه واسرت منها عدداً كبيراً حملوا إلى القاهرة وضربت أعناقهم
( أبريل 1183م )
وتابع صلاح الدين إغارته على الفرنج وعاث فى مناطق بيسان وجنين ونابلس واعتزم بنوع خاص أن يستولى على قلعة الكرك الحصينة
ويعاقب صاحبها البرنس رينو على عدوانه وجرائته لقتل الحجاج.
فحاصرها غير مره وضربها بالمجانيق بشدة ولكنها صمدت فى وجه . وتم عقد الصلح والتهادن بين الفريقين لمدة أربع سنوات
( أغسطس 1184م) ولكن هذا الأمير المغرور الغادر رينو ما لبث أن نكث العهد وعاد إلى عدوانه ففتك بقافلة من التجار المسلمين حين مرورهم بجوار قلعته واستولى على أموالهم .
وهنا أقسم السلطان صلاح الدين بأنه أن ظفر بهذا الأمير الغادر سوف يقتله بيده . وتم التجهيز للمعركة الكبرى وكان صلاح الدين قد أرسل إلى سائر الجهات في مصر والشام والجزيرة
يستنفر الناس إلى الجهاد ويحثهم على الاستعداد وفى أواخر المحرم سنة 583ه ( أبريل سنة 1187م)
خرج فى قواته من دمشق وصار إلى بصرى ليحمى منها طريق عودة الحجاج وتم أسر رينو وبارزه صلاح الدين وقتله لما اقترفه في حق الحجاج فى موقعة حطين .
وعلى أثر عقد الصلح سار صلاح الدين إلى بيت المقدس وأمر بإصلاح أسوارها وإنشاء المدارس وكان يعتزم قضاء فريضة الحج
ولكنه شعر بالاعياء والضعف فسار إلى دمشق في أوائل شعبان ليستريح بها ولم تمضي ثلاثة أشهر أخرى حتى مرض صلاح الدين الايوبي
وتوفى فى السابع والعشرين من صفر سنة 589ه ( 4مارس سنة 1193م ) وهو فى السادسة والخمسين من عمره نتيجة المشاق السير في الحروب المستمرة
التى استطالت منذ موقعة حطين رهاء خمسة أعوام قد أثرت على بنيته السقيمه واستنفذت قواه
حيث وهب حياته للجهاد في سبيل الله وإنقاذ الاسلام و المشرق من عدوان الغرب واستطاع قبل وفاته أن يحقق أعظم أمانيه باسترداد بيت المقدس وسحق مملكة الفرنجة الصليبيين وأن يجمع كلمة الشرق الإسلامي ويعيد وحدته الإقليمية.
صلاح الدين الايوبي فارس الاسلام بحق