متابعة /نجاح حجازي
تعقد جلسات مؤتمر جامعة الأزهر، المؤتمر العلمي الثالث للبيئة والتنمية المستدامة، تحت عنوان: «تغير المُناخ ؛ التحديات والمواجهة»، على مدار ثلاثة أيام من السبت إلي الاثنين ، من 18 إلى 20 ديسمبر 2021م، بقاعة المنارة بالتجمع الخامس، انطلاقا من سعى الأزهر الشريف لعقد عدد من المؤتمرات والندوات وورش العمل تمهيدًا وتحضيرًا ودعمًا لمؤتمر الأمم المتحدة COP27 الذي تستضيفه مصر بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر 2022م.
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف،
خلال كلمته في مؤتمر جامعة الأزهر
إن التقدم المادي الذي تميز به القرن الماضي يعد من أعظم مكاسب البشرية على الإطلاق، وفضل به هذا القرن على سائر القرون، مشيرا إلى أنه لم يواكبه تقدم موازٍ في المجال الخلقي الإنساني، وهو الجانب المعول عليه في تصحيح مسار الإنسانيّة وتقويم سلوكها حين يلتبس عليها الخير بالشر في الفكر، ويختلط الحسن بالقبح في الفعل.
وأضاف فضيلتة، أن الفلاسفة والمفكرون توقعوا خطرا ماحقا سيحل بالإنسانية كلها، وقد يعود بها إلى عصور ما قبل التاريخ نتيجة هذا التفاوت بين الأخلاق والتقدم المادي ، وقد نبَّه كثيرٌ منهم إلى أن هذا الخطر .
بدأت تبدو نُذُره على استحياء مع حلول القَرنِ التاسع عشر، وهو القرن المعروفُ بالانفجار المعرفي في المذاهب العلمية، والمدارس الفلسفية على مختلف مشاربها.
وتابع الإمام الأكبر أنه مع القرن العشرين توقع الناس أن يكون ما حدث وسيحدث من تقدم علمي وفلسفي وثقافي قادرا على تربية الإنسان وتهذيب أخلاقه وترقية مشاعره، وكفيلا بتقليل نوازعه في الغلبة والتسلط والاستقواء على الآخر، غير أن خيبة الأمل كانت أقسى وأمر من سابقتِها.
فلم يكد ينتصف هذا القرن حتى سجل تاريخه الدموي، وقوع حربين عالميتين، ذهب ضحيتهما ما يقرب من ثمانين مليونا من القتلى من خيرة الرجال والنساء والشباب، دون مبرر منطقي، ولا سبب معقول.
وأردف أنه بالإضافة إلى ما سبق جاء ظهور الردعِ النووي، ليمثل رعبا جديدًا، وليمكن قلة من الأغنياء بأن يستأثروا بثروات الأكثريّة السّاحقة من الفقراء. ثم أطل القرن الواحد والعشرون بسياسة استعمارية جديدة، شديدة العنف والقسوة، نَحْنُ العربَ والمسلمين، نعيـش تبعاتها اليوم واقعا حزينا ممزوجا بالدم والتراب والدموع والخراب.
وذكر الإمام الأكبر بما اقتنع به كثيرون من حكماءِ الغرب والشَّرق المعاصرين، وفرَغُوا من إثباتِه كحقيقة لا تقبل الجدل، هي: أنَّ التقدُّمَ العلمي لم يواكبه تقدم مُوازٍ في الأخلاق، وأن التطور التقني وبخاصة في مجالِ صناعة الأسلحة الفتاكة، جاء خالي الوفاض من كل القيم القادرة على ضبطه في الاتجاهِ الإنساني الصحيح، بل لوحظ أن الحروب يزداد سعيرها كلما ترقى العلم في سلم التطور، حتى صار التقدم العلمي واندلاع الحروب كأنهما فرسا رهان، يسابق كل منهما الآخر ليسبقه.