كلام في الغيبيات (17)
منتدي الحروب
الاتجاه المعاكس الخلاق
دكتور / كمال الدين النعناعي
الغيب عالم من المعاني،
فيولد المعني من أتجاه معاكس
يتخلق من نقيضين فيعطي للفعل قيمة.
لذا تسعي البشرية للسلم كأتجاه
معاكس للحرب،
وتدعم الجلاء كأتجاه معاكس لٱستعباد الأرض،
فالحرب شأن آنساني والشهادة
شأن الهي فاذا هم أحياء عند
ربهم يرزقون.
وبمجيئ الاسلام بمفاهيم تجعل للحرب معني بعد قرون
من حروب فطرية يحفزها طلب المجد الشخصي ومقاصد
البطولة الفردية ومن ثم كانت
مرجعية الاقتحام ناتجة عن تأكيد الذات الواحدة الشخصية
أو الذوات الجمعية العنصرية الي أن تخضع لقانون الله جبرا
أو أختيارا
وكلما أوقدوا نارا للحرب أطفٱها الله اذ لم تكن ذات معني
تلك صفحة من التاريخ طويت..
ففي معادلة النقائض يفرز الاحتدام في أيام التاريخ الجديد ٱتجاه معاكس يتخلق تلقائيا فيما بين الوجود والعدم
ومن ثم كل عدوان يعادله
نضال مقاوم ينشٱ عفوا عندما
ينزوي عن العدوان معني يتآلف
مع الحضور الانساني ويصير بلا معني..
دالة ذلك التحول التاريخي قوله تعالي
(غلبت الروم في أ دني الأرض
وهم من بعد غلبهم سيغلبون
في بضع سنين، لله الأمر من
قبل ومن بعد)
بذلك المعيار الالهي يكتسب كل
طرف من أطراف الصدام حالتين معاكستين نصر وهزيمة
وفقا لكل حالة حق لصالح كل طرف علي التوالي دوريا من أجل توليد معني للحرب وبناء قوانين تقترب من
قوانين الله ومشيئته.فتجعل للحرب معني وليكون لدفع العدوان قيمة تنشأ عن ضرورة
حياتية مادية ما تلبث ٱن تفضي الي ضرورة روحية
نحو الشهادة
ودائما يفسر التاريخ في مسطراته الاحتدام بمقتلة عظيمة عندما يكون المبعث
بعيدا عن السببية السامية
وقد أتفق فلاسفة الأديان السماوية علي أن الانسان جسم
وروح ولما كان حياته ينتابها
حرب وسلام ، يظل يعاني الحاجة الي تلبية أحتياجات الأبدان بنشدان السلام،
واحتياجات النفوس والأرواح بنشدان الله والارتقاء الي ملكوت الله زهدا في قلق الارض
ومن ثم عندما يسمو فكر مقاومة العدوان
الي جوهر الأبدان فتنتج الحس القتالي الباسل علي النحو الذي نعاينه في غزة فلسطين
فليس من داع للعجب عندما تلامس رضوان الشهادة الروح فتتلقي
النفس أحضان الروح القدس
راضية مرضية ولسان حالهم يقول (ياليت قومي يعلمون بما
غفر لي ربي وجعلني من المكرمين)
ففي النصوص المقدسة دعوة
لثبات المقاتلين في قوله تعالي
( فان تألمون فانهم يٱلمون كما
تٱلمون…) صدق الله العظيم
ومن ثم تصبح نداءات الانحياز
المعادية للااتجاه المعاكس المقاوم تفتقد الي معني مرموق
في الوجود ولا يزيد عن نفايات
خالية من المعني الذي جاءت به الكتب السماوية بلا تمييز
بين الانبياء والمرسلين ومتبعيهم.لٱختلال الميزان .
ولكن بقانون واحد وبمعيار الهي ذي أتجاهين متقابلين
اقتحام يواجهه نضال…
عدوان يواجهه مقاوم..
ظلم يواجهه حق…
فتستقيم سنة الوجود وتتخلق
مبادئ العدل الصحيح
فاذا ٱستشهد بعضا قلة أو كثرة
ولم تعد لهم أرادة بدنية وخمدت حواسهم عندئذ تتفاقم
طاقاتهم المجهولة الجوالة فيكتسبون باستشهادهم طاقة
فضفاضة تجلب معرفةطلاقة
جوالة بالعالم الذي فارقوه
( ويستبشرون بالذين لم يلحقوا من خلفهم)
صدق الله العظيم
فاذا أنتهي التاريخ فاذا الذي كان في الوجود قد صار الي عدم
ويصبح المكرمون الشهداء
هم حملة المعني والتكريم
أما الذين قتلوهم فتعسا لهم
ولا معني لهم…..


































































