بقلم : مريم عوادي
أتذكر جيدا عندما سألتني أستاذتي في الكلية اثناء حصة التعبير الشفهي، ماذا لو صمت العالم كله لمدة دقيقة وانصت إليك؟
ما الذي ستقولينه؟ اجبت حينها بتسرع و من دون تفكير معمق ” كنت لأطلب من البشرية جمعاء أن يتقبلوا إختلافات بعضهم و يتعايشوا، أن لا يحاولوا تغيير بعضهم البعض ، أن يعيشوا بسلام و في سلام ” لكنني اليوم أتوسل للمولى عز و جل أن يوفقني لمقابلة أستاذتي التي إستقالت كي تتسنى لي فرصة إخبارها أنني قد غيرت رأيي فى أفكارى التى ناقشتها فيها و لو حان لى فرصة أقول شيء للعالم فإنني سأقول بصارح العبارة ” لا تجعلوا من أطفالكم ضحايا لكم ، لأنانيتكم ، و لعلاقاتكم الفاشلة .. ”
لا شك ولا بد أن كل البشر الذين يعيشون في هذا الكون البديع على دراية تامة بأن الأسرة هي أول ما يفتح الطفل عينيه عليها ، اول مكان يسكن ذاكرته، وأول الأشخاص الذين يستوطنون روحه. يولد الطفل ومعه تصور راسخ بان هذا البيت هو أمانه وأولئك الأشخاص حماته وسنده. ولكن في كثير من الأحيان سرعان ما يتدمر هذا التصور البريء ليصبح كابوسا يعرقل النمو النفسي السليم للطفل ويثبط أي محاولات جاهدة يحاول القيام بها حتى يتفوق دراسيا.
الكثير من أولياء الأمور يتذمرون من التحصيل الدراسي المتدني لأطفالهم و لكن القليل فقط من يكلفون نفسهم عناء التساؤل رغم أنه من أشهر مقولات مجتمعاتنا ما ينص على أن ” لكل شيء سبب” ، و لذلك اليوم ها أنا هنا أسأل بالنيابة عن كل أب و أم ، بالنيابة عن كل من يؤذون أولادهم نفسيا و جسديا لا إراديا ، كل من يقحمون الأطفال في مشاكلهم الزوجية ، كل من يصبون أمراضهم وعقدهم النفسية على أولادهم و كل من ينتقمون لماضيهم السيء بقمع و تدمير أجمل ما في هؤلاء البراعم البريئة … ألم يحن وقت التوقف ؟ ألم يحن وقت إستشعار هذه المسئولية التي إخترتموها بأنفسكم؟ ألا تدركون أنكم تهدمون حياة أفراد عن طريق إنجابهم للدنيا وتعذيبهم؟
أتوجه اليوم إلى كل أب وأم بأصدق دعوة لإعادة النظر في علاقتكم بأبنائكم، راجعوا أنفسكم وتصرفاتكم نحو أطفالكم، أعرفوا إن كنتم داعما أم هادما لهم، إن كنتم أجمل ما في حياة اطفالكم ام من يتسبب في اسوأ ما فيها.
هكذا أدعو على حد سواء كل شاب وشابة مقبلين على الزواج للتفكير بتمعن ما أن كانوا أهلا لهذا التكليف العظيم، كما ادعوهم للتحضير النفسي والمادي وذلك بغية إستقبال وتربية أطفال أصحاء نفسيا يخدمون مجتمعهم ولا يحطمونه أو ينجبون المزيد من الضحايا لهذا العالم.
أطفالكم أمانة أودعها المولى عز وجل بين ايديكم فأحسنوا اليهم!
نقاش حول الموضوع الحالي