بقلم / ابتسام الجندي
اخصائي إجتماعي
وكوتشينج أسري و علاقات
منذ فتره كنت مع مجموعه من الشابات وهم من متحدي اعاقة كف البصر فكانت معلوماتي انهم أصدقاء الاذاعه او أنهم يرون العالم من خلال حاسة السمع فأثناء النقاش سألتهم الي ماذا يستمعونو ماهي الاغاني التي يفضلونها فاكتشفت انهم كاقرانهم يستمعون الى اغاني المهرجانات والاغاني الحديثه التي لا تساعد على شحذ الخيال او تربية حاسه مرهفه وانا لا أدري لماذا لا نهتم بترقية زوق الأبناء فان الشعوب الراقيه هي الشعوب المترقي فنها فمن الملاحظ ان الامم العريقه تجاهد في الحفاظ على ثقافتها وهويتها و تغرس في ابنائها الاستماع و القراءه للأعلام فما زالت النمسا تربي اولادها علي موسيقى باخ وموتسارت الذان رحلا منذ ما يقارب الثلاث قرون والمانيا التى تقدر وتقدس موسيقى بيتهوفن وهو أيضارحل منذ ما يقارب الثلاثة قرون ومازالو يستمعون الي موسيقاه ويغرسون حبها في ابنائهم “هذا لا يعنى أنهم لايستمعون الى الموسيقى الحديثه أيضا لإحداث التوازن فهي ليست دعوه للحياه فى ثقافة الماضى وفقط “ولكننا نجد أن سيمفونيات بيتهوفن وموسيقى موتسارت وباخ مازال العالم يستمع اليها وتعزف في المحافل لكننا نحن وللأسف لاأدرى لما لا نحافظ على تراثتا ونثري ثقافتنا فنجد اننا اصحاب مقولة زامر الحي لا يطرب (وأيضا نحن الذين قيل فينا الليث أعلم من مالك لكن قومه ضيعوه فنحن قوم الإمام الليثى) فنجد ان ابنائنا من الشباب وماتلاهم من اجيال لا يستمعون الى موسيقى “عبد الوهاب” أو اغاني “سيد درويش” وهم بالمقارنه بأعلام الموسيقى الغربيه مازالو قريبو العهد بنا وهم أيضا ليسو من هواه الاستماع الى “ام كلثوم” و”ورده “”عبد الحليم” الذين هم أقرب عهدا ولا استطيع الآن حصر أعلامنا الذين لانهتم بماتركو من تراث متمنيين أن يخلد ذكراهم ، فاهمية الفن الذي كان يقدم في العصر الذهبي لنا أنه صنع منا رواد للمنطقه فقد كان بمثابة جرعه ثقافيه من خلال اللحن الذي كان ينسق كأنه خيوط ذهبيه والكلمات التى تنظم بعنايه لتقدم في النهايه لوحه مغناه مكونه من ثلاثه أضلاع يتباري اطرافها في امتاع المستمع وتخليد العمل وليس (تيك اواي ) كما يعرف الان حديثا فمنذ عده اعوام استحدثت فكره ان الاغنيه كخطوط الازياء تاخذ فتره ثم نستمع الى غيرها فلم نعد معنيين ببناء التاريخ أوبالخلود فالفن الخالد الذى رغم رحيل صانعيه يبقي أثرهم و يظل الجميع مرتبطين بأعمالهم فيستمعون اليها ويستمتعون بمعانيها ويتذكروا من قدمها لهم وتصبح بمثابه معلم للاجيال فاصبحت ثقافه (التيك أواي) هي السائده فنحن نستمع الى الاغنيه ونستمتع بها من وجهه نظر هذا الجيل ثم تنطلق أغنيه أخري تحل محلها بكلمات دارجه بلا معاني واحيانا فجه ولها معاني سيئه وهكذا تدورالدائره وأصبحنا صناع للقبح ولم نعد نهتم باستكمال التاريخ وأيضا فقدنا التراكم الذي من خلاله يعلم الجيل جيل تالي بيسلم جيل في النهايه تصبح كقطعة الذهب التى كلما مر عليها الزمن تزداد قيمه واصاله ولا تقدر بثمن فأحد عوامل تحقيقنا ريادة المنطقه وان تصبح لهجتنا العاميه بمثابة اللهجه التى تجمع كل الدول العربيه هى أغانينا وأفلامنا التى كنا نعلم قيمتها وأهميتها وأرغب الآن أن أختم بكلمات أحد أغنيات الفنانه “ورده” التى هى بمثابة قصه مغناه وهى أغنية (لازم نفترق) من كلمات “حسين السيد” و الحان “محمد الموجي” ربما تكون تذكره لجيلنا ودعوه لمن تلانا من أجيال كى يدخلو مغارة على بابا ويكتشفو كنوزها المخبأه ومطلعها بيقول ” أول قضية حب فى دنيا الهوى أنا و إنت يا قلبى اللى عشناه سوى قضية بين قلبين فى دوامة ألم أصعب ما فيها جرح بيعيش فى نغم و أحلى ما فيها دموع من غير ندم”