“ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين”
المقال الاسبوعى للأستاذة الدكتورة مفيدة ابراهيم على عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية
متابعة ناصف ناصف
أن عزّة النفس تعطي جمال لصاحبها وفخر ووقار لهُ بين الناس وتعطي مكانة في نفوس الآخرين وفي قلوبهم والعزة هي الوقار التي يتحلى بها الشخص والتي يحترمها كل من يشاهدهُ والتي ينشرح لها العظماء والكبار من الناس . قال تعالى : “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا “الإسراء -70 , فهذه الآية القرآنية تعطي للإنسان كل عظمته، وكل مكانته، وكل حجمه في الضمير الإسلامي . وقد اهتم الإسلام اهتمّاما كثيراً بموضوع العزّة، حتى كان فيصلاً في كثير من الأُمور، ففي المأثور: “إنّ الله يرضى لعبده كل شيء إلاّ الذلّ”، و”لا ينبغي أن يذل المؤمن نفسه”، وذلك كلّه مصداق لقوله تعالى: “ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين “المنافقون- 8
ومما ذكره علماء النفس عن موجبات السعادة للإنسان، إحساس المرء بعزّة نفسه، أي أن يشعر بأنّه عزيزاً محترماً في ذاته وعند غيره. وفي المقابل، فإنّ شعور الإنسان بالذلّة والهوان وحقارة نفسه، يجلب له الشعور بالتعاسة والشقاء.
وإذا تأصّلت العزة الإيمانية في المسلمين اتحد صفهم، وقويت شكوتهم، وعلت همتهم؛ ليصبحوا قوة ضاربة في الأرض.و صفات من يتحلون بعزّة النفس هم أشخاص تعرفهم من سيماهم لأنّهم يستمدون هذه العزّة من خالقهم لأنّ الله هو القوي , فعزيز النفس يحفظ ماء وجههِ فلا تجد على وجههِ الذلة أو الخضوع , ولا يبذل عرضهُ بين الناس فهم لا يشربون من كؤوس شربت منها الصغار وهم الوضيعين , ممزوج بجسده ومطعّم بالكرامة ومرتاح الضمير, فعزّة النفس هي مرآة للنفس التي يحملها الشخص واحترامها لهُ . والعزّة ليس لها علاقة بالكبر أو التكبّر فهي فقط احترام النفس عن المهانة والتي تكون ممزوجة بالتواضع ؛ فهي صفة جميلة والتي يتحلّى بها أكثرهم أهل العلم فهم يعرفون أنّ الحياة لا قيمة لها دون العيش بكرامة فهي قصيرة جداً لأن يذل نفسهُ لصغار الأمور والى ما تشتهيهِ نفسهُ التي تأمرهُ بالسوء , فالعزّة والعلم كخليط جميل يخرج أجمل ما في الإنسان ففي العلم الوقار والعزّة , وكما يقولون : من يعش بلا مبدأ يموت بلا كرامة , فالعزّة هي بوابة المبادئ الموجودة في الحياة والتي تندرج تحتها كل المبادئ التي قد يعرفها الإنسان فهي العمود الوحيد للمبادئ . ومن عناية الإسلام بأدب العزة أنه بنى كثيرًا من أحكامه العملية على رعايتها, كما منع القادر على الكسب من بسط كفه للاستجداء؛ إذ كان في استجدائه إراقة لماء وجهه بين يدى من تكون يده هي العليا.
وإذا كان من يحتفظ بالعزة, ولا يصرف وجهه عن التواضع, هو الرجل الذي يُرجى لنفع الأمة, ويستطيع أن يخوض في كلِّ مجتمع, ضافي الكرامة, أنيس الملتقى, شديد الثقة بنفسه- كان حقًّا عليه أن يعمل على أيقاظ الشعور بالعزة, والطموح إلى المقامات العلا حتى يتعلَّم غيره أن المجد المؤثَّل لا يقوم إلا على دعائم العزة والتواضع.
قال صلى الله عليه وسلم: ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير من أن يأتي رجلًا أعطاه الله من فضله، فيسأله أعطاه أو منعه).
أ.د/ مفيدة إبراهيم علي – عميدة كليات الدراسات الإسلامية والعربية































































