” أعداء الانسان “
المقالة الثانية
كتب : سامى ابورجيلة
مانسرده هنا ليس أعداء للانسان فحسب ، بل هى أمراض منتشرة فى جسد المجتمع ، وتلك الأمراض إذا تواجدت فى أى مجتمع أضعفته ، وجعلته متفرق ، وجعلته متشرذم ، وأوجدت العداوة والبغضاء فى القلوب .
لذلك من الأمانة أن نذكر بها دوما ، ونعمل على فتح الجرح الجائر فى جسد الأمة ، كى نعمل على تطهيره ، ونعمل على نزع فتيل الحقد والضغينة من القلوب …
تحدثنا فى المقال الأول عن العدو الأول للإنسان ، ألا وهى النفس الخبيثة .
وأظهرنا مدى خطورتها ليس على المجتمع فحسب بل على صاحبها نفسه .
ونستكمل هذا اليوم باقى أعداء الإنسان ، أو قل إن شئت أمراض الأمة ..
العدو الثانى : الظلم
الظلم كما قال عنه رسول الله ( ظلمات يوم القيامة ) ، والله سبحانه وتعالى توعد الظالم ، وأمهله ربما يستعيد وعيه ويرد الظلم عن من ظلمه ، لذلك قال سبحانه ( ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) .
والمظلوم وعده الله بالاقتصاص ممن ظلمه ولو بعد حين ( لأنصرنك ولو بعد حين ) حتى يطمئن المظلوم ، ويعلم أن حقه لن يضيع ، وسيرد الله له حقه مهما بلغ الأمد ، وطال العمر ( وماكان ربك نسيا ) ، وحتى يرتدع الظالم ، ويعيد الحق لأصحابه ، ويقلع عن ظلمه .
صور الظلم :
للظلم صور كثيرة وعديدة ، منها ماهو ظلم قولى ، ومنها ماهو ظلم فعلى .
أولا : الظلم الفعلى له صور متعددة :
– أكل الحقوق ، وعدم تأديتها لأصحابها .
أمثال أكل ميراث الأخت ، بدعوى جاهلية ( كيف أعطى ميراثنا للغريب ؟ والمقصود زوج الأخت ) ، ولكنها كلمة يراد بها باطل ، لأن هذا الميراث هو حقها التى شرعه الله لها ، فهل تأتى أنت لتعدل شرع الله ، وتحرم الأخت عن حقها فى الميراث .
– ومن الظلم الفعلى الاستقواء بجاهك ، أو قوتك ، أو نفوذك على البعض ، وأنت تعرف أنه ليس فى مقدورهم أن يردوا ظلمك لما تحتمى به من نفوذ ، أو سلطان ، ولكن لابد أن تخشى وترتعد من دعوة لهم يدعونها عليك تصعد الى السماء فيقول لها ربها ( وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين ) ، فاعلم أن الله يمهل ، ولا يهمل .
– ومن الظلم الفعلى تغيير منار الأرض :
وهى أن تستقطع جزء ولو ضئيل من ارض جارك لتضمها الى أرضك ، فتلك سرقة ، وظلم ظاهر وجلى .
– ومن الظلم الفعلى عدم تأدية حق الفقير عندك وأنت قادر :
أى عدم إخراج زكاة مالك ( إذا بلغ النصاب ، وحال عليه الحول ) .
لأن هذا حق معلوم كما بينه رب العزة ( وفى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) ، ولكن يجب أن تتحرى لمن تعطى زكاتك .
– ومن الظلم الفعلى إعطاء الأمر لغير أهله :
إذا كان بيدك الأمر فلابد أن تعطى الأمر لأهله ، اى من يقدر على حمله بالعدل ، وبلا تميبز .
فلا تنظر لقرابة ، ولا صداقة ، ولا محبة ، ولكن أنظر الى من سيقيم العدل بين الناس ، لأن الرسول حذر من ذلك ( إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة ) .
هذه بعض درجات الظلم الفعلية …