أفكار بصوت مرتفع
زينب كاظم تكتب أقبح أمرأة في العالم
في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كانت منتشرة حدائق حيوانات بشرية وقد يستغرب البعض إذا قرأ أو سمع ذلك لكن فعلا كان هذا الشيء موجود وهذه الحدائق كانت منتشرة بكثرة في القارة الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية وأصحاب النفوذ والمشاريع والذين كان كل همهم تجميع الأموال والربح كانوا يشترون بشر أفارقة خاصة ذوي البشرة السوداء أو ناس كانت لهم عاهات جسدية ويعرضونهم للجماهير أي يضعونهم في أقفاص ويجعلون الناس يأتون من كل مكان ليشاهدونهم ويعاملونهم مثل معاملة الحيوانات وفي خلال القرن التاسع عشر كانت هناك بنت مكسيكية مسكينة اسمها جوليا بسترانا وهذه البنت عاملوها معاملة قاسية جدا ومهينة وكل ذنبها أنها ولدت بتشوه خلقي وهذا التشوه كان فريد من نوعه ولا يحدث لكثير من البشر فحولوها من بنت مسكينة تعاني من عيب خلقي إلى وسيلة ترفيهية وكانوا يعرضونها للناس كي يتربحون من خلالها وسنتعرف في هذا المقال على تلك البنت المظلومة المسكينة .
في عام ١٨٣٥م ولدت جوليا بسترانا وجوليا عاشت في المناطق الجبلية التي التي كانت غرب المكسيك أي كانت مكسيكية الجنسية ومنذ ولادتها عانت من تشوه خلقي فريد وهذا العيب الخلقي يسمى فرط نمو الشعر أي أن الشعر كان يملأ جسدها بشكل كامل وأثناء رحلة بحثنا في المصادر أنه كان طول جوليا عندما كانت في العشرين من عمرها لا يتجاوز المئة وخمسة وثلاثين سنتمتر فقط ووزنها لا يتعدى الواحد والخمسين كيلو غرام أي أنها كانت قصيرة ونحيفة والشعر يغطيها تقريبا بشكل كامل ما عدا باطن كف أيديها وأرجلها وكانت تمتلك فم واسع وجبين بارز وحواجب مقوسة وأنف عريض أي كانت أشبه الأفريق ،وعاشت جوليا معظم طفولتها في دار للأيتام وهناك بعض المصادر أشارت إلى أنها قضت معظم طفولتها وهي تعمل في سيرك محلي أي أنها ومنذ الطفولة كانت تعمل في سيرك وبعد فترة انتقلت للعمل كخادمة في بيت أحد المسؤولين الكبار وعندما بلغت العشرين من عمرها ملت من تلك المعيشة والحياة هربت من ذلك البيت الذي كانت تعمل فيه بحثا عن فرصة لحياة أفضل أي أن حياتها كخادمة لم تكن تعجبها فأرادت البحث عن مكان ثاني يكون أفضل وخلال رحلة هروبها من البيت الذي كانت تعمل فيه التقت بأحد العاملين في السيرك ولا يعرف هل كانت تعرفه منذ زمن أم التقت فيه صدفة وقد عرض عليها هذا الشخص أن تعمل معه في السيرك وأن يقدمها في أحد فقراته وهو لا يريدها تعمل حركات بهلوانية أو عروض مثلا لكنها يريد أن يعرضها فقط كشكل أو لغة كمسخ أي تعرض كتسلية ومشاهدة للناس فقط وعلى الرغم من الأهانة والتعب النفسي الذي تعرضت له عندما عرض عليها ذلك إلا أنها قررت الموافقة على هذا العمل لأنها كانت محتاجة للمال والا ستعيش مشردة في الشوارع ومنذ بداية عملها في السيرك اشتهرت وصارت تتحدث عنها كل الصحف والكلام عنها في الصحف والمجلات لم يكن كلاما جيدا بحقها بل أنهم وصفوها بأنها صاحبة أقبح وجه في العالم وهذا هو التنمر والقسوة بعينها فما أصعب ذلك في الجريدة وبمانشيت أو بالخط العريض صاحبة أقبح وجه بالعالم وعلى الرغم من أن جوليا بسترانا عاشت والناس كانت مستغلة لعيبها الخلقي لكن في المقابل كانت مشهورة جدا وهذا العمل عاد عليها بالربح المادي الوفير وقدمت العديد من العروض وكانت تلك العروض في أمريكا وأوروبا لكن هذا لم يكن جيدا بحقها أطلاقا لأن الجماهير كانوا يلقبونها بأسوء وأبشع الألقاب فمثلا في عام ١٨٥٤م وفي عرض قدمته في نيويورك راح الناس للتفرج على تلك المرأة التي لقبتها الصحافة بعدها بأنها المرأة الدب من أدغال المكسيك وفي هذا الأثناء تحدث عنها طبيب من نيويورك اسمه الكساندر موت ووصفها بالكائن الهجين وأكد أنها نصف انسان ونصف قرد والصحف الأمريكية في ذلك الوقت لم تصدق خبرا ووضعت كلام هذا الطبيب في اخبارهم صحفهم وانهالوا عليها بنقل أخبارا غير صحيحة إذ قالوا أن قبيلة جوليا قبيلة متوحشة وتسمح بالتزاوج بين البشر وبين الحيوانات وكانت كل تلك الأخبار والتقارير مزورة لغرض تشويه صورة جوليا بعين الناس لكي تقرأ الناس هذا الكلام ومن ثم ياتوا ليشاهدوا هذا المسخ بحسب رأيهم ومن ثم يربحوا أموالا أكثر ،فما أقبح البشر يتعاون الطب مع الصحافة من أجل تسقيط امرأة مسكينة لغرض التربح المادي ،وهذه المرأة التي يقولون عنها بأنها جاءت من قبيلة متوحشة تسمح للتزاوج بين البشر والحيوانات كانت إمرأة متفائلة وطيبة وتتحدث ثلاث لغات بطلاقة من ضمن تلك اللغات الأنجليزية أي أنها كانت إمرأة مثقفة جدا بالأضافة لذلك كانت لديها هوايات كثيرة مثل الطبخ والرقص والمطالعة أي أن تلك الأنسانة التي كانوا ينعتونها بأنها مسخ وحيوانة هم من كانوا حيوانات أجلكم الله ،وعلى الرغم من أن إحدى الصحف وصفت جوليا أنها أقبح أمرأة في العالم إلا أن ذلك لم يمنع من أن أكثر من عشرين شخصا تقدم لخطبتها ولكنها كانت تعلم جيدا أنهم هؤلاء تقدموا لها من أجل مصلحتهم الشخصية طمعا بأموالها ولكي يحصلوا من وراءها على أموال لكنها وبرغم ذلك وافقت على الخاطب الحادي والعشرين وكان مدير أعمالها والذي كان إسمه ثيودور لينت على الرغم من أنها كانت تدري جيدا أنه الأخر كان طامعا بأموالها ويريد أن يتربح من خلالها الا أنها وافقت لأنها كانت تعرف هذا الأنسان .
وفي أثناء جولة أوروبية وتحديدا في المكسيك وفي عام ١٨٦٠م توفيت جوليا عن عمر ستة وعشرين سنة فقط وتقول المصادر أن أسباب الوفاة كانت طبيعية بسبب وجود بعض التشوهات عندها أي أن مضاعفات العيوب الخلقية التي لديها أدت لوفاتها ،وقد يتبارد للأذهان جملة واحدة تقول الحمد لله أنها رحلت وأرتاحت من الظلم والتنمر لكن للأسف أن التنمر ظل يرافقها حتى بعد وفاتها إذ قام زوجها الحقير ببيع جثتها على دكتور يدعى دكتور سكولوف وهذا الطبيب قام بتحنيطها وعرضها على الناس أي أنها لم ترتاح لا حية ولا ميتة وبعد فترة من الزمن سمع زوجها أن هذا الطبيب حنطها وعرضها وصار يحصل على أموال كثيرة فذهب إليه وقال له خذ أموالك واريد جثة زوجتي وعندما أخذها زوجها وضعها في صندوق زجاجي وعرضها على الناس خلال جولته حول العالم وبعد ذلك تعرضت جثتها للسرقة وظهرت بعد ذلك في النرويج سنة ١٩٢١م وفي عام ١٩٢٦م تعرضت للسرقة مرة أخرى وقد نجح الشرطة النرويجية بالعثور عليها وهي مرميةفي حاوية للقمامة وبعدها نقلت لجامعة أوسلو وظلت بالجامعة حتى بداية سنة ٢٠٠٠م وفي بداية عام ٢٠٠٥م كانت هناك فنانة مكسيكية اسمها لورا انديرسون برباتا وهذه الفنانة قدمت عرض لغرض استرجاع جثة جوليا وقالت لصحيفة نيويورك تايمز( شعرت من حقها استرجاع كرامتها ومكانتها في التأريخ وأيضا في في ذاكرة العالم )وبعرض تلك الفنانة ساندها الكثير من الجمعيات وطالبوا بعودة جثتها إلى موطنها وفي ٢١ شباط سنة ٢٠١٣م وبعد أكثر من ١٥٠ سنة على وفاتها رجعت لموطنها ودفنت في الأرض التي ولدت فيها وبهذا انتهت معاناة تلك البنت التي دامت أكثر من ١٧٦سنة لمجرد أنها ولدت بعيب خلقي وفي يوم دفن جوليا ذهب الناس من كل مكان في المكسيك لمدينة سننالوة وهو مسقط رأس جوليا وقال ماريو لوبيز وهو حاكم ولاية سننالوة أثناء مراسيم الدفن (تخيل القسوة والوحشية البشرية التي واجهتها وكيف استطاعت التغلب عليها وأنها قصة عظيمة) وقال الأب جايمري تاينا (أن الأنسان يجب ألا يرفض أي إنسان ).