إنها حقا بذور الإنسانية
فهيم سيداروس
إنها بذرة الإنسانية قد تنبت فى الإنسان، وتصبح بائنة على العيان تسطع، وتلمع، وبريقها يخطف الأبصار..
الابوة ليست مجرد كلمة ولكنها مشاعر صادقة تصدرمن لقلب للقلب..
وأمان.. وكتف تستند إليه عندما تشعر بالضعف..
إذا وجدت الروح وجدت الإنسانية، وأصبح لدينك شأن عظيم كل الأديان نادت بالرحمة، والمودة..
من تشرب ثقافة المحبة تتعشش في قلبه الرحمة.
كان الطفل الصغير أنتوني موتابازي لا يعرف طعم الأمان منذ أولى سنوات حياته، حيث تخلّت عنه أسرته البيولوجية وهو ما يزال في سن صغيرة جدًا، تاركة في قلبه جرحا غائرًا لا يندمل بسهولة.
كان يكبر وهو يحمل سؤالًا مؤلما في داخله:
لماذا لم أكن كافيًا لأبقى معهم؟
لكن الحياة لم تكتفِ بضربة واحدة.
بعد سنوات، حين ظنّ أنه وجد عائلة بديلة ستمنحه الدفء والاستقرار، حدث ما لم يتخيّله أحد.
تلك العائلة أخذته إلى المستشفى ذات يوم، تركته هناك بمفرده، ثم رحلت ولم تعد.
كان المشهد قاسيًا: طفل صغير، يقف في ممرات المستشفى، يمسك حقيبته الصغيرة بيديه، ينظر حوله ولا يجد أحدًا في انتظاره.
شعور بالخذلان والضياع أحاط به من كل جانب.
ومنذ تلك اللحظة، صار يتنقّل بين بيوت الرعاية والأسر المؤقتة، بلا جذور ولا شعور بالانتماء.
وفي خضم هذه العاصفة، ظهر شخص غريب، لم يكن في حسبان أنتوني أن يتحوّل إلى بطله الحقيقي.
اسمه بيتر موتابازي، رجل أوغندي الأصل يعيش في الولايات المتحدة، اختار أن يفتح بيته للأطفال الذين يحتاجون مأوى مؤقتًا.
لم يكن بيتر يبحث عن أبوة دائمة، بل كان يعتبر دوره محطة قصيرة يمنح فيها الأطفال بعض الأمان قبل أن ينتقلوا إلى بيوت أخرى.
لكن حين استقبل بيتر الطفل أنتوني، حدث شيء مختلف.
بيتر رأى في عيني أنتوني حزنًا عميقًا لكنه رأى أيضًا قوة وصبرًا يفوق عمره. وأنتوني، رغم جراحه، وجد في وجود بيتر نوعًا من الطمأنينة التي لم يختبرها من قبل.
وجاءت اللحظة الفاصلة ذات مساء هادئ، بينما كانا يجلسان سويًا يتحدثان.
إلتفت أنتوني بخجل إلى بيتر وسأله بصوت مرتجف:
“سيد بيتر… هل يمكنني أن أناديك أبي؟”
تجمّد الزمن للحظة، ثم مدّ بيتر يده وأمسك بيد الطفل بحنان، وقال له دون تردد:
“بالطبع يا بني… أنا أبوك.”
كانت تلك الكلمات كالماء الذي يروي أرضًا عطشى.
في تلك اللحظة، شعر أنتوني أنه لم يعد وحيدًا في هذا العالم، وأن هناك شخصًا اختاره حقًا، لا لواجبٍ أو صدفة، بل من قلبه.
أما بيتر، فقد أدرك أن الله لم يضعه في طريق هذا الطفل عبثًا، بل ليمنحه بيتًا وحبًا لا ينتهي.
وبمرور الوقت، تحوّل الاحتضان المؤقت إلى قرار أبدي.
بيتر تبنى أنتوني رسميا، معلنا أمام الجميع أن هذا الطفل هو ابنه، وأنه لن يتخلى عنه أبدًا.
وهكذا، تحوّلت قصة مليئة بالألم إلى بداية جديدة مليئة بالأمل.
إنها قصة تحمل عبرة عميقة: قد يولد الإنسان في ظروف قاسية، وقد يُخذل مرات عديدة، لكن الحب الحقيقي قادر أن يداوي كل الجراح.
وأحيانًا، العائلة ليست تلك التي يولد فيها الشخص، بل تلك التي يجدها في أصعب محطات حياته.
الحب المجرد من أي شئ هو أعظم حب في الدنيا الأب الحقيقي هو الذي يسعي لتربية، وإحتضان طفل برئ حكم عليه القدر بالوحدة، والتخلي عنه من أقرب الناس إليه لكن الله لم ينساة ووضع في طريقة شخص لا من أهلة؟
ولا من لونة، ولا من جذورة، ليعطية الحب، والدفئ، والإبوة، والرعاية بلا مقابل إلا الحب..
حسب تجربتي الشخصية مع الأطفال فأسدي السند، رأيت في قلوب الأجانب عطف وحنان، وعطاء غير عادي..
وهذا المثال لقصة يواجهها يوميا ألاف الأطفال في أنحاء العالم..
وليس في الغرب فقط كما قرأت في بعض التعليقات، فالإنسانية لا تتعلق بالديانات.
الإنسانية أخلاق، وجبر للخواطر قبل التدين..