يوميات في الحظر المنزلي الجزء السادس الإنهيار العظيم
حين تتجول في شوارع المدن الكبرى في مصر تجد دائما هذا المبنى يتصدر أشهر شوارعها يحتل مكانا بارزا هذا المبنى يوميا كان يعج بالزوار كان يموج بالعاملين حركة بيع وشراء لا تتوقف لم لا واسعاره في متناول أيدي الجميع ويقدم خدمات عديدة إنه امبراطوريه عمر أفندي والتي بلغت ٨٢ فرع على مستوى الجمهورية و التي لاقت انهيارا عظيما وغابت عنها الشمس بأصابع الخصخصة
نعود معا لعام ١٨٥٦ حيث تاريخ تأسيس الشركة على يد عائلة أودلف أوروزدي في عهد الخديوى سعيد باشا، بدأت أول فروعها في شارع عبد العزيز بالقاهرة لتلبية احتياجات العملاء من المصريين والأجانب. وصممه المعماري راؤول براندن علي طراز الروكوكو عام (١٩٠٥ – ١٩٠٦) وهو مكون من ستة طوابق
لمع صيت الشركة كواحدة من أعرق وأشهر السلاسل التجارية في العالم بعد أن اشتراها أحد أثرياء مصر اليهود عام ١٩٢١ وأطلق عليها عمر أفندي حتى يلقى الإسم قبولا عند المصريين وظلت تحمل اسم عمر أفندي حتى قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميمها عام ١٩٥٧.
شهد عام ١٩٦٧ تحويل شركة عمر أفندي بموجب القرار الجمهوري رقم ٥٤٤ لسنة ١٩٦٧ إلى شركة مساهمة مصرية تتبع الشركة القابضة للتجارة، التي لم يعد لها وجود الآن وتفرقت شركاتها على الشركة القومية للتشييد والتعمير والشركة القابضة للسياحة.
حصر القرار الجمهورى أنشطة عمر أفندى في الإتجار بجميع أنواع السلع ووسائل النقل الخفيف والتصدير والاستيراد والوكالة التجارية والتصنيع الجزئي ولها الحق في المشاركة في تكوين شركات مصرية أو أجنبية تباشر نشاطها في الداخل أو الخارج وكذلك القيام بأى نشاط يتعلق بأغراض الشركة.
استمرت الشركة في العمل إلى أن بدأت حكومة الرئيس حسني مبارك في الخصخصة الجزئية لفروعها، ضمن برنامج واسع لخصخصة شركات قطاع الأعمال العام شمل أكثر من ١٤٠ شركة
في عهد الدكتور مختار خطاب وزير قطاع الأعمال العام عام ٢٠٠٤ قامت الوزارة بطرح فروع عمر أفندى للقطاع الخاص للمشاركة في إدارة فروع بالكامل مثل فرع الفيوم لصالح شركة النساجون الشرقيون وفرع الجامعة العمالية لصالح شركة الخزف والصيني وفرع 26 يوليو لصالح المركز المصري للهندسة والتجارة وكذلك فرع ثروت لشركة مصر إيطاليا للملابس الجاهزة “جوباي”
في عام ٢٠٠٥ أعلنت الحكومة عن بيع عمر أفندي لشركة أنوال السعودية المملوكة لرجل الأعمال جميل القنبيط بقيمة ٥٦٠ مليون جنيه. في صفقة مشبوهة
أثار خصخصة الشركة العديد من الانتقادات، حيث كانت مبيعاتها السنوية تتراوح مابين ٣٦٠ و ٣٨٠ مليون جنيه وهي تمثل ٥٠% من حجم المبيعات التي كانت تحققها في السنوات السابقة.
بالرغم أن المستثمر السعودي تعهد بأن يضاعف مبيعات الشركة لـ ٧٢٠ مليون جنيه في العام الثاني ثم مليار جنيه في العام الثالث ١,٥ مليار جنيه في العام الرابع إلا أن النتائج جاءت عكسية
حيث تراجعت مبيعات عام ٢٠٠٦ /٢٠٠٧ لتصل إلى ١٨٠ مليون جنيه اى النصف، ثم ٩٠ مليون جنيه في ٢٠٠٧ / ٢٠٠٨ و ٣٠ مليون جنيه في العام الثالث إلى أن بلغت صفراً في العام الرابع. ووفقاً للتصريحات الحكومية فإن المستثمر السعودي تعمد عدم تشغيل الشركة مما أدى إلى انهيارها بهدف تحويل فروعها لأصول عقارية.
قبيل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١٢، قضت محكمة القضاء الإداري بعودة الشركة مرة أخرى للدولة ممثلة في الشركة القومية للتشييد والتعمير. وبالرغم من ترحيب الشركة القومية للتشييد والتعمير بعودة عمر أفندي إلا أنها أكدت صعوبة تشغيلها نظراً لعدم توافر السيولة المالية اللازمة لإحياء فروعها مرة أخرى.
حيث تحتاج عمر أفندي لضخ استثمارات تتجاوز قيمتها الـ ٥٠٠ مليون جنيه على مدار الـ ٤ سنوات للخروج من خانة الخسارة التي تعاني منها والتي بلغت نحو ٨٣٠ مليون جنيه، منها ٨٣ مليون جنيه للموردين، و١٦٠ مليون جنيه للبنوك.
بالرغم من أن الشركة القومية للتشييد والتعمير كانت تعترض على طرح فروع الشركة للقطاع الخاص لتشغيلها إلا أن إدارة الشركة قامت بالفعل بطرح عدد من الفروع ولكن لم يتقدم أحد لتأجيرها نظراً لتراكم المديونيات فضلا عن وجود نزاع تحكيم دولي بين المستثمر السعودي والحكومة المصرية. ومازالت القضية تطوف أروقة المحاكم
كل هذه الأحداث متعارف عليها تناقلتها كل المواقع الاخباريه باستفاضة أكثر لكن السؤال الذي يفرض نفسه التأميم هل أفاد الاقتصاد المصري ؟
وهل كانت النتائج على نحو التوقعات وللإجابة عن هذا السؤال علينا أن نعود إلى ثورة ٢٣ يوليو و ما قبلها قد نلاحظ هذه الأيام عمليات تلميع للعهد الملكي وقد يبدو هذا غريبا بعد هذه السنوات خاصة أن عدد كبير من معاصري الملكية قد ماتوا ولم يبقى غير حكايات الأجداد وبعض الأعمال الفنية تتسم بطبيعة الحال بالنحياز بسبب نشوة الاحساس بالتغيير وربما أن أصابع بعض الضباط الأحرار و مراكز القوى سيطرت على مجريات الافلام وقتها
إن كل عهد له محاسن و إخفاقات وليس من الموضوعية أن نتناسى جوانب مهمة في تشكيل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في هذه الفترة
إن مشكلة مصر خلال هذه الفترة كانت في الكفاءات العلمية و العقول المشغلة و الخبرة الإرادة الشعبية وحدها لم تكن كافية للخروج بمصر من أزمة تغيير نظام الحكم
وسوف نعرض لكم في الحلقة القادمة حقيقة ما اعتقدنا أننا نجحنا فيه والحقيقة الغائبة