التشكيل البصرى كأداة لبناء الوطن فى مسرح الطفل المصرى
بقلم : ماجي المصري
ضمن فاعليات المؤتمر العلمى الدولى الثامن لأكاديمية الفنون، والمقام أون لاين يومى 27 و 28 من الشهر الجارى، والذى يأتى هذا العام تحت شعار “الفنون والتنمية المستدامة”، شهدت دورة هذا العام تقديم عدد من الأبحاث المتميزة التى تعكس دور الفنون فى بناء الإنسان وتعزيز الهوية الوطنية، ومن بين هذه الدراسات، دراسة بحثية متخصصة قدمتها الدكتورة ندى طارق عبد الحميد، تحت عنوان: “ملامح الرؤى التشكيلية فى عروض مسرح الطفل الشعبى المصرى وانعكاسها على تنمية الهوية المصرية”.
تناولت الدراسة تحليلًا معمقًا للعناصر التشكيلية المستخدمة فى عروض مسرح الطفل الشعبى فى مصر، وذلك بهدف الكشف عن مدى تأثير هذه العناصر فى تشكيل وعي الطفل بهويته الوطنية، وترسيخ قيم الانتماء من خلال اللغة البصرية المستخدمة على خشبة المسرح.
ركزت الباحثة على فهم كيفية توظيف المكونات التشكيلية – مثل الديكور، الأزياء، الإضاءة، والألوان – فى العروض المسرحية الموجهة للأطفال، وتحديد مدى تعبير هذه العناصر عن الهوية الثقافية المصرية، خاصة فى الأعمال المستلهمة من التراث الشعبى.
هدفت الدراسة إلى التأكيد على أهمية التشكيل البصرى فى مسرح الطفل كأداة لغرس القيم الوطنية، كذلك تحليل الرموز والدلالات التشكيلية المستمدة من الثقافة الشعبية المصرية، مع إبراز دور الفنون الشعبية كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة ثقافيًا وتربويًا، وتسليط الضوء على العلاقة بين الهوية الوطنية ومحتوى عروض مسرح الطفل.
اعتمدت الدراسة على منهجالتشكيل البصرى كأداة لبناء الوطن فى مسرح الطفل المصرى تحليلى نقدى مدعومًا بعينة تحليلية تطبيقية وهى العرض المسرحى جحا الوزير والسلطان بنزهير، تأليف هاجر أحمد، وإخراج ماجد درديرى، إلى جانب الاستعانة بمراجع أكاديمية متخصصة فى مجالى الفنون التشكيلية والمسرح التربوى.
أبرزت النتائج أن هناك ارتباط وثيق بين الرؤية التشكيلية للعمل المسرحى وبين قدرته على التأثير فى وجدان الطفل، خاصة حين تعتمد هذه الرؤية على عناصر مستمدة من البيئة الثقافية المصرية، وأن العروض التى تستخدم رموزًا تشكيلية من التراث – مثل الحكايات الشعبية، الأزياء الفلكلورية، وأنماط الزخرفة المحلية – تنجح بشكل أكبر فى تعزيز الهوية والانتماء لدى الطفل، كذلك أوضحت النتائج أن مسرح الطفل يعانى فى بعض الأحيان من ضعف التوظيف البصرى، ما يضعف من فاعلية الرسالة الوطنية، وهو ما يدعو إلى ضرورة الاهتمام بالتكامل بين الجانب التربوى والفنى.
تعتبر هذه الدراسة أحد أهم الدراسات البحثية فى مجال الطفل فى الفترة الأخيرة، إذ تعتبر إضافة نوعية للمجال البحثى المرتبط بالفنون والطفولة، خصوصًا فى ظل ما يواجهه مسرح الطفل من تحديات معاصرة تتعلق بالتمويل، والجمهور، والمحتوى.
تأسيسا على ما سبق فقد جاءت دراسة الدكتورة ندى طارق عبد الحميد لتؤكد على أن الفنون ليست مجرد وسيلة ترفيهية، بل هى أحد أهم روافد التنمية المستدامة، لما لها من قدرة على بناء الوعى وتعزيز الهوية وترسيخ القيم فى عقول وقلوب النشء، وقد أثبتت الدراسة أن الرؤية التشكيلية الواعية فى عروض مسرح الطفل قادرة على نسج رابط وجدانى بين الطفل ووطنه، ما يمثل خطوة أساسية نحو بناء جيل أكثر وعيًا وانتماءً.