الحياة العامة المصرية من القرن 3 الي 7 الهجري (15)
كمال الدين النعناعي
اذا قيل ان الثقافة هي أنماط وأفكار مجردة تتخذ شكل الموضوعات أو الأفعال العيانية المحسوسة، أصبح الانسان مضطرا الي التمسك بها واتخاذها وسيلة لفهم الكون كله.
فلابد أن يكون الفكر الصوفي قد أتخذ أحد هذه الأنماط لما تضمنه من أشارات علمية وعملية، فلم يقتصر علي الآداب لاسيما فن الشعر.
وكان بن الفارض، وهو شرف الدين عمر بن علي الشهير بتلك الكنية، اشهر من أشتغل بهذا الفن في العهد الأيوبي، فكان اذا مشي في القاهرة يتزاحم الناس عليه يلتمسون البركة والدعاء، واذا خاطبه الخاصة كأنما يخاطبون ملكا عظيما.
وغدا الفكر الصوفي منطلقا الي ميادين أخري، فلم يقتصر علي تناول الأحوال اليومية، فقد شهد القرن السابع الهجري تحولا في مسار هذا الفكر، فأنصرف عن الاشتغال لمناهضة الحكام أو المشاركة في الخلاف الناشب بين اتباع المذاهب، وتناول باهتمام قضايا العلم والعلماء.
وما ينبغي علي الإنسان ان يسلكه في حياته بأسلوب علمي يكفل له معالجة آفات السلوك الاجتماعي الخاطئ.
وقد أضافوا رؤي مستقبلية تعتمد الي حد كبير علي وضوح واقعي للحاضر، فكان الشيخ ٱبو العباس أحمد الملثم حوالي
( 600هجرية) لا يخبر بشئ الا تحقق.
.وازدادت واقعية النظرة الصوفية الحياتية الي فيما يقول الإنسان في بوله وغائطه وعجزه عن دفع الآلام، فضلا عن الدراسات التجريبية لبيان الانسان وما يعتريه من أمراض وآلام.
كما عبر الشيخ محمد بن أبي حمزة وكان يتسم بسعة الافق فيقول اياكم والانكار علي الناس فيما يحتمل التأويل
وهي دعوة الي حرية الفكر واعمال العقل، وأفساح الابتكار الفردي وافصاح عن تولد المعاني وتعدد المفاهيم.
أصبح الصوفي يتكلم في موضوعات انتاج السلع، وهي فطنة مبكرة لعوامل بناء الدولة الحديثة التي تقوم علي الانتاج المادي
فكان اذا رآي فدان قصب مثلا يقول سينتج منه كذا قنطار عسل وكذا وكذا قنطار سكر فلا يزيد عما قال.































































