الدروز… طائفة باطنية حافظت على أسرارها لأكثر من ألف عام
بقلم : عماد نويجى
بين طيات التاريخ الإسلامي ظهرت طائفة أثارت الفضول والغموض منذ نشأتها في القرن الحادي عشر الميلادي، إنها الطائفة الدرزية، التي انطلقت من رحم الدولة الفاطمية في مصر قبل أن تنتشر في جبل لبنان وسوريا وفلسطين.
النشأة والجذور
تعود بدايات الدروز إلى عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (996 – 1021م)، حيث ظهرت دعوتهم في القاهرة على يد دعاة إسماعيليين أبرزهم نشتكين الدرزي، الذي حمل اسمه لاحقًا إلى الطائفة. ومع مرور الزمن، انغلقت العقيدة الدرزية على نفسها، لتصبح ديانة لا يدخلها أحد ولا يخرج منها.
المعتقدات والفلسفة
يعتمد الدروز على مبدأ التوحيد المطلق، ويؤمنون بأن جوهر الدين هو المعرفة والعقل، وليس الطقوس الظاهرة. لا يمارسون الشعائر الإسلامية التقليدية، بل يتبعون نظامًا خاصًا يعتمد على رسائل الحكمة، وهي كتب مقدسة سرية لا يطلع عليها سوى طبقة معينة منهم. كما يؤمنون بفكرة التقمص، أي انتقال الروح بعد الموت إلى جسد آخر، ما يجعل الموت لديهم انتقالًا لا نهاية.
الانتشار الجغرافي
يقدّر عدد الدروز اليوم بين مليون ومليونين، يتركزون أساسًا في لبنان (جبل لبنان)، سوريا (جبل الدروز)، فلسطين والجليل والكرمل، بالإضافة إلى جاليات صغيرة في الأردن وأمريكا وأوروبا.
الحضور السياسي والاجتماعي
رغم قلة عددهم، لعب الدروز دورًا بارزًا في التاريخ السياسي للمنطقة، خاصة في لبنان وسوريا، حيث برزت أسماء قيادية مؤثرة في مراحل مختلفة. المجتمع الدرزي يتميز بالتماسك والانغلاق، إذ يرفض قبول أفراد جدد أو السماح بالخروج من الطائفة.
خلاصة
الدروز طائفة تحمل مزيجًا من الغموض والخصوصية، جمعت بين الفلسفة والروحانية، وحافظت على أسرارها قرونًا طويلة، ما جعلها واحدة من أكثر الطوائف إثارة للجدل في الشرق الأوسط