الزلابيا
كتبت غادة سيد
كانت تحاول ان تتدفأ بشالها الصوفي البالي من برودة الشتاء القاسية و لفحات ساخنة تنبعث من مِقلاة الزلابيا التي أمامها؛ تنتظر فرجا قريبا ورزقا و إن كان قليلا لكنه كل ما تطلبه الآن حتى تنتهي من بيع كل الكمية التي صنعتها لتعود إلى أطفالها، فهم لن يناموا حتى تعود إليهم بالطعام الذي يسد جوعهم لترى فرحة الشبع في أعينهم فتنسيها كل ما مرت به من عناء و ألم.
بينما هي كذلك؛ اذا بثلاث شباب قادمون نحوها من بعيد. كانوا منشغلين بالحديث والضحكات. نظرت إليهم وهم يقتربون منها لكنهم تجاوزوها دون أن يشعروا حتى بوجودها. ضاعت لحظة أمل باهتة لم تستمر كثيرا، لكنها نظرت إلى السماء الداكنة التي تنذر بأن هطول المطر بات قريبا وأودعت أمنياتها البسيطة هناك. توقف الشباب الثلاثة فجأة. أوقفهم الدفء المنبعث من الخلف استداروا ونظروا إلى الوراء، فوقعت أعينهم على وعاء الزلابيا المغطى بغطاء زجاجي؛ لم يمنع من تصاعد البخار الدافئ المحمل بالرائحة الذكية، ودون تردد أخرج كل منهم مِحفظته و تناول بعض النقود ليشتري تلك الكريات الصغيرة الساخنة الشهية له ولرفقائه. ابتسمت ونظرت مرة أخرى إلى السماء. كم كانت الاستجابة سريعة.