- القياس الفاسد :
كتب/ رءوف جندي
الإختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية . تلك مقولةٌ قالها الأستاذ والمفكر الكبير المرحوم أحمد لطفى السيد . وقت أن كانت كل الآراء محترمة حتى وإن اختلفت . ووقت أن كان الإختلاف على أمورٍ تقع كلُها داخل المساحة المسموح فيها بالإختلاف . فمن البديهى أنه لايفسد للود قضية كما قال الأستاذ . ولكننا للأسف أفرطنا فى استخدامها عشوائياً . نطبقها فى كل اختلافاتنا بتلقائيةٍ تارة وبدهاءٍ تارةً أخرى . وهو ما لم ولن يستقيم مع المنطق أو العقل . ولا يتفق مع العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية . وباتت المقولة ستاراً يستتر خلفه كل من أراد تمرير فكرٍ مريض . أو رأى خارج عن السياق القِيَمى المألوف . أو منطقٍ شاذ يسعى صاحبه لتوطينه فى الأذهان على طريقة التخدير .. شيئاً فشيئاً .
قد نختلف على منهج سياسى مثلاً كأن يرى فريقٌ أن هذا القرار أفضل من ذاك .. أو نختلف على منهج إقتصادى كأن ترى فئة أن المعالجة الإقتصادية التى تتبناها هى الأفضل . أو نختلف على منهج تعليمى كأن يرى خبراء أن رأيهم هو الأكثر نفعاً مما هو معمولٌ به …. إلخ من أمورٍ يرى كل فريقٍ أنها ستصب أخيراً فى مصلحة الوطن . ولكن كلٌ بطريقته وأساليبه المختلفة . فتلك خلافات تثرى النقاش وتذلل الصعاب وتعدد من فرص النجاح . والخلاف فيها بالفعل : لا يفسد للود قضية ..
بينما هناك أمورٌ كثيرة يُدمر الخلافُ فيها كل الود . بل ينسف القضية برمتها . فهل من المنطقى أن نختلف على العرى والخلاعة الذى شهدته المهرجانات . ثم نقول أنه خلاف لايفسد للود قضية ؟! . هل من المنطقى أن نختلف على الإسفاف والتدنى فى كلمات الأغانى الهابطة التى يلتف حولها آلاف الشباب . ثم نقول أنه خلاف لا يفسد للود القضية ؟! . هل من المقبول أن نهاجم بسخرية بعض الممارسات الدينية كالصلاة وقراءة القرآن حتى ولو تمت فى غير مكانها أو وقتها . ثم نقول إنه خلاف لايفسد للود قضية ؟! .
هل من اللائق أن نفرد مساحة إعلامية واسعة لشابٍ يغنى لمعزته شيماء والذى تفضل مشكوراً بتسميتها البطة حتى لا تغضب أى شيماء من الإسم . وإذا اختلفنا عليه ومع من منحه هذة المساحة قيل : أنه خلاف لا يفسد للود قضية ؟ !! . ومن ثم : سنختلف على تعاطى المخدرات وحمل السنج والمطاوى وقطع الطرق والتحرش بالبنات ثم نقول إنه خلاف لا يفسد للود قضية . وقد يأتى يومٌ نختلف فيه على فعل الفاحشة والرزيلة فى الطريق العام وسنسمع وقتها من يقول : إنه خلاف لا يفسد للود قضية . فعذراً أستاذنا ومعلمنا الجليل أحمد لطفى : أورثتنا نُبلاً بعلم . واستخدمناه سفهاً بغير علم …
ياهؤلاء : الجمال بَيِّن والقبح بيِّن .. الرقى بين والتدنى بين .. الذوق بين والإسفاف بين . الإنضباط بين والإنفلات بين . فأى خلاف هذا الذى تدافعون عنه ؟!! . مالكم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ؟! ..
ياسادة : تلك خلافاتٌ أفسدت الود والمودة وأطاحت بثوابت القضايا الأخلاقية وهدمت القيم وداست على العادات والتقاليد والأعراف . فكيف يبقى الود صافياً ونحن نتجادل فى بديهياتٍ وثوابت ؟! . كيف يبقى الود صافياً ونحن نتجادل فى أخلاقيات وقواعد الذوق العام . بلغ حد اتهام المعترض بأنه رجعىٌ ومتخلف ؟! …
ياسادة : تلك عبارة يستخدمها البعض لأغراضٍ أراها غيرُ نبيلة عمداً أو سهواً .. كدفن الرؤوس فى الرمال إلى أن يزول الخطر . أو الإنحناء حتى تمر العاصفة بسلام . فكما يشاغل اللص ضحيته بدهاءٍ بأن يهدهد كتفه بيمينه ليسرق نقوده بشماله . فهؤلاء يهدهدون مشاعرنا ويمتصون غضبتنا بهذة المقولة ليسرقوا منا القيم والمبادئ دون أن ندرى . متذرعين بأنه التحضر فى الخلاف وهم يعلمون أو لايعلمون . أنه السقوط المدوى نحو القاع …
فيا سيدى المختلف :
أَقْبَل خلافك معى إذا كنت تبنى وتحفظ الود
وأرفضه إذا كنت تهدم وتسرق منى
هويتى وأخلاقى