بقلم : محمود نورالدين
من يعيش في سلام مع نفسه فهو يعيش دائمًا في سلام مع الآخرين،
إنه يشعر أن الزهر يبتسم لانه يرى ابتسامته الداخلية منعكسة عليه.
ويقول إن الدنيا حلوة، والحقيقة أن نفسه هي الحلوة ، لأنه لا يرى الدنيا ،وإنما يري صورة نفسه كما تعكسها له الدنيا.
أما الإنسان الحقود فهو انسان معتقل من الداخل، سجين قفصه الصدري، لا يستطيع أن يمد يديه الي أحد، لأن يديه مغلولتان ، وشرايينه مسدودة وقلبه يطفح بالغل.
كيف يمارس الحب بحرية واختيار، وهو ذاته معتقل؟!
كيف يدرك جمال الكون وانسجامه وهو ذاته منقسم يفتقر الي الوحدة الداخلية الانسجام؟!!
كيف تستطيع أن تصادق الآخرين وأنت عاجز عن مصادقة نفسك!
نحن أعداء أنفسنا، وهذه هي الحقيقة المؤلمة، وما أصعب أن نكون اصدقاء لأنفسنا.
خصومتنا لأنفسنا هي القنبلة التي تنفجر حولنا في كل مكان.
منذ اللحظة التي نختصم فيها مع نفوسنا لانعود نرى حولنا الا القبح والدمامة ومبررات القتل والثأر، ونحن في الحقيقة نحاول أن نثأر لأنفسنا من أنفسنا.
وإنما تبدأ الهدنة بين كل منا والحياة حينما يرتضي نفسه ويقبلها ، ويقبل قدره ومصيره، ويبني بذلك الجسور السليمة التي يعبر عليها إلي جمال الحياة حوله ويراه، وطيبة الناس حوله ويحس بها.
تلك الهدنة التي تنعقد بين الإنسان ونفسه وبين الإنسان وربه هي ” النبع” الذي، تتدفق منه المحبة لتحتضن الآخرين وتعانق الحياة.
اللقاء مع النفس شاق، وتمام الوفاق مع النفس أشق وأصعب. وذلك الانسجام الداخلي ذروة قلّ من يبلغها.
ولكن الأمر يستحق المحاولة.