النمو الإخلاقى
بقلم :محمد احمدعبد الحميد
النمو الأخلاقى واهتمام العلماء به حيث يعتبر موضوع الأخلاق من المواضيع التي نالت اھتمام الباحثين والمفكرين من مختلف الحقول المعرفية المتنوعة كعلم النفس، علم الاجتماع، الفلسفة… إذ يحاول أن يقارب كل حقل معرفي موضوع الأخلاق من وجهة نظره الخاصة.
هذا ويأتي اھتمام المفكرين بالجانب الأخلاقي في الشخصية الإنسانية نظرا لأھميته ودوره الرئيسي في تكوين شخصية الفرد والحفاظ على توازنه النفسي والاجتماعي.
فالأخلاق ھي :
القاعدة الأساسية التي تبنى عليها القوانين والقواعد والضوابط الاجتماعية التي تنظم علاقات الأفراد
بعضهم ببعض، كما تعمل على توجيه سلوكاتهم وتنظيمها وفق ضوابط اجتماعية سنها المجتمع وتوافق
عليها. لذلك يمكننا اعتبار موضوع الأخلاق من أھم ميادين البحث التي حظيت من قبل الباحثين بالدراسة
والاستقصاء على مدار العصور والأحقاب. إلا أن التفكير الأخلاقي لم ينل ھذا الاھتمام من طرف الباحثين
إلا خلال السنوات الأخيرة، خاصة أبحاث كل من جان بياجي Piaget ولورنس كولبرج Kohlberg إذ
حاول كل منهما دراسة تفسير التقدم الذي يطرأ على عملية إصدار الأحكام الأخلاقية وكيفية تطور التفكير الأخلاقي.
وعليه نحاول من خلال ھذه الدراسة الميدانية معرفة مستوى نمو التفكير الأخلاقي لدى أفراد
عينة البحث معتمدين في ذلك على نظرية كولبرج حول نمو التفكير الأخلاقي.
ولقد تأثرت بحوث نمو التفكير الأخلاقي بعدة نظريات سيكولوجية كثيرة وكان أھمها:
نظریة بیاجي في النمو الأخلاقي
يعتبر بياجي من أھم الرواد الذين اھتموا بدراسة تطور التفكير الأخلاقي لدى الأطفال حيث اھتم
بدراسة الكيفية التي يصدر بها الطفل الحكم الأخلاقي على سلوك ما، مع إبراز الأسس المعرفية والعقلية
والأخلاقية المرتبطة بهذا الحكم، وليس على الطريقة الصحيحة لإصداره من الناحية الواقعية. إذ أن كل
فرد يختلف في طريقة إصداره لحكم أخلاقي معين.
كما اعتمد بياجي في دراسته التي قام بها حول نمو التفكير الأخلاقي على المنهج الإكلينيكي، إذ كان
يلاحظ الأطفال في مواقف طبيعية، في المنزل وفي المختبر، وكان يعطي الأطفال مشكلات بسيطة وفقا
لدرجة نموھم، واعتبر بياجي Piaget أن التغيرات التي تحدث في تفكير الطفل عبر المراحل المختلفة
ليست تغيرات كمية فحسب، بل ھي في الأساس تغيرات كيفية، حيث أن الأبنية المعرفية في مرحلة نمو
معينة تختلف اختلافا نوعيا عن المرحلة السابقة لها وتلك التي تليها، ومن ھنا أدخل بياجي الأخلاق
morale كسمة في الشخصية يخضع للتطور والنمو عبر مراحل معينة (13. p, 1992, Maryniak.(
والتفكير الأخلاقي يمر في مراحل نمو مختلفة أثناء تفاعل الإنسان مع بيئته الاجتماعية والأخلاقية .
ويرى بياجي أن إدراك الطفل لوجود وجهات نظر بديلة، وقدرته على وضع نفسه في مكان شخص آخر،
يعتبر أساس معرفي وشرط ضروري لتقدمه في التفكير الأخلاقي، أي أن نمو قدرة الطفل على أخذ دور
الشخص الآخر يعتبر شرطا ضروريا لنمو التفكير الأخلاقي.
ويرى بياجي أن التفكير الأخلاقي يشبه في تدرجه ونموه معرفيا، وقد اعتمد بياجي على المنهج الإكلينيكي من خلال التحدث واللعب مع الأطفال، حيث كان يقص عليهم القصص ثم يطلب منهم بعد ذلك
إصدار أحكامهم على أبطال ھذه القصص. وقام بياجي بملاحظة الأطفال من سن أربع سنوات إلى سن 12
سنة أثناء لعبهم، وكان يوجه إليهم أسئلة حول القواعد الأخلاقية. وخلص بياجي من خلال دراساته
وتجاربه إلى أن النمو الأخلاقي للأطفال يمر بمرحلتين ھما: الأخلاق الخارجية المنشأ، والأخلاق الداخلية .