جرح فلسطين الغائر
بقلم: عمر الشريف
ما يحدث في غزة يهز فينا بكل قوة مشاعر الحب والحنين لأرض فلسطين التي باركها الله تعالى للعالمين،
والتي نالت شرف احتضان بيت المقدس الذي يُعد أول قبلة للصلاة لرب الأرض والسماء،
فالقدس هي معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلا،
وهي قبلة الأنبياء الأولى وإليها صلَّى المسلمون الأوائل سبعة عشر شهراً قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة.
خمسة وسبعون عاماً من الاحتلال الصهيوني،
ضاع فيها وطن وتشرد فيها شعب ضمن أصقاع الأرض،
اعتداءات أعقبتها اعتداءات جعلت أبواب جهنم تنفتح على الشعب الفلسطيني
بشتى أصناف التهجير والقصف والحرمان من أبسط حقوق الإنسان في العيش الكريم في هذه الحياة.
ما يحدث اليوم في غزة بفلسطين وصمة للعرب وللمسلمين،
ووصمة للإنسانية كونها حرمت شعباً آمناً من العيش في وطنه كبقية شعوب الأرض، واستوطنت بدلاً عنه شراذم أمم جمعوها من كل حدب وصوب،
لتشكل كياناً يكون كخنجر مسموم يحرك ألماً دائماً وجرحاً نازفاً على مر السنوات والأيام.
حتى القطاع الصغير الذي يعيشون فيه بعض أشقائنا الفلسطينين كدولة صغيرة، يُسلب منهم على مرأى العالم أجمع، فالعالم الغربي
الذي يدَّعي ويتظاهر الحضارة والإنسانية إنما رفعها شعارات وكلمات لتكون حجاباً ساتراً على جرائمه بحق الشعوب الأخرى
التي يجب أن تكون مقيدة بسلاسل مصالحه
والهيمنة في المنطقة لا أكثر، والعالم الإسلامي غارق في انشقاقات وخلافات داخلية استنزفت منه أي جهد يمكن أن يثمر في حل قضية غير واضح فيها سوى الحق وضوح الشمس،
ووصلت مرحلة الاستنزاف فيه لتصير بعد ذلك عجزاً مزمناً عن حل أي قضية متراكمة من قضايا العرب والمسلمين .
وعلى الرغم من كل ذلك فإن أضعف الإيمان أن نحيي فلسطين في نفوسنا وطناً نعشقه ونحلم بالعودة إليه،
وأن نحدث أولادنا بأن لهم حق مسلوب مغتصب يجب استرجاعه مهما طال الزمن،
فأنا أؤمن بالعودة والتحرير ولو بعد حين،
ولكن ذلك مشروط بأن نعالج نكبات أنفسنا، وحينها ستزول نكبات أوطاننا بكل تأكيد..
وأخيراً ندعو الله أن ينصر إخواننا في غزة وجميع المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.
