حياة الحياة
بقلم . نشأت فل صموئيل يوسف
الحياة الأرضية بدأت حين تلقّى الإنسان الأول نسمة الحياة، واتحدت النسمة بالتراب فتكوّنت النفس التي انتقلت عبر الأزمنة لتصل إلينا
ومعها مسيرة الإنسان في رحلة الوجود. وفي هذا الاتحاد تجلّى اللقاء العظيم بين المشيئة الإلهية والإرادة البشرية، في مسار يرسمه الله ومسار يختاره الإنسان.
الله هو الحياة؛ أعطى الإنسان نسمة حياة فانطلقت النسمة إلى التراب تمنحه وجودًا، وتخلق نفسًا، وتشعل قلبًا، وتفتح عقلًا، وتقيم جسدًا.
ومن هذا التكوين تنطلق النفس لتهتف وتنادي، والقلب ينبض ويهمس، والعقل ينير ويدير، والإرادة تصنع المصير، والجسد ينهض ويسير، حتى يبلغ الإنسان نضجه فيعرف ذاته ويدرك اختياراته.
فالتراب قد نال حياة وأصبح له وجود، ولذلك صار عليه أن يفهم قصد هذه الحياة ويدرك معنى الوجود، حتى يشتعل داخلنا السؤال الأعمق…
كيف نعيش الوجود ونحيا حياة الحياة؟
وتبقى الإجابة كامنة داخل كلٍّ منا؛
فهي موجودة في أعماقنا
حيث تكون النسمة. فالوجود الذي نعيشه يراه البعض مليئًا بالشقاء والضيقات، ويراه آخرون فرصة للهو والملذات
كما ينظر إليه آخرون على أنه رحلة للتعلم وتحقيق النجاحات، بينما آخرون يرونه اختبارًا للإيمان ونقاء الذات.
أما حياة الحياة فهي الحياة الحقيقية ومقصد القلوب، ونحيا حياة الحياة حين نهتدي إلى روح النسمة ويستقيم القلب مع الله.
أيها السادة القراء… افتحوا قلوبكم للحياة وانصتوا إلى روح النسمة الساكن فيكم، وافرحوا.
لا تنكسروا أمام وساوس ليست منكم تريد هزيمتكم وإفساد أنفسكم.
تثبتوا في انضباط أهواء النفس واختيار الطريق الصحيح، متمسّكين بالسلام الداخلي العميق.
احتضنوا جراحكم واغفروا لضعفاتكم؛ فإن كان السقوط جزءًا من كوننا بشرًا، فإن القيام يأتينا من روح النسمة الساكن فينا.
وامضوا مع النسمة بالبسمة
فهي ليست نسيمًا بل خيطًا يربطنا بالسماء.
ازرعوا الضحكة في وجوهكم، ولا تتركوا لثقل الأيام أن يخطف نوركم.
وعيشوا النسمة بأحضانها الدافئة، وحكايتها، ولحظاتها.
أيها السادة… نسمة من الله أقامت التراب وخلقت البشرية هنا في هذه الأرض الزمنية؛ فكيف تكون حياة السماء الأبدية؟
نسمة من الله على الأرض أوجدت كل شيء، فماذا تكون الحياة بلا نسمة واحدة، بل حياة كاملة؟
ولهذا اجعلوا خطواتكم على الأرض ابتسامة، وخطوات قلوبكم نحو السماء إقامة، حتى تنتهي رحلة الأيام ويأتي الختام، وينقطع الخيط، وتعود النسمة إلى أصلها السماوي.
أيتها النسمة…
أنت أقمتِ التراب وأحييتِ الوجود.
يا نسمة الأرض… احفظينا.
يا نسمة السماء… اذكرينا ولا تتركينا.
لكي نحيا مع الله حياة الحياة.





































































