حين تُصبح حياة المشاهير بديلاً عن هموم الناس
بقلم: محمود سعيد برغش
في زحام الحياة، يفتح المواطن نافذته الإعلامية كل صباح على أمل أن يجد ما يُنير له طريقًا أو يُعبّر عن معاناته…
لكن بدلًا من ذلك، يُفاجأ بسيل من الأخبار:
“انفصال الفنانة فلانة”،“زواج الممثل فلان”،
“خلاف أسري على تركة الفنان الراحل”.
لا قضية تعليم، ولا تحقيق صحفي عن مستشفى مهمل، ولا حتى صوت يتحدث عن قرية غارقة في الظلام أو شاب فقد مستقبله.
هل هذا هو الإعلام؟
هل تحوّلت الرسالة الإعلامية من ضمير حيّ إلى نشرة أخبار اجتماعية عن حياة فئة محددة لا تشبه الأغلبية الساحقة من الناس؟
إننا لا نُعادي الفن ولا نُقلل من شأن الفنانين، لكننا نسأل:
أين التوازن؟
لماذا غابت القضايا الحقيقية؟
هل من المنطقي أن تُقدَّم الخصوصيات العائلية على حساب المشكلات العامة التي تمس الملايين؟
ما يحدث اليوم هو انحراف عن المسار…
إعلام يطارد التريند بدلًا من أن يصنعه.
يتجاهل الواقع المُرّ، ليُقدم للمواطن ما يشبه المخدّر العاطفي:
حكايات حب، صور زفاف، تصريحات مطلقة، لقاءات ترفيهية، برامج تلميع.
لكن ماذا بعد؟
حين يجوع المواطن، لا تُشبع الأخبار عن فساتين الفنانات بطنه.وحين يمرض، لا تُعالج حياته تصريحات فنان من على سجادة مهرجان.وحين يفقد ابنه بسبب إهمال أو فقر أو حادث، لا تُواسيه صورة “رومانسية” على إنستغرام.
الإعلام الحق ليس “ترفيهًا بلا وعي”، بل وعيًا لا يخلو من الترفيه.
هو منارة تُضيء القضايا، لا مرآة للترف الفردي.
فلنعد إلى الأصل…
إلى إعلام يُمثّل الناس لا يُشغلهم، يُسائل المسؤول لا يُسايره، ويضع الحقيقة أولًا، لا حياة المشاهير.