رحلتي إلى مملكة سيام أرض الأحرار.. تايلاند
تقرير: أسامة حراكي
بانكوك
بعد 10 ساعة في طائرة البوينج التابعة لمصر للطيران والمتجهة من القاهرة ومحلقة فوق الخليج العربي وبحر العرب وشبه القارة الهندية وبحر الصين الجنوبي قبل أن تحط في مطار العاصمة التايلاندية بانكوك، ولولا تجهيز المقاعد بشاشات تلفزيون مصغرة تعرض أفلاماً وبرامج وأغاني، لتحولت الرحلة إلى ملل لا يحتمل، لكن ما إن لفحنا الهواء الرطب بعد هبوط الطائرة حتى استعدنا نشاطنا المهدور في تلك الرحلة المارثونية.
هي بلد يتكون من 1430 جزيرة عدد سكانها 70 مليون نسمة، كان اسمها الرسمي سيام أو مملكة سيام بالتايلاندية حتى عام 1939عندما تم تغيير الاسم إلى تايلاند، وبعد ذلك أعيد مجدداً إلى مملكة سيام من العام 1945 حتى 1949 عندما أطلق عليها مملكة تايلاند، اشتق اسم التوأم السيامي من اسم مملكة سيام، ويرجع سبب تسمية ذلك لوجود الزوج الأكثر شهرة من التوائم الملتصقة بها “توأم سيامي” وهما (تاشنغ وبنكر) وقد ولد هذا الأخوان في سيام وسافرا معاً في سيرك حول العالم لسنوات عديدة، ولذا فشاعت تسميتهما بين الناس بـ”التوأم السيامي” وأخذ مصطلح التوأم السيامي نظراً إلى شهرة الأخوين، وظل منذ ذاك مرادفاً للتوأم المتلصقين لكن مع ذلك، ففي الواقع اكتشفت أقدم حالة للتوائم السيامية تاريخياً في البيرو، إذ يعود تاريخها إلى عام 300 وتحتل دول جنوب شرق آسيا عُموماً مركزاً مرتفعاً في نسبة ولادة التوائم السيامية، وبالنسبة لاسم تايلاند فهو مركب من كلمتين، يعني “أرض الأحرار”.
معبد “بوذا” أكبر معبد في بانكوك:
عند وصولنا إلى العاصمة بانكوك أول ما لاحظناه، هو المعابد القديمة وإلى جانبها المعابد الجديدة، ففيها الكثير من المعابد التي يعود تاريخ بنائها إلى أربعة آلاف عام، زرنا أكبر معبد في بانكوك وهو معبد “بوذا” وقبل أن ندخله لم يسمح لنا لأننا نرتدي بناطيل قصير “شورت” وأن علينا أن نستأجر بناطيل طويلة من ركن خاص بالمعبد يؤجر الملابس المحتشمة، فستأجرنا أفضل ألوان بنطلونات كانت موجودة، ووجدنا أن السيدات يدخلن عادي ببناطيل قصيرة، فاستغربنا لذلك وسالنا فقيل لأن هذه عورة ! “السيدات عادي لكن الراجل لازم يلبس بنطلون” وعلى الرغم من أننا نتضامن مع حق السيدات في أن يلبسن ما يعجبهم، إلا اننا شعرنا باستغراب بأن ينظر لنا أننا عورة ويجب أن نحتشم، وعندما دخلنا طلب منا خلع أحذيتنا في الخارج قبل الوصول إلى ساحة المعبد، خلعنا أحذيتنا ودخلنا فتفاجأنا باتساعه غير العادي، يمتد على مساحة هائلة من الأرض، ووجدنا الآلاف من الزوار، ووجدنا تماثيل لبوذا من الذهب وأبنية بعضها مرتفع وبعضها منخفض جميعها مزينة بزخارف وزجاج صغير ملون في غاية الدقة والجمال من الداخل والخارج ما جعلها تحفة فنية، كما أن الواجهات الخشبية مطلية بنوع من الدهون التي تستخرج من الحيوانات البحرية،لا تتأثر بالأمطار أو العوامل الطبيعية، معظمها مبني من الخشب المطعم بالزجاج ذي الألوان المختلفة، فمن ينظر إلى واجهة المعبد لا يستطيع التحديق في الواجهة إذا كانت الشمس مشرقة، حيث تنعكس من الواجهة الزجاجية للمعبد الألوان فيظهر الطيف دون أن يكون هناك مطر، والسبب هو انعكاس الضوء على الزجاج المُطعم فيظهر كأننا نرى الطيف بألوانه، وللمعابد عند التايلانديين قدسية خاصة، فإذا دخل أحدهم المعبد وجلس على الأرض فإنه لا يغير جلسته حتى وإن طالت جداً حتى ينتهي الكاهن من قراءة الصلوات، كما أن أحدهم لا ينظر إلى الآخر أو إلى الأعلى ما دام الكاهن يتكلم ويقول عظته.
الأسواق العائمة:
عند زيارة البلدان البعيدة من الممتع أن يتجه المرء إلى أسواقها المفتوحة للهواء الطلق للاطلاع على الثقافة والنتجات المحلية، وتكون التجربة أروع عندما تكون تلك الأسواق ليست مفتوحة على الأزقة والشوارع كما هو المعتاد، بل تحيط بها المياه من كل جانب، التاجر يركب قاربه والزبون يركب قارباُ آخر، فالسوق العائم يتم فيه البيع والشراء انطلاقاً من قوارب عائمة على المياه، وهي علامة سياحية مميزة تجذب السياح إلى بلدان جنوب شرق آسيا، مثل تايلاند واندونيسيا وفيتنام، ويعود تاريخ هذه الأسواق إلى عصور كان فيها التنقل عبر المياه يلعب دوراً رئيسياً في الحياة اليومية لأهالي هذه البلدان، حيث تقع هذه البلدان إما على جزر أو على أراضي منخفضة رطبة تغطيها وديان نهرية عريضة، وتوجد في منطقة استوائية كانت تغطيها غابات كثيفة قبل أن يتدخل الإنسان ويبدأ بتعميرها، وكانت أولى المناطق التي تم تعميرها محاذية للأنهار، واستعمل الناس الذين عاشوا هناك القوارب كوسيلة رئيسية للتنقل والسفر، وفضلوها على التنقل براً وسط الغابات الوعرة، وعلى الرغم من أن تلك المناطق قد تحضرت وأصبحت تتوافر على شبكة من الطرق المعبدة التي تربط المدن والبلدات الصغيرة ببعضها بعضاً، إلا أن القوارب لا تزال وسيلة المواصلات الرئيسية لدى المجتمعات التي تقطن الأماكن الرطبة وقرب الأنهار، وخاصة منهم الفلاحين الذين توجد مزارعهم بجانب الأنهار.
وتدعم حكومات هذه الدول الأسواق العائمة بشكل خاص، لأنها تعتبرها مزارات سياحية ومعالم جاذبة للسياح، فمن أهم أهداف إقامة هذه الأسواق إتاحة الفرصة أمام الزائرين لاستكشاف ثقافة التسوق في التجمعات السكنية المحاذية للأنهار.
في الماضي كانت المناطق المحاذية للأنهار هي أولى المناطق التي تنمو فيها المدن والتجمعات العمرانية، لهذا كانت معظم قرى ومدن بلدان جنوب آسيا موجودة قرب الأنهار، أما القنوات المائية فقد كانت تُستعمل من جهة لتسهيل حركة النقل بين تلك التجمعات، ومن جهة أخرى كنقاط للالتقاء وممارسة الأنشطة التجارية بشكل عام، كانت المراكب والقوارب تستخدم لأغراض تجارية، سواء عبر البلاد أم داخل الإقليم الواحد، فيتم بواسطتها نقل البضائع من أماكن إنتاجها إلى الأماكن التي يمكن ان تباع فيها بالجملة او بالقطاعي، نمط العيش هذا عند سكان ضفاف الأنهار هو ما أدى إلى ازدهار ظاهرة الأسواق العائمة، ففي تايلاند مثلاً وعلى مدى قرون كانت الأسواق العائمة هي نقطة إلتقاء السكان من مختلف القرى، وخاصة في السهول الوسطى من البلاد، وذلك بفضل وجود الكثير من القنوات المائية سواء الطبيعية أم التي حفرها الإنسان، والتي ساعدت كثيراً على ازدهار الحركة التجارية، وزيادة شعبية وانتشار الأسواق العائمة.
كانت هذه الأسواق تعيش عصرها الذهبي، لكنها تراجعت مع بداية تحضر العاصمة بانكوك وتوسعها العمراني، حيث بدأت الدولة إلى تشييد سكك حديدية لحركة القطارات، وشبكة طرق معبدة للسيارات بدلاً من حفر قنوات مائية، مما شجع السكان على السفر والتنقل عبر البر بدلاً عن المياه، ومع مرور الزمن تحولت الكثير من الأسواق العائمة إلى أسواق تباشر أعمالها على اليابسة، وبالتالي تراجع عدد الأسواق العائمة في دول شرق آسيا مع التطور، وأصبح ما تبقى منها جزءاً من التراث المحلي، ونقاط للجذب السياحي الذي تبذل الحكومات جهداً للحفاظ عليها، فهذه الأسواق تلعب دورين كبيرين، دوراً سياحياً في التعرف على ثقافات وتقاليد المناطق النائية، ودوراً اقتصادياً حيث تسهم الحركة التجارية والسياحية في توفير فرص العمل لتحسين مستوى معيشة السكان المحليين.
سوق “دامنوين سادواك” العائم:
هناك خمس أسواق عائمة تعتبر الأشهر على الإطلاق في آسيا، وهي تتوزع ما بين تايلاند وإندونيسيا وفيتنام وهونج كونج والهند، وفي تايلاند الأسواق العائمة كثيرة، لكن أشهرهم في تايلاند وشرق آسيا كلها، ليس فقط لكبر حجمه وازدحامه، إنما لتنوع ألوانه المبهجة ولولع السياح به، وخاصة محبي التصوير الفوتوغرافي منهم، هو سوق “دامنوين سادواك” العائم، والذي يقع على بعد 90 كيلو متراً جنوب غرب العاصمة بانكوك، وأفضل وقت لزيارته في الصباح الباكر قبل أن يشتد الزحام وترتفع درجات الحرارة، وهو سوق مبهج يعج بالحياة التي يبثها الباعة المتجولين بقواربهم الصغيرة، يجدفون يمنة ويسرة متنقلين من زبون إلى آخر يبيعون خضار وفواكه معظمهم قد قطفوها بأنفسهم من مزارعهم وأحضروها للبيع، فغالباً ما تعرض في الأسواق العائمة غلال ومنتجات أنتجت في البساتين والقرى القريبة من مكان السوق، كالخضراوات والفواكه الإستوائية مثل فاكهة التنين، والدوريان، والفاكهة النجمية، وجوز الهند…
وفي السوق رأينا بعض القوارب حولها أصحابها إلى مطابخ عائمة، تطهي بعض الأطباق والأكلات المحلية وبيعها للزبائن داخل القوارب الصغيرة العائمة، من هذه الأطباق أطباق اللحوم على الطريقة التايلاندية وسلطة “سوم توم” ومعجنات الـ “نودل” أما أطباق التحلية منها “خانوم واي تاي” والأرز اللاصق بنكهة المانجو أو بنكهة جوز الهند، كما اشترينا بعض الهدايا التذكارية من القوارب.
ولسوق “دامنوين سادواك” تاريخ، فالأسم هو اسم قناة مائية حفرها جنود بالتعاون مع سكان المنطقة خلال حكم الملك “راما الرابع” ففي ذلك العهد لم يكن في المنطقة أنهار أوقنوات ما جعل التنقل صعباً ومحدوداً، فأمر الملك بحفر تلك القناة، التي تحولت اليوم إلى مقر سوق ” دامنوين سادواك” الذي يعبر عن ثقافة المنطقة.
المتحف الحربي التايلاندي ومقبرته:
ذهبنا بالقطار الذي بنى خطه الحديدي اليابان اثناء احتلال تايلاند وقد سخروا أكثر من 6 آلاف أسير في بنائه، وافتتح في عام 1943 وزرنا المتحف الذي كان سجناً يعتقل فيه اليابانيون التايلانديون أثناء احتلالهم لبلادهم، واشهر ما في المتحف لوحة تتوسطه مكتوب عليها “نسامح ولا ننسا” كما زرنا مقبرة ضحايا الحرب.
معبد النمور:
هناك في قلب تايلاند يوجد على جانبي نهر “كواى” الغابة الخضراء الغنية، يعيش رهبان بوذيون يتجولون عبر المدينة لجمع الصدقات من السكان المحليين ويعودون مرة أخرى إلى المعبد، ولكنه معبد غير تقليدي، حيث يعيش الرهبان مع أحد أكثر الحيوانات فتكاً في العالم وهي النمور.
معبد النمر Tiger Temple أو Wat Pha Luang Ta Bua هو معبد بوذي يقع غرب تايلاند، في إقليم “كانشانابوري” على الحدود مع “ميانمار”، ويبعد 38 كيلومتراً شمال غرب كانشانابورى، والذي وصلناه عبر القطار.
تأسس المعبد في عام 1994 كمحمية وملاذ للحيوانات البرية، وبينهم العديد من النمور، وكان لاهتمام رئيس الدير بالنمور الصغيرة التي فقدت أمهاتها أثناء عمليات الصيد أكبر الأثر على السكان، حيث جلبوا النمور الصغيرة واليتيمة إلى المعبد وكانت البداية عام 1999 حين تلقى المعبد أول نمر صغير الذي وجده بعض القرويين ومات بعد فترة وجيزة، ولكن في وقت لاحق قَدِم العديد من صغار النمور إلى المعبد، وبعد ذلك عندما أصبحت القوانين أكثر صرامة وشُددت العقوبات على الصيد قل عدد النمور التي ترد المعبد.
وفي عام 2007 كان قد ولد أكثر من 21 شبلا في المعبد، واعتباراً من أواخر شهر مارس عام 2011 ارتفع إجمالي عدد النمور التي تعيش في المعبد إلى 90 نمراً، وبسبب عدم وجود برامج تربية وبيانات الحمض النووي فمعظم النمور غير معروف النسب أو السلالات الاصلية، ولكن يُفترض أنها نمور الهند الصينية، وبعضها من فصيلة نمر البنغال وقد اكتشف حديثاً نمور الملايو، وهناك على الأرجح الكثير من السلالات الهجينة.
تتوافر رحلات يومية من العاصمة التايلاندية بانكوك، وتستغرق الرحلة حوالي ساعتين ونصف، ويزور معبد النمر ما بين 300 و 600 زائر كل يوم، ويُمكن لزوار معبد النمر المشاركة في برنامج صباحي أو مسائي يتضمن إطعام النمور أو اللعب معهم مقابل بعض الرسوم الإضافية على التذكرة، وقد قمنا بهذه التجربة التي استمتعنا ها جداً.
وللمعبد فلسفة مختلفة محافظة فلا يُسمح بدخول الكحول، ويجب على النساء ارتداء ملابس مناسبة تغطي الكتفين والركبتين، كما لا يُسمح بالالوان الزاهية كالأحمر، ولا يسمح المعبد بارتداء عباءات أو شالات للجزء العلوي أو السفلي من الجسم.
في البداية كانت النمور تُترك لتتجول بحرية في جميع أنحاء المعبد، ولكن مع زيادة عدد الزوار وعدد النمور تم ربطها بالسلاسل كاحتياط للأمن وللسلامة، ويقوم الموظفون والرهبان التايلانديون مع المتطوعون الدوليون بإرشاد الزوار لتحية النمور والاقتراب منهم واللهو معهم، كما يحاولون إبقاء النمور تحت السيطرة وتهدئتها، ويتولون غسلها مرة واحدة كل يوم.
وتوجد حول المعبد صناديق مخصصة لجمع التبرعات، وتشرف عليها جمعية خاصة لصرفها على رعاية الحيوانات والتجديدات التي تُجرى في المعبد، فرعاية كل نمر وتغذيته تتكلف في اليوم الواحد نحو مائة دولار أمريكي.
بوكيت.. جزيرة مخبأة بين التلال والجبال
تتمتع تايلاند بمناظر هي من أجمل مناظر العالم بطيبعتها الساحرة، ومن أهم ما يميز طبيعتها أنه كان هناك براكين ثارت منذ آلاف السنين، ومع مرور الزمن كونت مئات الجزر التي تحتوي على أنواع متعددة من الأشجار ذات الطبيعة الحرشية، وتختلف الجزر وفقاً لحجم البركان الذي شكلها، فهناك جزر صغيرة تتسع لعشرات البيوت فقط، وهناك جزر ذات مساحات هائلة، أما شواطئها فهي غنية بالمرجان، وفي مياهها أكبر أنواع الأسماك في العالم، ومنها سمك “السلور” حيث يأتي لاصطياد سمك السلور التايلاندي آلاف الأشخاص سنوياً من كافة أنحاء العالم.
ومن أشهر الجزر التايلاندية جزيرة بوكيت، التي يأتي لزيارة معالمها السياحية سنوياً ما يقارب من 20 مليون سائح، حيث تعتمد تايلاند في جزء كبير من اقتصادها على السياحة، وتعني كلمة بوكيت “التل أو المكان المرتفع” وهي أكبر جزيرة على الساحل الغربي لتايلاند، وتقع على امتد خليج “بان ناه” على مساحة 400 كيلومتر في بحر أندامان، تبعد مسافة ساعة وربع بالطائرة عن العاصمة بانكوك، حيث الشواطئ الرملية الرائعة وصفاء مياه بحر اندامان، والتلال الخضراء الشاسعة ومزارع جوز الهند والمطاط .
لم يكن الفندق بعيداً عن المطاركما كنا نتصور كان قاب قوسين منا، وحين صعدنا لغرفتنا انتبهنا إلى أن شُرفت غرفتنا تطل على منظر بانورامي رائع، و كانت الشمس قد بدأت تعد مخدعها الليلي، ومع نزولها إلى مخدعها وراء الأفق، أضاءت الأسواق والمقاهي والمطاعم الغاصة بالسياح مئات الفوانيس الحريرية الملونة، وأضفت كمية هائلة من الطاقة الإيجابية على الجزيرة في منظر جعلنا نشعر وكأننا في عالم من الخيال، فخرجنا نسير بين المطاعم والكافيهات والتجمعات ووجدنا مطاعم عربية دخلنا واحد منها وكان مصري واسمه مطعم القاهرة، وطلبنا وجبات العشاء المطهية بالطريقة المصرية.
ثم عدنا للفندق ونزلنا حمام السباح، ثم كانت تجربتنا في النادي الصحي متميزة، إلى جانب الديكور المبتكر للمكان، صحيح أننا جربنا كثير من الدول بنواديها الصحية وأنواع مساجاتها، إلا أن نوادي ومساج تايلاند يتميز عن كل ذلك، حيث الشموع الموزعة في الأرجاء تريح الأعصاب وتدعونا إلى الإسترخاء ونسيان الهموم والضغوط التي تعكر المزاجات، فانغماسنا بأجواء الهدوء والسكينة والاسترخاء لساعة ونصف، بينما تدغدغ أصابع خبراء المساج عضلات الجسم، ويقومون بوضع المساحيق الطبيعية من الأعشاب أو الحليب أو الشوكولاته، ثم استمتعنا بتناول الفواكه الإستوائية واحتساء الشاي الأخضر.
في اليوم الثاني قمنا برحلة بحرية بواسطة القارب الكبير مع مجاميع من السياح من مختلف الجنسيات، وتضمن البرنامج زيارة بعض الجزر التي يتواجد بها كهوف ويتم الدخول لها بواسطة قوارب مطاطية “زوارق الـ كايك” المكان فيه كثير من الجزر الصغيرة التي تبدو على شكل قمم حجرية عالية بارزة وسط المياه، قمنا بالابحار حول بعضها والتجول في بعضها الآخر واستمتاع بالمناظر الخلابة، وقمنا بزيارة الجزيرة التي تتواجد فيها الصخرة الشهيرة الواقفة على قاعدة مدببة وهي التي ظهرت في افلام كثيرة، يطلقون عليها جزيرة جيمس بوند واسمها الحقيقي “كو تابو” اشتهرت باسم جيمس بوند في عام 1974 عندما صور بها بعض مشاهد فيلم “الرجل ذو المسدس الذهبي” من سلسلة افلام جيمس بوند ومن بطولة “روجر مور”، ثم قمنا بزيارة إلى مجموعة جزر أخرى مثل جزيرة بي بي، وجزيرة بانغ نغا، وكان يتم الوقوف للسباحة واطعام السمك، والتصوير مع القرود و اطعامها، وبعد الوصول اتجهنا لمغارة دخلناها سيرا على الأقدام.
وفي اليوم التالي قمنا بجولة مع مرشدة سياحية إلى مزارع “الكاجو” ومصانع استخراجها من الثمرة وتعبئتها، ومناحل العسل، ومصانع اللؤلؤ ثم صعدنا بالسيارة إلى جبل يعد أعلى نقطة في جزيرة بوكيت، شاهدنا منه جنائن الله على الأرض، كان هناك وادي يظهر بين مرتفعات تحيط به، وتتخلله أكواخ صغيرة متناثرة مصنوعة سقوفها من سعف أشجار النخيل، ثم قمنا بجولة سفاري في الغابة على ظهر الفيل، وقُدم لنا الآيس كريم في أطباق من جذوع جوز الهند، يحف من جوانها جوز الهند ويضاف لها الآيس كريم وكان لذيذ الطعم، وكان الغداء في مطعم كل طاولاته معلقة، فكل طاولة تكون معلقة على الأشجار، يتم الصعود إليها عبر سلالم من الحبال،وكانت تجربة أكثر من رائعة.. ثم تابعنا سيرنا وطوال الطريق كانت تمتد حقول الأرز على مساحات هائلة من الأرض، ولم يكتف المزارعين من زراعة الأرز في السهول، بل استغلوا الجبال أيضاً، حيث قاموا بتدريج الجبل لمدرجات وزرعوها، فرأينا الجبال مدرجات مغمورة بالمياه التي تنبت فيها شتلات الأرز الخضراء، فوجدنا أنفسنا أمام لوحة طبيعية بديعة المنظر، وما زاد المنظر جمالاً آلاف من طيور اللقلق الأبيض ذات الأرجل الطويلة الحمراء التي تغمرها المياه التي تسقي حقول الأرز، وكانت المرشدة تشرح لنا بينما نحن نستمع لها بآذاننا وننظر بأعيننا إلى المناظر الخلابة.
مسرح فانتزيا شو:
من الصعب أن نكون في بوكيت ولا نزور مرحها “فانتازيا شو” التي تُقدم فيه الأمسيات الجميلة التي تُظهر الفن التايلاندي الأصيل من خلال عروض شاهدنا فيها كيف تمكن الإنسان من تطويع الفيلة لخدمته في الزراعة وأغراض أخرى، يحتفي هذا العرض بالطاقة التي تنبض بها بوكيت وبجوهرها المميز وتنوعها الغني، سعر الدخول يعتمد على مكان الجلوس وقربه من المسرح وكذلك إذا كان شامل العشاء أو بدون عشاء، وتذكرة العرض شملت المواصلات حيث أتى الباص وأخذنا من الفندق وسيعيدنا إليه بعد انتهاء العرض، قبل الدخول إلى العرض تجولنا في قرية “كاميفال” حيث الألعاب الكثيرة والتحف النادرة والتذكارية ومحلات التسوق الجميلة، ثم حضرنا حفل العشاء، وبعده بربع ساعة دخلنا المسرح لحضور العرض، المسرح فيه أربعة آلاف مقعد، وكان التصوير ممنوع أثناء العرض، حيث يتم وضع الكاميرات والهواتف النقالة في الأمانات قبل الدخول، كان العرض يتحدث عن تاريخ تايلاند، وشارك فيه ممثلين ولاعبي سيرك وحيوانات، إلى جانب المؤثرات الصوتية والضوئية والليزر، العرض أخذنا إلى عالم آخاذ من سحر الشرق وخبايا التاريخ التايلاندي.