رسالة إلى دعاة الفتنة..
بقلم د.عصام الهادى..
لم تكن جريمة القتل يوما ما فى غير الجهاد والدفاع عن الدين والعرض والأوطان سببها التبرج وعدم لبس الحجاب ومظهر الأنثى أوجمالها، ليس ذلك دفاعا عن التبرج وخروج المرأة متبرجة من بيتها،إنما الأصل في قضية القتل على مر العصور والأزمنة غياب الوازع الدينى وضعف الإيمان وعدم الثبات العقلى وفقدان السيطرة وعدم الحلم عند الغضب، كذلك الطمع والجشع الذى سيطر كل منهما على قلوب المخطئين فى حق غيرهم وفى حق أنفسهم، وقد يكون الحسد والفقر والأخذ بالثأر وتجارة المخدرات والسرقة والميراث أحد أهم هذه الأسباب، وقد يكون الدافع وراء ذلك الرغبة فى إثبات شخصية القاتل وإظهار قوّته وغلبة حبه لذاته حتى ولو كان ذلك على حساب الآخرين ممن يدفعون حياتهم ثمنا للإندفاع النفسى وعدم تحمّل كظم الغيظ والعفو عند المقدرة ، وهذا هو الاضطراب النفسي الذى يلحق بكثير ممن استباحوا دماء بعض البشر، وقد يكون الأهل والمجتمع أحد الأسباب المهمة فى ذلك ،فكما ذكر القرآن شياطين الجن ذكر أيضا شياطين الإنس وهم الذين يشيعون الفتنة والفوضى والإنحراف الخلقى بين الناس،ويضربون بضوابط الدين وأوامره وتعاليمه عرض الحائط ،مما ينعكس ذلك على سلامة الآخرين ممن يعيشون بينهم ويتعاملون معهم..

وقد يكون المقتول نفسه هو السبب فى ذلك،فكان حريصا على قتل صاحبه له كما ذكر نبى الإسلام صلى الله عليه وسلم: “القاتل والمقتول فى النار ” قالوا يارسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال:” إنه كان حريصا على قتل صاحبه” ، ولا ننسى أن جريمة القتل هى أبشع وأعنف جريمة صدرت عن ابن آدم ، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من إنتشار ذلك وهو الهرج الذى يكون فى آخر الزمان وذكر أيضا أن القاتل لايدرى فيما قتل، ولا المقتول فيما قُتل..فالقتل جريمة بشعة ،والقاتل إذا ثبت رجاحة عقله فإنه يستحق العقوبة التى يراها أهل القضاء والفتيا من المتخصصين فى بلاد الإسلام ،أما أن يخرج أحدهم ويدعى أن القتل سببه فقط جمال الأنثى أوتخليها عن الحجاب الشرعي فهذا هو الإنحراف الفكري والتسرع المذموم فى فرض الأحكام على الناس ، وإلا لصارت الدنيا غابة كما يقولون ،وقُتلت كل امرأة وكل أنثى سهت يوما وغفلت عن ضوابط دينها وأوامر ربها، وهذا بعيد كل البعد عن سماحة الإسلام والدعوة إلى الله بالحسنى.. إن ماحدث من قتل وما يحدث ليس وليد اليوم،فالأسباب كثيرة أهمها عدم مراقبة الله عز وجل في كل مانفعله ونقوم به فى حياتنا، وغياب الوازع الديني ووجود الاضطراب النفسى كما ذكرنا، كفاكم أيها الدعاة المتسرعون في إصدار الأحكام على الناس أن تتحاملوا على من قُتل مرة وتقتلوه ألف مرة، وتكونوا سببا فى إشعال نار الفتنة ، وتجددوا الأحزان والٱلام ،بل ربما يكون كلام أحدكم سببا فى سفك الدماء ونشر الفوضى والخلاف والشقاق ..
هناك أسباب كثيرة وأمور لانعلم حقيقتها وراء مثل هذه الجرائم، فلم يقف أحدنا على رصد وإستيعاب كل سيناريوهات الحدث ودواعيه ،أيا كان هذا الحدث الذى تناولته كل الوسائل الإعلامية حتى نتصدر للحكم والنقد والإنشغال بعيوب البشر وأخطائهم ،دون النظر فى أخطائنا وعيوبنا ،كلنا مقصّرون ،وكلنا مخطئون، وخير الخطائين التوابون، وجميعنا إلى الله راجعون..نسأل الله عز وجل العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة..