(رمضانيات ..الصيام واجب وعبادة)
كتب / محسن معالي……
كَانَ مُحْسِنٌ غُلَامًا صَغِيرَ السِّنِّ حِينَمَا ذَهَبَ إلى دُكَّانِ وَالِدِهِ الحَلَوَانِي الذِي اعْتَادَ اصْطِحَابَهُ مَعَهُ للمُسَاعَدَةِ فِي العَمَلِ فِي الدُّكَّانِ .
إِذْ كَانَ للعَمَلِ قِيمَة كُبْرَى عِنْدَهُ .
وَكَانَ مُحْسِنٌ حَدِيثَ عَهدٍ بِالصِّيامِ ، فَهَذِهِ أوَّلُ مَرَّةٍ يُقدِمُ فيهَا عَلَى الصِّيَامِ .
فَكَانَ يَقِفُ مَعَ العُمَّالِ أَوِ الصَّنَايعِيةِ لإِعدَادِ حلَّةِ العَجينِ للكُنافَةِ وَالقَطَايفِ.
كانَ يَرَى مَنْ يَنْخُلُ الدَّقِيقَ أَوْ يُجَهِّزُ المَاءَ ، وَمَنْ يَقُومُ بِالعَجْنِ .
إِذْ كَانتِ السِّمَةُ المُمَيِّزَةُ هي الحرَكَةُ ، نَعَم الحَرَكَةُ ، ثُمَّ الحَرَكَةُ الدَّئِبَةُ ، الكُلُّ يَتَحَرَّكُ لا أَحَدَ يَقفُ سَاكِنًا ، وَكَانتِ البَسمَةُ تَعلُو الوجُوهَ.
عَادَةً مَا يَتِمُّ العَجْنُ بَعْدَ مَشَقَّةٍ ، وَإِبْدَاعِ مِنَ الصَّنَايعِي .
يجَيءُ عَمَلُ مُحْسِنٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِالمُشَارَكَةِ في الإِعدَادِ بِاستِخْدَامِ مَضْرَبٍ صغَيرٍ يُوضَعُ في الحَلَّةِ لِتَحْرِيكِ العَجِينِ ليكون جَاهِزًا للرَّشِّ عَلَى صِينِيةِ الكُنَافَةِ ، وَاستَمَرَّ الحَالُ هَكَذَا…
وَعِندَ الظَّهيرةِ مَدَّ أَحَدُ العُمَّلِ يَدَهُ بِقطْعَةِ مِنَ البُورِيكِ لَهُ لِيأَكَلَهَا ؛ لأَنَّهُ كَانَ صَغيرًا لا يَحْتَمِلُ الصِّيَامَ طَوَالَ اليَومِ.
رَفَضَ مُحْسِنٌ الطَّعَامَ ، وَأصَرَّ إِصْرَارًا شَدِيدًا عَلَى استِكْمَالِ الصِّيَامِ مَعَ الصَّنَيعِيَّةِ ، فَهُمْ صَائِمُونَ ، وهُوَ كَذَلِكَ.
قُرْبَ المَغرِبِ جَاءَ الإفطَار الشَّهِي الذِي أعَدَّتْهُ أمُّ مُحسِنٍ لِزَوْجِهَا وَلِعُمَّالِ المَحَلِّ .
بَعْدَ الإِفطَارِ ، وَقَبْلَ صَلَاةِ الترَاوِيحِ ، حَدَثَ مَوْقِفٌ طَريفٌ ؛ إِذْ قَدَّمَ أَحَدُ العُمَّالِ لمُحْسِنٍ تَمْرَةً .
لَكِنَّ مُحسِنٌ قَالَ لَهُ أَنتَ عَايزُ تفَطَّرَنِي ، فَضَحَكَ ، وَأَخبَرَهُ ، أَنَّ الصِّيامَ مِنَ الفَجْرِ حَتَّى أَذَانِ المَغْرِبِ ، وَأَنَّهُ يَستَطِيعُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ مَا يشاءُ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجرِ.
