رهن الإرادة الوطنية ثمن الصوت وضريبة المصالح في انتخابات النواب!!!
بقلم / أحمد حجاب
للأسف، ما تزال هذه العملية تشهد تلوثاً خطيراً يتمثل في ظاهرة “التعريض السياسي”، حيث يتحول الاستحقاق الوطني إلى سوق مفتوحة يغلب فيها صوت المال والمصالح الضيقة على صوت الكفاءة والنزاهة.
إن التحدي الأكبر الذي يواجه الإرادة الشعبية هو الانجرار المؤسف وراء المرشح “الذي يدفع أكثر”. فبدلاً من البحث عن سجل المرشح وقدرته التشريعية وبرنامجه الحقيقي لخدمة الدائرة والمصلحة العامة، يصبح المعيار هو حجم “التعويض” المادي أو الخدمة الشخصية التي يمكن أن يقدمها لـ “أصحاب الأصوات”. هذا السلوك لا يقلل فقط من قيمة الصوت الانتخابي، بل يفرغ العملية الديمقراطية من مضمونها النبيل، محوّلاً النائب من خادم للشعب إلى مدين لمن اشترى ولاءه بالمال.
ويُكمّل هذا المشهد المقلق سلوكيات انتخابية أكثر خطورة، تتمثل في تشكيل شبكات من الأفراد لا تسعى إلا لتحقيق مصالح مادية وشخصية على حساب المصلحة الوطنية العليا. هؤلاء الأفراد، الذين يضعون ولاءهم تحت تصرف صاحب “اليد العليا” أو “صاحب الفضل”، يتحولون إلى أدوات للتعريض وتشويه السمعة ضد أي مرشح منافس يمثل خطراً على مصدر رزقهم أو نفوذهم الجديد.
إن معاداة وتشويه سمعة الآخرين يصبح سلاحاً قذراً في هذا المضمار. تُصاغ الشائعات وتُلفّق الاتهامات وتُنشر الأكاذيب بلا وازع، والهدف الأسمى هو كسب رضا “صاحب الفضل” والحفاظ على موقعهم ضمن الدائرة الضيقة من المنتفعين. هنا، لا يكون المرشح المنافس هو الخصم، بل هو مجرد عقبة يجب إزالتها لتأكيد الولاء للسلطة المالية والنفوذ.
إن الإصرار على السير وراء أشخاص لمجرد المادة والمصالح هو بمثابة رهن للمستقبل. فمن يبيع صوته اليوم، يبيع قضاياه وغداً أمانته. والنائب الذي يصل إلى مقعده بالمال والتشويه، سيظل ولائه للمال الذي أوصله وليس للوطن الذي أقسم على خدمته.
مهمتنا كأفراد هي استرداد الإرادة الوطنية. يجب أن نرفع قيمة الصوت فوق قيمة المال، وأن نرفض أن نكون أدوات لتشويه سمعة أي شخص لمجرد إرضاء طرف آخر. فالانتخابات يجب أن تكون معركة برامج وأفكار وسجل عمل، لا معركة أموال وشائعات. إن بقاء صوتنا حراً ومستقلاً هو الضمان الوحيد لمجلس نواب يخدم الشعب أولاً وأخيراً.