زينب كاظم تكتب: عابس الشاكري (مجنون الحسين )
أفكار بصوت مرتفع
سنتحدث اليوم عن شخصية دينية مهمة لأنها شخصية فدائية عاشقة للدين وللعقيدة وللحسين عليه السلام الا وهي شخصية عابس الشاكري .
عابس الشاكري كان خطيبا وناسكا ومتهجدا وكان من خواص أصحاب الأمام علي عليه السلام ومعروف بشدة ولاءه للأمام علي عليه السلام وكان من أول الملبين والفدايين لدعوة مسلم بن عقيل بالكوفة فعندما بايعوا مسلم بن عقيل (١٨٠٠٠)شخص كان عابس الشاكري واحدا منهم فأختاره مسلم بن عقيل أن يأخذ رسالة من الكوفة إلى مكة المكرمة للأمام الحسين عليه السلام فذهب صحابي الحسين عليه السلام وأخذ الرسالة وبقي مع الإمام الحسين عليه السلام في مكة وعندما جاء الأمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء جاء معه عابس وبقى معه كذلك وعندما حدثت واقعة الطف الأليمة توجه عابس إلى ساحة القتال ووقف فيها وصرخ الا رجل لرجل ولم يتجرأ اي أحد من جيش عمر بن سعد إلى مواجهة عابس (فقالوا هذا أسد الأسود عابس بن شبيب الشاكري لا يخرجن أحد منكم إليه )وظلوا يرمون الحجارة على عابس فخلع عابس درعه وخوذته فسأله أحد الجنود أجننت يا عابس ؟(فقال بلا حب الحسين أجنني).
ولتوضيح تلك الحادثة الموجعة أكثر ،هو عندما نزل عابس إلى ساحة المعركة سمعوا صوت يصيح هذا بطل الأبطال والله قد رأيته يوم سلق أذربيجان قتل ستة من المشركين قبل أن تلتئم خيول المسلمين ويحكم هذا البطل المجاهد فنزل فوجد أنه لا أحد يقف يقاتله خاصة وسيفه ورمحه بيده وكلما يقترب من كتيبة تنحاز عنه فرجع للخيمة رمى سيفه ودرعه وأخذ قطعة سيف فقط فصرخ به أحدهم يا عابس أجننت تنزل إلى المعركة بلا سلاح بلا درع فقال بلا بلا حب الحسين أجنني .
أن قصة عابس الشاكري( رضوان الله عليه )توضح قوة العقيدة وعنفوانها وعندما يتساءل سائل لماذا جرد نفسه من رمحه ذلك لأنه يعرف أنها لا معركة إنتصار بل معركة شهادة وليست شهادة باردة أنما شهادة تحمل العطاء والحيوية وبذل الروح لذلك قاتل ببسالة حتى استشهد .
شخصية عابس التي خلدها التأريخ لم تأتي من فراغ فعندما جاءت ليلة المعركة أختبر الأمام الحسين عليه السلام جيشه الذي كان كبيرا ساعتها فقال عليه السلام اذهبوا الى بيوتكم وأهاليكم لأن هؤلاء لو ظفروا بي ذهلوا عن غيري حتى أنه عليه السلام فك البيعة عن أعناقهم وقال الحسين عليه السلام هذا الكلام وهو متجه برأسه للأسفل ومغمض عينيه كي لا يحرج أحد فيهم فالبعض منهم بالفعل تسلل وأنسحب ثم رفع رأسه ونظر فشاهد هناك مجموعة ظلت باقية والمتعارف عليه أن عددهم كان (٧٠شخصا) لكن من المعتقد أن العدد كان أكثر من ذلك لكن الأسماء المعروفة هي سبعين فطلب منهم الحسين عليه السلام أن يخرجوا خارج الخيمة وأشار إلى السماء فنظروا وكأنه كان يريد أن يريهم منازلهم في الجنة رزقنا الله الجنة وأياهم لكن حبيب بن مظاهر الأسدي رضوان الله عليه ربما خفت روحه فأخذ يمازح صاحبه فقال له صاحبه أهذه ليلة مزاح يا حبيب فأجابه نعم بكل تأكيد أنها هذه هي ليلة مزاح فليس بيننا وبين الجنة إلا غداة غد نعالج هؤلاء بسيوفنا فندخل الجنة .
لكن عابس الشاكري رضوان الله عليه ونحن نرد بذلك عن اؤلئك الذين يدخلوننا بنقاشات عن سبب خلعه خوذته ودرعه ورمحه أن عابس ربما كان يرى موقعه في الجنة وهو يحارب لذلك أراد الوصول للجنة بسرعة ،لكن الكلمة التي قالها كانت مؤثرة جدا (حب الحسين أجنني )وهذه الكلمات سمعناها منذ طفولتنا وظلت عالقة ومترسخة في أذهاننا أذ حب الحسين أجنه وقضى على كل ما حوله فلم يعد يرى شيئا غير الشهادة وكلنا عشاق الحسين حبه أجننا ،وهو عاصر زمن الأمام علي عليه السلام وزمن الأمام الحسن عليه السلام وكان من خواص أصحاب الأمام علي عليه السلام وكان شجاعا قويا لا يهاب الموت وبالإضافة لشجاعته كان من حملة القرآن الكريم ومن حملة علوم النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلذلك عندما نقول أنه من خواص أصحاب الإمام علي عليه السلام فإن خواص أصحاب الإمام علي عليه السلام ليسوا أشخاصا عاديين بل ناس مثقفين أمثال مالك الاشتر وكميل بن زياد ،ونضيف إلى خزين معلومات القارئ لمن لم يطلع على ذلك طبعا أن عابس شارك بمعركة صفين وجرح في جبينه في المعركة جرحا عميقا وظل أثره على جبينه حتى استشهد في واقعة الطف الأليمة فعندما نسمع قصة الواقعة يقولون فحضر عابس وكان هناك أثرا على جبينه وهذا الجرح من زمن معركة صفين فحتى في في يوم عاشوراء ذكر ذلك الأثر لذلك عند قراءتنا في كل كتب التأريخ والدين عن شخصية عابس لا نجد إلا كل الحب والأخلاص لآل البيت عليهم السلام لكنه عاش طيلة حياته وفي باله امنية واحدة لكنه للأسف لم تتحقق إلا في يوم عاشوراء الأليم إذ أنه لم يتوفق للشهادة في معارك الأمام علي عليه السلام حتى صار كبيرا بالسن وضعفت قوته إذ لم يعد كما في شبابه ،حتى في يوم من الأيام جاء مسلم بن عقيل رضوان الله عليه سفير الحسين عليه السلام إلى الكوفة وقال مسلم بن عقيل إلى أهالي الكوفة (الحسين يدعوكم للقتال فكان عابس كان أول الملبين لدعوة الإمام الحسين عليه السلام فقال عابس لمسلم بن عقيل أمام كل أهل الكوفة والله لأجيبنكم إذا دعوتم ولأقاتلن معكم عدوكم ولأضربن بسيفي دونكم حتى القى الله وأريد بذلك إلا من عند الله )وللعلم أنصار الأمام الحسين عليه السلام يختلفون أن أنصار باقي الأئمة عليهم السلام لأن أنصار الحسين عليه السلام كانوا يقاتلون لأجل الشهادة وليس لأجل النصر فكانوا فدايين للأمام الحسين عليه السلام ،ومن بقي مع الحسين عليه السلام كانوا أصحاب حقيقيين إذ أنه بعضهم ترك عائلته والبعض أولاده والبعض أمه والبعض عمله ورزقه وبيته فتخيلوا ما يملك الحسين عليه السلام من أصحاب وكل ذلك لنصرة الحسين عليه السلام ونصرة الدين الاسلامي حتى قال الإمام الحسين عليه السلام بحقهم (فأني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خير من أصحابي )ومن أهم أصحاب الحسين عليه السلام كان عابس بن شبيب الشاكري،فظل هؤلاء الثلة الطيبة الخيرة من أصحاب الحسين عليه السلام ملتزمين بوعدهم ولم يتركونه حتى جاء يوم القتال فتقدم أنصار الحسين عليه السلام و ظلوا يستشهدون واحدا تلو الآخر فاستشهدوا كلهم ولم يبق إلا القليل ومن هؤلاء القلة عابس وشوذب فجاء عابس لشوذب وقال له ماذا في نفسك أن تصنع فقال له ماذا أصنع اقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى اقتل فأجاب عابس ذلك الظن بك وقال اذهب وتقدم بين يدي ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى يحتسبك كما أحتسب كثير من أصحابه فقاتل شوذب حتى استشهد بين يدي أبا عبد الله الحسين عليه السلام وبعد أن استشهد شوذب ذهب عابس إلى الحسين عليه السلام وقال يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على وجه الأرض قريب أو بعيد أعز عليه أو أحب علي منك ولو قدرت أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعز عليه من نفسي ومن دمي لعملته السلام عليك يا أبا عبد الله اشهد اني على هديك وهدي نبيك صلى الله عليه وعلى آله وسلم)فليتخيل القاريء حجم الحب الذي يحبه عابس للأمام الحسين عليه السلام وما هي مرحلة العشق التي وصلها عابس للحسين عليه السلام.
فأخذ سيفه عابس وتقدم نحو جيش عمر بن سعد كي يقاتل مع أبا عبد الله الحسين عليه السلام فرأه شخص اسمه ربيع بن تميم الهمداني فقال هذا الشخص (هذا أسد الأسود هذا إبن أبي شبيب لا يخرجن إليه أحد منكم فجيش عمر بن سعد لما شاهدوا عابس خرج للقتال كلهم هربوا فظل عابس ينادي الا رجل لرجل فهنا عمر بن سعد عليه لعائن الله قال أضربوه بالحجارة فعابس رمي بالحجارة من كل جانب فظن عمر بن سعد ظن أنه عندما يرمى عابس بالحجارة سيهرب ويرجع لكنه بكل شجاعة رمى درعه وظل واقفا مثل الأسد فهنا جيش عمر بن سعد تعجبوا وقالوا أجننت يا عابس فقال عابس كلمته الخالدة بلا حب الحسين أجنني ،ويقول أحد الرواة فرأيت رأس عابس في أيدي الرجال ذوي عدة هذا يقول أنا قتلته والآخر يقول أنا قتلته ،فقال عمر بن سعد لعنه الله لا تختصموا فهذا لم يقتله انسان واحد كلكم قتله .
رضوان الله عن عابس الشاكري وحشرنا الله وإياه ملتقانا عند الحسين عليه السلام.
عذرا على التكرار في بعض المواضع لأن المقال تطلب ذلك لوجود بعض التفاصيل العميقة في كل مصدر من المصادر الموثوقة .
كذلك لدي ملاحظة أريد توضيحها للناس هناك رواية شفوية متناقلة عن الصحابي عابس بأنه جن بالحسين عليه السلام كونه مرض بالحمى ولم يشارك بالمعركة وعندما شفي اكتشف أنه المعركة انتهت وأن الحسين عليه السلام وكل أولاده وأصحابه استشهدوا فجن عابس وهام في الصحاري وهذه قصة بعيدة كل البعد عن الواقع والواقع هو ما وثقته في هذا المقال .
كذلك وددت أن أضيف أمر يخصني وعنوان مقالاتي العام أفكار بصوت مرتفع لذلك أفكر مع من يتابعني بصوت مرتفع وهناك موضوع موجع جدا هو أن لهذه المقالات العقائدية جانب مظلم فالكثير لا يعرف بأنني أتعرض للهجوم في بعض المواقع بسبب هذه المقالات رغم أن هدفي الدفاع عن عقيدتي وعن الحق والحقيقة واثراء معلومات القارئ وليس التهجم والأساءة وكل معلومات أجلبها من بطون الكتب بعد رحلة بحث لا تخلو من الأرهاق والجهد والتركيز والوقت ثم يأتي أحد أشباه الرجال ليعلق تعليق أرد عليه بكل أدب والأدلة والمنطق ومن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والعترة الطاهرة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيبدأ يتهجم بأبشع الألفاظ حتى اصل لنقطة مظلمة مغلقة فأحظر المقابل ليس ضعفا أو هروبا بل لأنني لا اريد أن اتسخ معه في مستنقع الوضاعة والخسة والأساليب النابية والأباطيل والتهم في الوقت ذاته أضع في الحسبان أنه هناك من يتابع ولا اريد أن اخدش شعور أو ذائقة أحد و هذا التهجم دليل ضعف دين وضعف فكر وضعف أخلاق وضعف حجة والمشكلة هذه النماذج للأسف تكون قبل أسماؤها القاب مثل الشاعر أو الكاتب وأغلبهم في مواطن ومحافل أخرى يدعي الثقافة ويطالب بحرية المرأة وحرية الطقوس والمعتقدات لكنه بالحقيقة أنسان حاقد يتهجم على أمراة بلا وجه حق ويسيء للطقوس والمعتقدات ويسيء لرجال الدين الأحياء والأموات رغم أننا كلنا يعرف أنه لا يزكي النفوس الا خالقها وهو لا يعلم بأنه بهذا التصرف قتل رجولته ودفنها بلا عزاء أو مأتم ،أما أنا فدوما أردد لا حديث لي مع أصحاب العدائية الواضحة كونهم حالة ميؤوس منها لكن أحيانا نقع بين خيارين أما نناقش أو نناقش أي الاثنان واحد ففي هذه الحالة نجبر نناقش لأخر رمق وبكل وعي وأدب لكن المتهجم أن كان امرأة فهي قتلت أنوثتها بيديها وشيعتها إلى مأواها الأخير وإذا كان رجل لا يختلف كثيرا عنها أيضا ذبح ضميره أو قد يكون ضميره ميتا أصلا ودفن رجولته وسأظل أكتب وأنشر واتوعى وأنور مهما كان الطريق مليئا بالنار ولو قطعوني اربا ووضعوا كل قطعة في دولة ستأخذ اشلائي أقلاما لتكتب ولن أتراجع ولو بمقدار ربع خطوة لأن صاحب الحق والشجاعة لا يتراجع خاصة أنا إنسانة اتعامل بانسانية وهدفي إثراء المعلومات بالمقالات فقط ولا استنزف طاقتي مع أفراد لأنني لست روبوتا كي أقرأ وابحث واكتب مقالات عقائدية واجتماعية وغيرها وخواطر وقصص قصيرة وكذلك اناقش كل شخص على حدة فأنا انشر مقالا واترك للقارئ الحرية بأن يبحث بنفسه للتأكد أو أن يقتنع أو لا أو حتى المتابعة أيضا خيارا وليس أجبار لكن أحيانا الكاتب يصاب بخيبة أمل إذا تعب على بحث أدبي فلا يجد تفاعل من مجتمعه فقط هذه النقطة عندي لكنني أعرف أن الكاتب بيده مشعل من نور أسمه القلم وهو بيده تنوير طريق الناس بهذا المشعل وبيده يحرق وأنا اخترت التنوير رغم وعورة الطريق وأعرف جيدا أن الصحافة مهنة البحث عن المتاعب ،وفقنا ووفقكم الله .