زينة جرادي فارسة قصيدة الغزل
كتبه : سفيان حكوم ناقد من المغرب
رائعة الملامح ، يكتبها الشعر ، على اشجار السنديان ، واوراق الصفصاف ، تتنفس فكرا ووعيا وتمطر صدقا وفنا ، هي فارسة قصيدة الغزل ” زينة جرادي ” ، الشال الأنيق في الزمن الشعري الردئ .
هي شاعرة تفوح منها عطر هوى الشعر النادر ، بأسلوب ليس فيه تكلف ولا صنعة ، بل احساس بضرورة تلمس مافطرت عليها من نقاء النفس والروح والمشاعر ، انها تتنفس شعرا وصدقا ، وهنا يبدو الوجه الثقافي للشاعرة التي تحمل لبنان في قلبها ، تخاصر زهرات وحساسين الرداء الذي يعزفها حبا ، ويصهرها عشقا وشعرا ، هي صنف من البساطة يتدلى على سواقي التفاح ، في زمن ركض فيه بعض الشعر خلف البريق المعتم .
زينة جرادي الشاعرة ، هي ارفع في صدقها ونفسها ، واعترف بأنني لا استسيغ القراءة وحتى الاستماع ، الا لبعض الشعر الذي يدخل القلب بصدقه ، ويشعر الانسان انه أمام مفردات ذات معنى جميل ، وحرووووف ذات وقع يسكب عطره في قنينة التفاعل الشعوري ، لكنني وعدت حرفي ان يكتب مداده المتواضع لمن يستحق بآضافاته للشعر زوايا ناصعة .
هي شاعرة تشدك مخيلتها الشعرية ، وأسلوبها القوي الوارف ، وثقافتها الى ابعد مدى تنتظره ، كالفراشة تقطف من البساتين الكلمات التي تفجر في نفسها بركانا من التفاعل الشعوري المتجدد ، الذي يشعل الكلمة الجديدة والمعنى المتألق .
آنتظروا كل جديد ، لهذا الصوت الشعري المتميز الذي يخطو بأقدام ثابتة نحو الآفاق .

مقطع من قصائدها :
جَلَّ مَن لا يُخطئْ
كيف سَأَبْرَأُ مِنكَ وأنتَ ترتديني كثوبٍ في جُعْبَةِ الذكريات
ترفعُ الصوتَ شِعارًا أبكمْ
تخطِفُ الزَّمنَ وتسقيني مُرَّ الكلام
انطفأَ رمادُكَ وما عادتْ نارُكَ تُحرقُني ولا جُرُعاتُ الخيبةِ تَقتُلُني
أَرِقَةٌ أنا يُجافيني النومُ من وشوشةِ ريحٍ
تَدَلَّتْ على وَجْنَةِ دمعة
تركُضُ بمتاهَةِ التَنْهيدِ وفي عينيْكَ بريقُ النجوم
إرفعْ بصماتِكَ عني فقد امتلأتُ موتًا
ما لكَ ولمشاعري تُداعِبُها وتُوقِدُ الصَّبابَةَ فيها
تغرَقُ لَذَّةً بينَ جبالِ اللُّؤلؤْ وتذوبُ نشوةً
تدنو مني
تُبادِرُ إلى مَوائدِ الشِّفاه
أرَدْتَ قَطْرَةً فأعطيتُكَ الغيْثَ كُلَّهْ
تَمَنّيْتَ نجمةً فاصطدْتُ لكَ القمر
سرقْتَني مِنّي وتركتَني وحيدة
كيفَ هانَتْ دموعي عليك وَفيكَ كان أماني
نَسيتُني مشنوقةً على وريدِك
أَتأتيني اليومَ بالمعجزات؟
أَتخْشى الغرقْ !لموسى البحرُ انْفَلَقْ
يا رجُلاً لا يعرِفُ معنى الحُزْنِ كتاريخٍ بِلا عُنوان
أَتعافى بحروفي كُلَّما أصابتني سِهامُ الحياةِ
آتيكَ بِنَكْهَةِ سرابٍ فَوْضَويٍ
تَتَلاقَحُ فيها مشاعِرُنا
وتعودُ معَ الغدِ
تغزِلُ بروحي كَنَوِّ بحرْ
استفاقَ الليلُ على مسمعي كمزامير داوود
كساقيةٍ تاهتْ على جرفِ دُموع
أحمِلُ قلبي وكأنَّهُ في جسدٍ آخَر
لا يأْتَمِرُ لِما أقول
يَدُ الله رسولٌ للفُؤاد
أقسمتُ أني سأقسو
كمسمارٍ دُقَّ بحياة
لِمَ لا توصدُ الأبواب
قَلِّمْ مواسمَ الشوك
كسِّرِ السَّطرَ الأخير
وثِقْتُ يومًا برجلٍ وجَلَّ من لا يُخطئْ .