بقلم رسلان البحيصي
اغسطس 1967م قال موشى دايان “اذا كنا نملك الكتاب المقدس واذا كنا نعتبر أنفسنا شعب الكتاب المقدس فان علينا بالمثل أن نمتلك أرض الكتاب المقدس … أرض أورشليم وجدون وأريحا وغيرها واني أعرض الوسائل لتحقيق حلم الآباء وعلى الدول الأجنبية أن تفهم أنه بالنسبة لاسرائيل وبغض النظر عن الأهمية الاستراتيجية تقع سيناء ومرتفعات الجولان ومضيق تيران وجبال غرب الأردن… في قلب التاريخ اليهودي”.
النسف والمصادرة في الأراضي المحتلة بعد 1967
أ- نسف المنازل وهدمها وحرق الخيام في الأراضي المحتلة: يقول هرتزل في كتابه “دولة اليهود”: “القديم”. وقد قامت (إسرائيل) بعد عام 1948 بترجمة هذه القاعدة إلى عالم الواقع.
بعد حرب 5 يونيو 1967م اتبعت اسرائيل سياسة الاستيلاء على الممتلكات العربية ومصادرة الأراضي ونهب الثروات الطبيعية وتدمير القرى ونسف المنازل وهدمها بقصد تهجير سكانها الأصليين والحلول محلهم طبقا لمنهج جوهري نابع من الصهيونية بهدف تغيير البيئة السكانية للقرى العربية وفرض طوق من المستعمرات عليها لمنع نموها الطبيعي.
الذرائع الصهيونية لعمليات الهدم والنسف والمصادرة :
1- الادعاء بان البناء مشيد بدون ترخيص أو مقام على أرض مصادرة أو مغلقة أو على جوانب الطرق العامة أو في الساحات أو في أراض مخصصة للمواصلات ويصدر أمر الهدم من الحاكم العسكري وتقوم بتنفيذه قوة من الجيش والأمن بواسطة الجرافات.
2- نسف منازل الأشخاص الذين تتهمهم سلطات الاحتلال بتنفيذ عملية فدائية أو التعاون مع من نفذها أو الذين تلوح أية شبهة علاقة بينهم وبين أحد عناصر المقاومة ويصدر أمر النسف والتدمير عن الحاكم العسكري بعد موافقة وزير الدفاع الإسرائيلي ويتم تنفيذه بالديناميت.
1 فبراير 1979 نشر في لندن تقرير لجنة العفو الدولية ادان أعمال إسرائيل في تطبيق الحكم العسكري على المدنيين.
اقسام اعمال النسف والتدمير
1- النسف الجماعي للقرى والأحياء
بدأ بعد حرب 5 يونيو 1967 م مباشرة في الأشهر الأخيرة من ذلك العام
قامت السلطات الاسرائيلية بحملة نسف واسعة في عدد من القرى والمدن العربية أصابت مئات البيوت والمجمعات السكنية في شتى أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة.
2- النسف الاداري للمنازل والخيام
بلغ عدد المنازل التي نسفت بهذا الشكل 217 منزل داخل حدود بلدية نابلس
مثلا 1,200 منزل خارج حدود البلدية وفي القرى المجاورة.
شهدت جنين والبيرة ورام الله والقدس والأغوار وقلقيلية وطولكرم عمليات النسف ايضا.
يقدر مجموع المنازل والوحدات السكنية التي قامت السلطات الاسرائيلية بنسفها في الأراضي المحتلة بين عام 1967م وعام 1977م بـ 7,639 منزل ( 3,639 منزل في الضفة الغربية و2,500 منزل في قطاع غزة و 1,500 وحدة سكنية )
جاء في المذكرة التي قدمتها الرابطة الاسرائيلية للحقوق الانسانية والمدنية في تل أبيب إلى لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في الممارسات الاسرائيلية في الراضي المحتلة واللجنة الدولية لحقوق الانسان
أن اسرائيل دمرت 1,554 بيت في الأراضي المحتلة وأن أكثر من 16,000 شخص بقوا دون مسكن وأنه تم تدمير 150 منزل من أصل 2,000 منزل في قلقيلية وحدها .
3- مصادرة الأملاك في الأراضي المحتلة
بعد حرب 5 يونيو 1967م تم تشكيل لجان لوضع الخطط لتوسيع أعمال المصادرة وتنفيذ البرامج الاستيطانية. شكلت لجنة عليا لشؤون الاستيطان داخل مجلس الوزراء الاسرائيلي برئاسة وزير الزراعة السابق ارييل شارون
اعد شارون مشروع لاحداث تغييرات سكانية وجغرافية وقانونية في الأراضي المحتلة.
وكلت مهام استيطانية أخرى إلى المنظمات والحركات الصهيونية المنتدبة المتطرفة التي اشتهر منها حركة “غوش أمونيم” ( حركة جندت نفسها لخدمة الأهداف التوسعية وتنفيذ الخطط الاستيطانية ).
قامت الحكومة الاسرائيلية على الصعيد الاعلامي بتحميل هذه الحركات مسؤولية ما يحدث في محاولة لخداع الاعلام العالمي وكأن المسألة ليست توسعا واستيطانا واستيلاء على الأرض بل هي مسألة مجموعة من المتطرفين المتدينين الذين يصرون على اقامة هذه المستعمرات في الضفة الغربية والارتباط بما يسمى أرض اسرائيل
قدم عزرا وايزمان وزير الدفاع الاسرائيلي مشروع اقامة ستة مراكز بلدية جديدة في الضفة الغربية والقدس واسكان المهاجرين فيها تحت شعار”ابن بيتك بما يروق لك”
تأتي السياسة الاسرائيلية للاستيطان طبقا لمخطط يرمي إلى تهويد المناطق المحتلة بتطبيق:
1- قوانين الانتداب ابريطاني خاصة قانون الطوارى لعام 1945م الذي أعطى الحكومة حق انزال العقوبات الصارمة بمن تقتنع أنه مهدد للامن وحق وضع يدها على أي منزل أو بناء تقتنع بأن رصاصة أو قنبلة أو مواد متفجرة أطلقت منه وللمندوب السامي أن يأمر بهدم ذلك البناء أو التعرف به كيفما شاء.
2- التشريع البريطاني الصادر في اغسطس 1926م ويبيح للحكومة أن تستولي على الأرض التي تراها ضرورية للمشاريع والمصالح العامة حتى لو لم يوافق مالكها على بيعها
أخذت سلطات الاحتلال الصهيوني بهذا القانون وطبقته في أحوال ثلاثة هي:
أ- نزع الملكية بحجة استغلالها في مشروعات الدولة أو المرافق العامة كما حدث في الحان الأحمر والنبي يعقوب واللطرون ورام وشعفاط.
ب- الاستيلاء العسكري على الأراضي واقامة شوارع حولها لاستخدامها لأغراض عسكرية.
ت- الاستيلاء المؤقت لأغراض الأمن ونزع ملكية الأراضي عن طريق دفع مبالغ زهيدة جدا لا تساوي قيمة الأرض.
3- تطبيق المادة 16 من دستور فلسطين المعدل التي تعطي للمندوب السامي البريطاني أن يحول بمرسوم يصدره أية أرض في فلسطين من صف “الميري” إلى صف “الملك”
بموجب هذا القانون تم انتزاع آلاف الدونمات من يد أصحابها العرب.
4- أوامر الحاكم العسكري باغلاق الأراضي والمناطق وتسويرها ومنع الدخول اليها أو استخدامها أو زراعتها واغلاق المنازل والمحلات التجارية وقيام المسؤولين على أملاك الغائبين بالتوسع في طبقا لامر الحاكم العسكري رقم 58 لسنة 1967م .
5- الخطط والأساليب التي طبقتها إسرائيل منذ عام 1948م في فلسطين على المناطق المحتلة لارهاب السكان العرب واجبارهم على مغادرة أراضيهم وبيوتهم ليتسنى اعتبارهم غائبين وتطبيق قانون أملاك الغائبين الصادر عام 1950م عليهم ووضع يدها على أراضيهم وأملاكهم.
6- حاول الصندوق القومي اليهودي (كيرين كايميت) ودائرة العقارات الإسرائيلية التحايل بشتى الطرق والوسائل لشراء المزيد من الأراضي من ملاك الأراضي الغائبين الموجدين خارج الضفة الغربية واخفاء هوية المشترين
7- انشئت شركة خاصة في الولايات المتحدة تدعى (هيمانوتا) مهمتها شراء الأراضي في الضفة الغربية وتمت معظم عمليات الشراء اما بطريق الاكراه ووضع أصحاب الأراضي أمام الأمر الواقع عن طريق مصادرتها واقامة المستعمرات عليها او بطريق التحايل من خلال تكليف طرف ثالث غير اسرائيلي للقيام بشراء الأراضي.
8- اقامت اسرائيل في يوليو 1967م أول مستعمرة لهم في الأراضي المحتلة وخلال السنوات التي تلت ذلك تابعت بناء المستعمرات حتى بلغ عددها في مايو 1978م 90 مستعمرة منها 57 مستعمرة في الضفة الغربية و26 مستعمرة في سيناء و7 مستعمرات في غزة
اعلن اسحق رابين الهدف من تلك المستعمرات قائلا :
“هدف الاستيطان في القدس كان للمحافظة على الأغلبية اليهودية فيها وأن “المستعمرات التي أقيمت خارج الخط الأخضر تهدف إلى تعزيز خطوط المواجهة على امتداد الجولان ونهر الأردن وشرم الشيخ وتعزيز القدس وجبل الخليل وضمان اغلاق المنطقة الواقعة إلى جنوب قطاع غزة”.
قالت جولدا مائير رئيسة الوزراء
“ان الحدود هي حيث يعيش اليهود لا حيث توجد خطوط على الخارطة”.
بعد عقد مؤتمر كامب ديفيد وبدء المباحثات المصرية – الإسرائيلية أصبح الإسرائيليون يستعجلون في تعزيز المستعمرات القائمة وتوسيعها وإقامة مستعمرات جديدة تحسباً للتجنيد الذي قد يفرض في حال عقد اتفاق للسلام.
اتخذ الحاكم العسكري كافة الاجراءات الضرورية لانهاء عمليات الاستيلاء قبل أن يدخل برنامج الحكم الذاتي للفلسطينيين حيز التنفيذ
خشية احتمال اثارة مسألة قضائية بخصوص الاستيلاء على الأراضي بعد إقامة الحكم الذاتي تقرر التعجيل بدراسة ملكية هذه الأراضي وإنهائها وتلقى حوالي 150 عربي من أصحاب الأراضي في قرية حزما التي تقع شمالي شرق القدس مذكرات من سلطات الحكم العسكري في رام الله تتضمن أمر بحضورهم الى مكتب الحاكم العسكري بسبب صدور “أمر شراء” لأراضيهم بهدف توسيع حي النبي يعقوب في القدس
أعلن أرييل شارون وزير الزراعة أمام المؤتمر الثالث عشر لاتحاد الفلاحين أنه بامكانهم أن يقيموا مستعمرات وراء الخط الأخضر فورا وقدم اليهم سبعة أماكن لاقامة هذه المستعمرات ومنحتهم حق اقامتها في أي مكان يشاؤون.
قررت المحكمة العليا الاسرائيلية رد دعوى أهالي قرية عناتا في قضاء رام الله بصدد مصادرة 1,700 دونم من أراضيهم وقالت في ردها “انها ترفض التدخل في اعتبارات الجيش العسكرية الأمنية”
تمت في أواخر 1978 مصادرة منطقة مساحتها 1,000 دونم في أراضي بلدة طوباس الواقعة شمالي نابلس ومساحة أخرى في بلدة بيت ساحور مساحتها 1,200 دونم وجرى اغلاقها ومنع الدخول اليها وفي مدينة الخليل قام الجيش بتسيج منطقة مساحتها 3,000 دونم ووضع قوات كبيرة من الجيش أمام السياح.
5 يناير 1979م تم تشريد 38 عائلة من عشيرة العزازمة وهم من عرب النقب وهدمت بيوتهم وصفيت قطعان ماشيتهم تمهيدا لمصادرة أراضيهم.
حرب الأيام الستة فى مذكرات قادة إسرائيل
-
جولدا مائير
1- بداية اندلاع حرب 1967
لقد بدأت الحرب باكراً فى 5 يونيو يوم الاثنين وعندما سمعنا صفارات الإنذار أدركنا أن فترة الانتظار قد انتهت مع العلم أنه لم يعلن للأمة عن ضربة إسرائيل المفاجئة إلا فى منتصف الليل وطوال ذاك اليوم كانت أسراب من طائراتنا تعبر المتوسط لتقصف قواعد الطائرات الحربية المصرية والتى كانت على أهبة الاستعداد لإبادتنا بدأتخلال تلك الفترة كنا ننتظر ونتسقط الأخبار بآذان مشدودة إلى أجهزة الراديو التى كنا نحملها معنا أينما ذهبنا ولكن لم نستطِع تبيان شىء غير الموسيقى والأغانى العبرية الحماسية ومناداة الاحتياطيين ممن لم يُعبّأوا بعد.
2- بعد انتصار إسرائيل
أخيراً علمنا بنهاية الحرب واستسلام العرب خلال ست ساعات استغرقتها قواتنا الجوية لتعطيل 400 طائرة منها تلك الجاثمة فوق المطارات الأردنية والسورية وهكذا أصبحت قواتنا الجوية سيدة الأجواء من سيناء حتى سوريا كذلك سقطت القدس العربية والمدينة القديمة ونحو نصف المملكة الأردنية و لم يكن شعوراً بالنصر بل موجاً عارماً من الآمال بنشوة الانتصار بسعادتنا بعودة العيش المطمئن الهادئ الذى عم الأحياء اليهودية فى فلسطين أحسسنا به فى كل نبض من حياتنا لقد أخذت إسرائيل كلها نوعاً من العطلة استغرقت الصيف بكامله ولا أظن أن عائلة واحدة لم تشعر بوجوب أخذ عطلة طويلة للذهاب إلى الأرض المقدسة التى طُردنا منها 20 عاماً لقد تجمهر الناس فى القدس القديمة بين الركام وأمام حائط المبكى راحوا يبكون ويصلون ثم ذهبنا بالطبع إلى بيت لحم وأريحا والخليل وغزة وشرم الشيخ لقد شارك الجميع بالاحتفالات وطافت السيارات المحملة بالناس تجوب شوارع المدن والتقينا السكان العرب وتحدثنا معهم وساعدناهم فى أمورهم وسهلنا لهم كل شىء خاصة فى بيع وشراء محاصيلهم محاولين نقل فرحتنا إليهم وأننا نستطيع العيش مع بعضنا حياة طبيعية وتجول العرب فى كل مكان فى تل أبيب وشاطئ المدن الساحلية وجلسوا فى المقاهى والأماكن العامة وأظن أن العرب قد ذهبوا إلى مكة شاكرين الله لأنهم غُلبوا كى يستطيعوا تذوق طعم السلام ومن زار البلاد فى صيف 1967 استطاع أن يشهد الفرحة التى سيطرت على اليهود وأثرت فى العرب، وكأن الناس خُلقوا من جديد.
-
موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلى
كانت المواقع المصرية المحصنة سلسلة من الأجهزة الدفاعية تمتد أحياناً على عمق يزيد على 30 كيلومتراً وهى تتكون أساساً من تحصينات مجهزة بالمدفعية وبالوسائل المضادة للمدرعات وبرشاشات وفتحات كافية لتحرك السيارات المصفحة وهذه التحصينات كانت تحميها مواقع متقدمة تشكل صوراً مصغرة للقواعد الكبيرة وكانت تتوالى حتى القناة على طول الطرقات وتنهض عند تشابكها تحصينات وقواعد عسكرية أخرى وعشية هذه الحرب التى أصبحت تعرف باسم حرب الأيام الستة لم تكن تلك المواقع تضم قوات مصرية كبيرة فحسب بل كانت تشكل نقاط تجمع فرق مدرعات ومشاة، جىء بها إلى سيناء فى الأسابيع الثلاثة الماضية.
كانت خطة الهجوم الإسرائيلى كانت تقضى بدخول القطاع الشمالى عبر رفح ودخول القطاع الأوسط عبر أبى عجيلة بحيث يقع الهجوم من اتجاهات غير متوقعة ووفق تخطيطات غير منتظرة مثل التقدم عبر الفجوات لإلهاء مؤخرة العدو والقيام بهجمات سريعة باتجاه السويس والاستيلاء، على طول الطريق على قواعد العدو وإشغال القوات المدرعة له وقطع طرق الانسحاب أمام القوات التى تكون قد بقيت فى سيناء والاستيلاء على شرم الشيخ من ناحية طريقها البري لإنهاء الحصار المضروب على خليج العقبة متابعاً والهجوم على المصريين فى سيناء قامت به ثلاث مجموعات، يقودها الجنرالات إسرائيل تل وإرييل شارون وإبراهام يوفي تحت إمرة قائد القطاع الجنوبي الجنرال يشاياكو (شايكة) غافيتش.
فى صبيحة الخامس من حزيران وفيما كان الطيران الإسرائيلى يبدأ فى عملياته كانت قوات تل فى القطاع الشمالى وقوتها الضاربة تتألف من لواء مدرع بقيادة شيموئيل غوروديتش (غونين) تدفع قوة مصرية إلى الهرب وتخترق تحصينات رفح وتطهر الطريق الساحلي وتتابع طريقها لتصل عند المغيب إلى ضواحى العريش على شاطئ البحر المتوسط.
الاستيلاء على قاعدة رفح المحصنة اقتضى يوماً كاملاً من القتال العنيف والمناورة وهى بصورة كماشة قام بها لواءان قوات غونين المدرعة من الشمال ومظليو رفول إيتان بالتعاون مع وحدة مشاة ووحدة مدرعة من الجنوب ونفذت عملية الاختراق فى أقل من يومين فتوافرت أمام قواتنا مساحات كافية للمناورة فى مواجهة قوات العدو وتحصيناته وهى تتقدم باتجاه القناة
فى نهاية اليوم الثانى بدأت القوات المصرية فى المواقع غير المحاصرة بالانسحاب، بناءً على أوامر القيادة فى القاهرة ولما بلغنا أن حامية شرم الشيخ بدأت هى الأخري تنسحب قدمنا الموعد المحدد للاستيلاء على المدينة بإرسال قوة مظليين من غير أن نترقب أن يعمد المشاة إلى قطع الطريق عليها
احتلال شبه جزيرة سيناء احتلالاً كاملاً تم يوم السبت 10 يونيو عندما التقت وحداتنا الآتية من رأس سدر والمتجهة جنوباً مع المظليين المتحركين من شرم الشيخ باتجاه الجنوب فى أبى زنيمة وهى قرية صيادين صغيرة وكانت تلك القوات قد استولت فى طريقها على الطور وعلى حقول النفط فى أبى رديس
فى نهاية أربعة أيام من المعارك الدامية والانكسارات والتجارب سواء بالنسبة إلى الجنود أم إلى الضباط على الصعيدين السياسى والعسكرى قبل عبدالناصر وقف القتال الذى بدأ تطبيقه فى ساعة متأخرة من 8 يونيو وكان عبدالناصر قد أخطأ فى تقدير نوايا إسرائيل فبالرغم من وضوح الأدلة لم يدرك أننا كنا مصممين على الرد على إغلاق المضايق خصوصاً بعد تشكيل حكومة الاتحاد الوطنى فبخلاف ذلك كانت القاهرة مقتنعة بأن إسرائيل لن تتجرأ على النزول إلى الميدان أما انفجار الحرب فقد سمعه عبدالناصر بأذنيه عندما بدأ الهجوم الجوى على مطارات القاهرة وقيادة عبدالناصر العسكرية لم تتمكن من تقدير الخطة العسكرية الإسرائيلية بعد بدء الحرب كما أنها لم تتوصل إلى تقدير صحيح لما كان يجرى فى الميدان وفى أكثر الأحيان لم تعرف بما كان يحدث إلا بعد فوات الأوان وأخيراً فإنها لم تجد الليونة اللازمة بعد الضربة التى شكلها الهجوم الجوى الإسرائيلى فكانت صدمة نفسية أكثر منها قتالية فإن كان صحيحاً أن إسرائيل حققت السيطرة على الأجواء فالصحيح أيضاً أن المدن المصرية لم تُضرب وأن الوحدات المدرعة المصرية فى سيناء كان يسعها أن تقاتل حتى دون غطاء جوى.