طفرة تطورية
بقلم: عمر الشريف
أختي فريدة لديها حالة التصاق مع كراسة الرسم والألوان، نأخذ منها أي شيء ما عدا كراسة الرسم والألوان، فهم جزء من روحها، في البيت في الدرس في المدرسة في أي وقت ترسم، ترسم أي شيء المهم لديها أن ترسم.
لكن لدى فريدة مشكلة في الكتابة، فهي تكره أن تكتب وكرهها للكتابة انعكس على خطها، فخطها سيء للغاية، وإذ فجأة اليوم فريدة تحكي لنا أنهم حيوها في المدرسة والفصل كله صفق لها لأن خطها جميل، فقلت لها: “احلفي” فحلفت وهي تضحك وحكت لي الحكاية العجيبة.
في وسط الفصل المزدحم بالأطفال، المعلمة انتبهت أن فريدة تحب الرسم، ومتعلقة بكراسة الرسم جداً وفي نفس الوقت خطها سيء.
المعلمة قالت لفريدة: “خلاص.. احنا هنكتب في كراسة الرسم” ولمعت عينا فريدة وهي تحكي هذا الجزء من حديثها.
بدأت فريدة تكتب في كراسة الرسم، والمعلمة تطلب منها تلوين ما تكتبه، وفي كل مرة يكون الخط أفضل تخرج المعلمة شوكولاتة من حقيبتها وتعطيها لفريدة، ثم تمسك كراسة الرسم وتتصفحها وتنظر للرسومات وترفعها بأيديها للأعلى وتعرضها على الفصل كله وهي تقول لهم: “ده رسم الفنانة فريدة” وتطلب منهم أن يصفقوا لها على رسمتها الجميلة.
حين رأيت خط فريدة اليوم في كراسة الرسم لم أصدق، تطور غريب حدث، وفرحة غير عادية في عيونها بالإنجاز وهي تحمل كراسة الرسم التي أصبحت كراسة رسم وكتابة.
كم أود أن أقبل يد تلك المعلمة التي انتبهت أن شقيقتي تحب كراسة الرسم وأن هذا هو المفتاح، وأود أيضاً أن أحييها على الإخلاص، الإخلاص بأنها من بين الكثير من الأطفال استطاعت أن تكتشف نقطة نور في شقيقتي، وأشكرها أيضاً؛ لأنها ترفع كراسة فريدة لزملائها كي يروا ما ترسمه وتكتبه ويشجعوها.
هذه المعلمة وأمثالها، هم الأعمدة الصلبة التي مازال التعليم في بلدنا يستند عليهم، ومن دونهم لن يكون هناك تعليم.