طوفان إثيوبيا.. بروفة سياسية ومخالفة دبلوماسية صريحة
بقلم / عادل الطيب
لم يكن الفيضان الذي اجتاح “إثيوبيا” مؤخرًا مجرد اضطراب مناخي عابر، بل تحوّل إلى حدث سياسي بالغ الخطورة، بعدما كشفت التطورات أن الحكومة الإثيوبية لم تُخطر [مصر أو السودان] مسبقًا بارتفاع منسوب المياه أو باحتمال تدفقها المفاجئ نحو مجرى النيل الأزرق.
هذا التجاهل لا يندرج فقط تحت خانة السلوك غير المسؤول، بل يمثل مخالفة صريحة للأعراف الدولية واتفاقيات تبادل بيانات الطوارئ المائية بين الدول المتشاطئة.
ففي لحظة واحدة، وجدت دول المصب نفسها أمام بروفة حقيقية لسيناريو أشد خطورة: سيناريو فتح بوابات سد النهضة دون تنسيق أو تحذير مسبق.
لماذا هو طوفان سياسي قبل أن يكون طبيعيًا؟
تُدرك إثيوبيا تمامًا أن أي فيضان مفاجئ قد يضرب السودان أو مصر يمكن أن يتحول إلى كارثة إنسانية وأمنية.
ورغم ذلك، اختارت الصمت المتعمّد، وكأنها تختبر ردود الفعل الإقليمية أو تبعث برسالة خفية مفادها:
“المياه في قبضتنا… والإخطار ليس حقًا بل خيارًا.”
هذا السلوك لا يمكن فصله عن النهج السياسي الذي تتبعه أديس أبابا في إدارة ملف المياه — نهج يقوم على فرض الأمر الواقع بدلًا من مبدأ الشراكة والمسؤولية المتبادلة.
ما بين الطوفان وترامب.. الرسالة وصلت
سواء كانت الفيضانات مدبّرة أو نتاج إهمال وسوء تقدير، فإن الرسالة التي خرجت منها المنطقة كانت واضحة وضوح النيل نفسه:
المياه لم تعد مصدر حياة فقط، بل تحوّلت إلى ورقة ضغط ومساومة سياسية.
ولعل الذاكرة تستدعي هنا تصريح الرئيس الأميركي السابق (دونالد ترامب) حين قال صراحة:
“قد تضطر مصر إلى تفجير السد إذا لم تخضع إثيوبيا.”
فهل كان ذلك مجرد تصريح عابر؟
أم أنه أصبح — بعد سنوات قليلة — إطارًا ذهنيًا تتحرك داخله أديس أبابا في تعاملها مع دول المصب؟
الخلاصة هنا
طوفان إثيوبيا لم يُغرق الأراضي فحسب، بل أغرق الثقة أيضًا.
وإذا كانت أديس أبابا قد تجاهلت إخطار جيرانها بفيضانات طبيعية،
فكيف يمكن الوثوق بأنها ستُخطر عند تشغيل أو تفريغ سد النهضة؟
سيظل السؤال المفتوح..
هل ما زالت إثيوبيا تتحرك وفق إرادتها المنفردة؟
أم أن هناك “ترامب خفي” خلف الستار يدير المشهد ويوجه الموجة في الاتجاه الذي يريد؟