عذراء السينما المصرية صاحبة أطول مسيرة فنية في تاريخ السينما العربية

هي ليست فنانة فحسب بل هي أيقونة من أيقونات السينما المصرية، التي كانت ولا تزال تعيش معنا بأعمالها الفنية الرائعة، ولدت السيدة القديرة أمينة رزق في مدينة طنطا بجمهورية مصر العربية فهي من عائلة مصرية مسلمة، ما لا يعرفه الكثيرين عنها أنها بدأت مشوارها الفني وهي في سن السادسة من عمرها، فكانت منذ أن كانت طفلة صغيرة تحب التمثيل والغناء وتقوم بعمل استعراضات في منزلها، ولكن انقلبت حياتها رأس على عقب بعدما توفي والدها، فاضطرت والدتها السفر إلى القاهرة وترك منزلهم في طنطا، فذهبت أمينة ووالدتها للعيش مع خالتها الفنانة المسرحية أمينة محمد والتي كانت لها الفضل في ارتباط أمينة رزق بالفن بشكل كبير.

كانت البدايات الفنية للفنانة القديرة أمينة رزق من خلال وقوفها على المسرح مع خالتها الفنانة أمينة محمد، وظهرت أمينة كمغنية ضمن مجموعة من الفتيات، وبعد ذلك أصبحت تحصل على أدوار صغيرة في المسرح وكانت وقتها معروفة باسم أمينة النونو، حتى يتم التفريق بينها وبين خالتها، وعندما بلغت سن الأربعة عشر، اشتركت في مسرح رمسيس ضمن الفرقة المسرحية للفنان يوسف بك وهبي، والذي قدمها بشكل استثنائي للمسرح، وأعطاها دور البطولة في أكثر من مسرحية، حتى أصبح اسم أمينة يتردد على ألسنة الوسط الفني لتحصل على أولى بطولاتها السينمائية، ولم تترك الفن حتى وفاتها.

ارتبط اسم الفنانة أمينة رزق باسم يوسف وهبي لفترة طويلة من الزمن، بل إن الكثير اعتقدوا أن يوسف وهبي قد تزوج من أمينة رزق ولكن لم يكن هذا صحيحًا، بالفعل كانت هناك علاقة مميزة تجمع بين أمينة رزق وبين يوسف وهبي، فكان هو أول من قدمها إلى المسرح وقامت بتقديم الكثير من الأعمال الهامة في فرقته، وعلى المستوى الشخصي كانت هناك علاقة صداقة قوية تربط بينهما، ففي أحد البرامج التليفزيونية صرحت أمينة رزق أنها كانت تقوم بالتنكر في شخصيات مختلفة، لتقوم بتوصيل جوابات الغرام الخاصة بيوسف وهبي إلى الفتيات.

لم يكن لقب عذراء السينما المصرية، راهبة الفن المصري والعديد من الألقاب تأتي هباء، ولكن بسبب بقاء السيدة العظيمة بدون زواج، فقد عاشت حياتها الطويلة دون زواج، لأنها كانت تشعر بأنه سوف يؤثر بشكل سلبي على مشوارها الفني، ويقال أن قصة الحب الوحيدة في حياة أمينة رزق كانت قصة حبها ليوسف وهبي التي كانت من طرف واحد.

وقد تقدم لخطبتها عدد من زملائها في الوسط الفني، إلا إنها لم تكن توافق أبدًا وكانت دائمًا ما تعتذر حتى لا تضع نفسها في موقف حرج، كانت المرة الوحيدة التي أتمت فيها أمينة رزق خطبتها عندما تقدم للزواج ضابط من طرف أحد أقاربها، ووقتها اضطرت أن توافق على إتمام الخطبة، وفور علمها بسفر خطيبها، قامت بإرسال جواب له تشرح فيه بأنها لا تريد إتمام هذا الزواج، لتذهب مسرعة إلى استوديو التصوير وتعود إلى المكان الذي تشعر فيه بالأمان.

خلال مسيرتها الفنية التي استمرت ما يقرب من سبعين عامًا، قدمت السيدة الراحلة أمينة رزق ما يقرب من المئة فيلم سينمائي، وعلى الرغم من شهرتها في السينما المصرية إلا إنها لم تقدم دور البطولة قط، ودائمًا ما كانت تظهر كدور ثاني في الأفلام، أما عن أدوارها فقد ساعدت أمينة رزق بشكل كبير في نجاح تلك الأفلام، بسبب تقمصها الشديد للأدوار، حتى أصبحت أشهر من قدم دور الأم في السينما المصرية، بل إنها أصبحت ملقبة في الوسط الفني باسم “ماما أمينة”، وكانت شخصيتها الحنونة وطبيعتها الهادئة، عامل رئيسي في ارتباط الفنانين الأصغر منها سنًا بها وكانوا يشعرون وكأنها أم للفنانين في الحقيقة وليس فقط في الأفلام.

اشتهرت السيدة الراحلة أمينة رزق من خلال الأدوار التراجيدية، فكانت تقوم بأداء الدور الدرامي على أكمل وجه، فكان بعض الجماهير تظن بأنها كذلك في حياتها الشخصية، وعندما قدمت السيدة أمينة رزق بعض من الأدوار الكوميدية لم يتوقع المنتجين والمخرجين هذا النجاح الكبير الذي حققته، ولم يتوقع الكثير بأنها تتمتع بهذا القدر من خفة الظل ومن سرعة البديهة، الأمر الذي جعلها تحصل على لقب الفنانة الشاملة بكل جدارة، فكانت تقدم أي دور على أكمل وجه سواء على مستوى التليفزيون أو المسرح أو السينما.

شاركت أمينة فى أكثر من 150 عملا سينمائيا، أشهرها “بائعة الخبز” و”أريد حلا” و”بداية ونهاية” و”التلميذة” و”قبلة فى الصحراء” و”دعاء الكروان” الذي اختير من بين أفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية، و”ناصر 56″ و”استاكوزا” و”الكيت كات” و”صراع الأحفاد” و”المولد” و”التوت والنبوت” و”الإنس والجن” و”العار” و”العاشقة”.

وظلت أمينة رزق طوال حياتها متماسكة، تعتمد على نفسها وتشغل أوقاتها بالتمثيل، لكن قبل وفاتها بشهرين، هاجمها المرض، وظلّت فى صراع دائم معه، حتى تمكن منها في النهاية، لترفع الراية البيضاء، وترحل عن دنيانا فى أغسطس 2003، بهبوط حاد فى الدورة الدموية.