عفوا برجاء شحن ما تم نفاده من حياة المصريين
عمرو خيري
من المعروف من قديم الزمان عن الشعب المصري العظيم الذي شَهِد عصورًا مختلفة من الصعاب والمشقة والمتاعب والأزمات.
وأنه شَعْب متحمل صبور جَلدًا قادرًا على تخطي الأزمات والمشكلات التي تمر بها بلاده الحبيبة مصر ولا يلقي لها بالاً مهما طالت أو تركت آثار جانبية على معيشته.
ولنا في تَحمُّل الشعب المصري في عهد الرئيس السابق جمال عبدالناصر أثناء فترة العدوان الثلاثي وما تلاها من حصار اقتصادي ودولي وسوء معيشة إلى مراهنة عبدالناصر بصبر شعبه حينما قال في إحدى خطبه أثناء تهديدات أمريكا بقطع المعونة عن مصر: “إذا كنا النهاردة بنشرب شاي سبعة أيام، نشرب خمسة أيام لغاية ما نبني بلدنا”.
بجانب صبر أبنائه في هزيمة حرب 67 (النكسة) و تحملهم تجرع مرارة الهزيمة و توابعها حتى اصلحوا ما فسد في حرب السادس من اكتوبر بدمائهم و تضحياتهم بقيادة الرئيس السابق أنور السادات أسوةٌ حسنةٌ يقتدي بها كل شعوب العالم وتُكتب في كتب التأريخ بماء الذهب.
ولكن الكلمة التي تقال في الجانب السوداوي من الصورة الجميلة! استمرارية المراهنة و رمي الحِمل على الشعب المصري سيخلق فوضة حتمية وإزالة إلى إنسانيتهم و حروب كراهية نفسية داخلية تجاه وطنهم ، وكما جاء في الأمثال الشعبية: “الشي إذا زاد عن حده ينقلب ضده”.
لا يوجد أي اختلاف في حب الوطن والتضحية و الفداء من أجله في سبيل رفع شأن البلاد والحفاظ علي مقوماتها وثرواتها وإصلاحها من كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بكل الطرق الممكنة.
ولكن تكمن نقطة الاختلاف الكبرى في أن سياسة الدولة المصرية الحالية تقوم على تحجيم معيشة المواطن المصري بالكلية في خطة الإصلاح الاقتصادي التي تعمل عليها الحكومة في الفترة الحالية.
ومما أثار الجدل والغرابة وحتى الاشمئزاز في ربوع جمهورية مصر العربية نظرة الدولة على المواطن كونه أداة مهمة لتحصيل الأموال العامة وسد عجز الموازنة العامة للدولة و سداد الديون المستحقة من فرض ضرائب ورسوم على سلع وأماكن و كان من آخرها، قرارت مجلس النواب يوم امس حيث أصدر قرارات ضرائب ورسوم جديدة على مغادرة البلاد وضريبة 15% على اماكن الترفيه مثل السيرك الأجنبي و التزلج على الجليد، حضور ومشاهدة الأفلام السينمائية.
قرارت خاطئة في وقت خاطئ تمامًا كما أنها خالية من الحكمة والرفق بالمواطن في هذه الحالة المميتة من الغلاء الوحشي للأسعار و في وقت المواطن فيه في أمس الحاجة لأي تخفيف عنه، ولكن لا حياة لمن تنادي، و في ظل هذا الصمت و الحالة المؤلمة في الشارع المصري تتكرر علينا قرارات استفزازية تجعل عقول الشعب المصري في حالة اضطراب مستمر مثل القرارات المستمر في تحجيم حياتهم واقصاء المنطق من حياة الشعب المصري.
اقتراحات وحلول:
يجب على جميع المسؤولين أن يصدرون قرارات تعالج حالة اليأس و الخيبة التي يعاني منها الشعب المصري بأكلمه من تخفيض أسعار و إضافات خدمات مجانية تفتح لهم باب الامل في الحياة من جديد وتمدهم بالراحة و تشحن طاقاتهم من جديد في نظرتهم إلى وطنهم بكل إيجابية و تفاؤل وأمل.
و من الأشياء التي ستخفف أعباء الحياة من حياة المواطن وستساهم بشكل كبير في معالجة الحالة التي يتعرض لها المواطن المصري وستحد من الأفكار السلبية داخل المجتمع المصري و مستقبلاً: المواصلات العامة.
يجب اصدار قرار بتخفيض أسعار تذاكر مترو الانفاق إلى أن تصل قيمتها جنيهان فقط، و تسعيرة سعرية موحدة على كل تذكرة سفر عبر القطارات لا يتخطى ثمنها ستون جنيها لا غير تخفيفا على الطلاب الذين يسافرون من محافظة إلى محافظة.
ودعم وسائل المواصلات مثل الميكروباص من الغاز والبنزين بشكل كبير للحد من غلاء الأجرة، ومن الأشياء التي ستساعد بشكل كبير على الحد من الحالة الحالية، تغيير عدادات الكهرباء والماء والغاز إلى العدادات القديمة تخفيفا على شعبنا المتحامل، وإصدار سلع مدعومة استثنائية من قبل الحكومة رخيصة الثمن لا تتعدى عشرون جنيها عن كل سلعة من الدواجن و اللحوم و خمسة جنيهات عن كل كيلو أرز و مكرونة، و مائة جنية عن كل كيلو لحم.
وكذلك تخفيض أسعار ضرائب الدمغة عن كل الوثائق الحكومية وإنشاء رقابة خاصة أمنية تراقب أسعار السلع وجشع التجار وهذا المطلوب خصوصًا في حالتنا المتعبة هذه في تلك الظروف المحيطة بالشعب المصري، تبدو أن رؤيتي أمامكم خيالية شيئا ما أو ربما هزلية أكثر من أن تكون واقعية وهذا معلوم لأن هناك مقولات مجتمعية يتداولها البعض، مفادها “ما فيش حاجة بترخص” “المواطن المصري هو الوحيد إليّ ثمنه بيرخص” وهذا إن صح شيئا ما فإن المبدأ مرفوض و يتعارض مع السنن البشرية العادلة.
وفي النهاية أملي أن تصل رؤيتي أو مضمونها إلى مسؤولي الدولة ويتم اتخاذها بكل جدية مهما كلفت الدولة، فإننا عشنا كثيرا من أجل مصر، و يجب على مصرنا الحبيبة أن تعيش من أجلنا الآن.