غزة تحترق والعرب في سبات عميق
محمود سعيد برغش
بين أكوام الركام، وصيحات الأطفال، ودموع الأمهات، يقف شيخ فلسطيني مسنّ في شوارع غزة يحمل في يديه ما يشبه “طبل الإنذار” يضربه بعصا طويلة صارخًا بمرارة: “أين أنتم يا عرب؟!“، وكأن صوته يحمل كل تاريخ النكبات والهزائم التي لم تنتهِ.
في الخامس من مايو 2025، لم تكن غزة وحدها تصرخ، بل كانت الإنسانية كلها تُجلد من جديد على يد الاحتلال الإسرائيلي، وسط جوع قاتل، وحصار خانق، وظلم لا يرحم كبيرًا ولا صغيرًا. بينما يستغيث الأطفال بحثًا عن لقمة أو جرعة ماء، تمتلئ شاشات الإعلام العربي بأخبار الفن والموضة، وكأن الدم الفلسطيني لا يستحق خبراً عاجلاً أو حتى دقيقة صمت.
الجوع يحاصر البيوت، والموت يطرق الأبواب
أصبح مشهد الجوع مألوفًا، والبحث عن فتات الخبز بين الركام عادةً يومية في غزة. لا كهرباء، لا ماء، لا دواء، والمشافي تحولت إلى مقابر صامتة، تعجز حتى عن استقبال مزيد من الجرحى. أجسادٌ نحيلة، وعيونٌ ذابلة، وأرواحٌ تنتظر الموت ببطء، في صمت يتواطأ فيه العالم بأسره.
الدم الفلسطيني… رخيص في زمن المصالح
في الوقت الذي تُمطر فيه الطائرات الإسرائيلية الأحياء السكنية بالقذائف، لا تزال الأنظمة العربية منشغلة ببيانات الشجب الخجولة، و”مبادرات السلام” التي لا تساوي ثمن الورق الذي كتبت عليه. لم يعد الصمت العربي مجرد تقصير، بل صار تواطؤًا مفضوحًا، وخيانة لا تغتفر في كتاب التاريخ.
ماذا تبقى من الضمير العربي؟
أين جامعة الدول العربية؟ أين الشعوب التي كانت تخرج بالملايين لأجل الأقصى؟ هل جفّت دموع الغضب؟ أم أن شاشات الهواتف الذكية قد شغلتهم عن المجازر؟ أي مستقبل ينتظر أمتنا ونحن نعجز حتى عن نصرة أشقائنا بكلمة، أو موقف، أو حتى دعاء؟
غزة لا تطلب المستحيل، بل فقط أن تُعامل كمدينة بشرية، أن يُسمع صراخ أطفالها، أن يتحرك الضمير العربي قبل أن تنطفئ آخر شمعة فيها. غزة تموت، فهل من مجيب؟