رؤوف جنيدي
طالعتنا البرامج الإخبارية والصحف المختلفة بتصريحات السيدة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وفتواها الأخيرة بشان جواز زواج المسلمة من غير المسلم . وفتحت بذلك على نفسها أبواب النقد والتجريح من رجال الدين . وأيضا من العوام الغيورين على الدين من رواد شبكات التواصل الإجتماعى . فمنهم من أهال فى وجهها التراب سباً وقذفاً . ومنهم من ساق لها برفقٍ ولينٍ من آيات القرآن الكريم ما يُبطل زعمها . ومنهم من التزم الصمت منتظراً لمن يَمُن عليه بالقول الفصل الذى يحسم الجدال ..
وأنا إذ أتناول هذا الأمر كتابةً . لا أتناوله بالطبع من باب حسم الجدل الدائر بشأنه . فللدين علماؤه وللفقه أساتذته . ولكني أتناوله من باب الدهشة والسُخط الشديدين على ما آلت إليه أحوال الدين ورجاله ..
يا سادة : قد يختلف طبيبان فى تشخيص مرضٍ ما . وإن كان اختلافُهما غير مرغوبٍ فيه إلا أنه لو أضرّ . فلن يضرّ إلا شخصاً واحداً او على الأكثر مَن يحملون نفس الاعراض .. وقد يختلف مهندسان فى تشخيص الحالة الإنشائية لمبنىً ما . وإن كان ايضاً اختلافُهما غير مرغوبٍ فيه إلا أنه لو أضرّ . فلن يضرّ إلا ساكنى هذا العقار فقط .. وقد يختلف معلمان فى شرح معلومة ما وهكذا . ولكن اختلاف رجال الدين على ثوابته الأصيلة حتماً سيضر بالإسلام وبالمسلمين جميعاً . فيهز عقيدة من أسلم . ويسارع بإسقاط من تعلق بالإسلام على حرف . ويُعجّل بانحراف الواقفين على الحياد . وإذا كان الخلاف في الرأى لا يفسد للود قضية كما يقال . فالخلاف على اصول الدين يفسد القضية برمتها ..
ففى مجال الطب من يسمى ( كبير أطباء ) ليحسم الجدل . وفى مجال الهندسة الإنشائية من يسمى ( كبير مهندسين ) ليحسم الجدل . وفى مجال التعليم من يسمى( كبير معلمين ) إلخ ….. فلكل مجالٍ كبيره إلا الدين فالكل فيه كُبَراء . وأخشى ان نكون قد أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل . إذ ليس من بينهم من يحسم الخلاف . بعد أن تَركت السيدة آمنة نصير الشارع منقسماً على نفسه . بين رافضٍ بشدة . وحائرٍ في الأمر . ومعرضٍ حتى عن المشاركة استياءً مما يجري .
وبدلاً من أن تُترك الساحة حائرةً تتخبط في أمور دينها بسبب بعض الفتاوى . كان لزاماً على دار الإفتاء الظهور إعلامياً وبشكلٍ رسمي عقب كل فتوى تثير حفيظة الرأى العام . وعلى غرار ( تكذيب الشائعات ) الذي تتصدى لها الدولة . يكون برنامج ( تصحيح الفتاوى ) الذي تتصدى له دار الإفتاء . على أن يلتزم بهذا التصحيح كل الدعاة ورجال الدين وعلى رأسهم صاحب الفتوى نفسه . ولا يعاود الجدل ( إن أراد ) إلا فى غرفٍ مغلقة . فلا يهم المسلم أن يرى أو يسمع جدالاً . وإنما يهمه أن يسمع رأيأً حاسماً لا نكوص بعده .
أما وأن المُتَلقى قد تُرِك لحال سبيله تتخاطفه الآراء وتُمزق ثوابتَه الفتاوى وليفهم كما يفهم . فلتتنحوا جميعاً جانباً . ولنعبد الله وحدنا وعلى فطرته التى فطر الناس عليها . نعبده ونحن على يقينٍ أننا لن نجد لسنةِ الله تبديلاً . ولن نجد لسنة الله تحويلا .. نعبده ونحن على إيمانٍ راسخٍ
بأن قرآننا قرآناً عربياً غيرَ ذي عِوج ..