ينقلها لكم ناصف ناصف
شعر الدكتور عبد الوهاب برانية
في حب اللغة العربية
هذه القصيدة أهديها لفاتنة
راحت تطاوعنى في كل أوقاتى
أهدت إليَّ كثيرا من فرائدها
فرحت أهدى لها دوما تحياتى
هذا لأنى عرفت الحب في صغري
مذ كنت غِرًّا وفى تلك البدايات
ما زلت أذكرها في كل آونة
أهيم في حبها في كل ساعاتي
محبوبتي عندما أخلو بأمسيتي
معشوقتي عندما تزداد لوعاتي
أحببتها مثلما أحببت فاتنتي
تلك التي لم تزل أولى الحبيبات
لها قداسة أمي في جلالتها
وعنفوان أبي عند الملمات
عفيفةٌ إن بدتْ في ثوب رقتها
أبيَّةٌ باعدتْ ثوب الدنيَّات
طهورةٌ ما لها شبهٌ بعالمنا
سوى الملائكِ في علياءِ جنات
وضيئةٌ لغتي نقيةٌ أبدا
كأنها مزنةٌ بين الغمامات
وديعةٌ ما لها أخلاقُ منتقمٍ
ولا تميلُ لحربٍ أو عداءات
رقيقةُ القلب تُذْكِي في مشاعرنا
روحَ الجمال وأجواءَ المليكات
فيا حبيبةَ قلبي يا منى أملي
جودي عليَّ بأبياتٍ نديَّات
فقد علِقْتُ هواءَ الضادِ من صغري
منذ الكتاتيب أو عند الإجازات
وقد درجت حياتى في مرابعها
ما بين معهد علم أو بقاعات
أحببتها باحثا يرنو لمعرفةٍ
وشاعرا قد هوى نظما لأبيات
وقد تفتح عقلى في معاهدها
درسا لحاشية على شروحات
فآنستني مَلِيًّا عند مُوحِشَةٍ
وآزرتني كثيرا في انتكاساتي
وأبهجتني وقد قلت مباهجنا
وهدهدتني وأهدتني ابتساماتي
ومن قديم تولتني رعايتُها
حتى ارتقيت إلى أعلى الشهادات
صعدت من حبها أجواء باسقةً
بين الرفاق وطاولت السماوات
وألبستني ثياب المجد سابغةً
فاضت عليَّ بموفور الكرامات
وعلمتني قريض الشعر في كبرٍ
أزاح عني كثيرا من عذاباتي
وصنفتني بهذا الشعر معْ نفر
من الأماجد كانوا في خيالاتي
ولست أزعم أني نلت رتبتهم
لكنني شاعر من صنع مولاتي
فيا ضمير بني قحطان من عرب
من ذا الذي عدها إحدى الصعوبات؟
من ذا الذي ظنها ناءت بمطلبنا
فهل أبت قبلنا صنع النجاحات؟
فعلموها صغار النشء في وطني
لكي يحوزوا بها أعلى المقامات
إذا أرادوا فخارا ما له أمدٌ
فليحفظوها له، لا للشهادات
فعلموهم علوم السابقين لنا
نحوا وصرفا وإعجازا بآيات
كانت حبيبةُ قلبي منتهى أملي
كانت غذائيَ في كل ارتحالاتي
كانت مفارجَ همِّي عند سطوته
بها سعيت إلى تجفيف دمعاتي
فكم ركنت بساعات الشتاء إلى
بعض الأقاصيص أجتر العُسَيْلات
وكم وقفت طويلا عند خاطرة
أقلِّب الطرف في صوغ العبارات
وكم فُتِنْتُ بأبياتٍ فشنَّفني
بَوْحُ القريض وتَطْوَافُ الخيالات
كانت مجالاتُ ترفيهي منوعةً
كانت أفانينَ في كل المجالات
ففي السياسة ألقاها وفي أدبٍ
وفي العلوم وفي فقه العبادات
وفي الصحافة تبدو الضادُ رائدة
تَنَقَّلَتْ في سَمَا كل الفضاءات
وفي المعاجم ألقاها مفصلةً
بين السطور بأقلام الرجالات
فلا تلوموا إذا زلَّتْ بألسُنِكم
ليست عليكم قواعدُها خفياتِ
لا تظلموها فقد لانت لسابقكم
لكنَّ أعينكم تبدو عميات
ناصبتموها العداء في مرابعها
وقد غدت عندكم رهن افتراءات
بالله عودوا إلى أحضان سيدتي
وبادروها بطوفان اعتذارات
لعلها عنكمُ ترضى فتمنحَكم
وصلا بوصل وإخباتا بإخبات


































































