في حضن المتوسط.. قلعة قايتباي تحرس شواطئ الأسكندرية
ميرفت رضوان
في أقصى الطرف الغربي من كورنيش الإسكندرية، حيث تلتقي أمواج البحر الأبيض المتوسط بصخور التاريخ، تقف قلعة قايتباي شامخة كأنها تحرس المدينة منذ قرون، تروي فصولًا من الحروب والملوك، وتعكس ملامح العمارة الإسلامية في أبهى صورها.
بُنيت القلعة عام 1477م بأمر من السلطان الأشرف أبو النصر قايتباي، أحد سلاطين الدولة المملوكية، فوق أنقاض فنار الإسكندرية القديم، أحد عجائب الدنيا السبع. أراد السلطان حماية مصر من غزوات العثمانيين والفرنجة، فكانت القلعة درعًا حصينًا يصدّ الغزاة القادمين من البحر.
القلعة ليست مجرد حصن عسكري، بل قطعة فنية معمارية جمعت بين الوظيفة الدفاعية والزخرفة الإسلامية الدقيقة. جدرانها الضخمة، وأسوارها العالية، وأبراج المراقبة التي تطل على البحر، جعلت منها مركزًا استراتيجيًا لكل من حكم الإسكندرية لاحقًا.
ومع مرور الزمن، شهدت القلعة أحداثًا وتحولات؛ من العثمانيين إلى الحملة الفرنسية، ومن الاحتلال البريطاني إلى كونها الآن مزارًا سياحيًا وثقافيًا. وقد خضعت مؤخرًا لعدة أعمال ترميم للحفاظ على طابعها التاريخي ومكانتها بين أبرز المعالم السياحية في مصر.
اليوم، يقصدها الزوّار من مختلف أنحاء العالم، لا ليشاهدوا جدرانًا من حجر فحسب، بل ليستشعروا عبق الماضي وروح الحضارة الإسلامية، ويستمتعوا بمشهد بانورامي يخطف الأنفاس على ضفاف المتوسط.
قلعة قايتباي ليست مجرد بناء حجري، بل شاهد على قرون من التاريخ، لا تزال تقف بشموخ تهمس لكل زائر: هنا مرت حضارات، وسُطّرت ملاحم.
.