صاغها بتصرف: تامر إدريس
يحكى أن رجلاً من البادية تزوج من ابنة عمه، وأنجبت له تسعة أولاد ذكور، ولكنها في الحمل العاشر قد أنجبت له أنثى..
وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑُﺸّﺮ ﺑﺎﻟﺒﻨﺖ ﺣﺰﻥ حزنا شديدا، وشعر بالإهانة، ﻭﻗﺎﻝ صارخا : “ﻳﺎ ﻟﻴﻠﻲ ﺍﻷﺳﻮد، يا ليلي الأسود”..
ثم إنه ما لبث أن قاطع زوجته، وأصبح ينظر إليها نظرة تشاؤم وجحود، وكأنها هي السبب أو هي التي خلقتها..
ﻣﺮﺕ ﺍﻷﻳﺎﻡ والسنون ﻭﻛﺒﺮ هذا ﺍﻷﺏ، وضعفت قدرته، وبين يوم وليلة فقد بصره، ﻭﺃﺻﻴﺐ ﺑﺎﻟﻌﻤﻰ، ﻭﺗﺰﻭﺝ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ، وانشغلوا ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﻢ، ﻭﻧﺴﻮﺍ ﺃباهم ﺍﻟﻀﺮﻳﺮ..
كما أن ابنته قد تزوجت أيضاً، ولكنها لما سمعت ما حدث لأبيها سارعت بالذهاب إليه، ولما دخلت عليه بدأت تغسل له جسده، وتنظف له خيمته، وقامت بطهي الطعام له؛ فأحس براحة لم يشعر بها من قبل..
ولما اقتربت منه ﻟﺘﻌﻄﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ أمسكها من يدها و سأﻟﻬﺎ : “ﻣﻦ ﺃنت يا بنت الكرام؟؟”..
ﻓﻘﺎﻟﺖ والدموع تنهمر من عينها : “ﺃﻧﺎ ﻟﻴﻠﻚ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻳﺎ ﺃبي”..
فعرف أنها ابنته وانفجر باكيا ورد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﺎﺩﻣﺎً ﻭﻣﺘﺄﺳﻔﺎً بقوله : “سامحيني يا بنيتي، ﻟﻴﺖ اﻟﻠﻴﺎﻟﻲﻛﻠﻬﺎ ﺳﻮﺩ !!”..
وأنشد يقول:
ﻟﻴﺖ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﺳﻮﺩ … ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻬﻨﺎ ﺑﺴﻮﺩ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ
ﻟﻮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺑﻌﻤﺮﻱ ﻳﻌﻮﺩ … لأﺣﺒﻬﺎ ﺃﻭﻝ وتالي
ﻣﺎﻏﻴﺮﻫﺎ ﻳﺒﺮﻧﻲ ﻭﻳﻌﻮﺩ … ﻳﻨﺸﺪ ﻋﻦ ﺳﻮﺍﺗﻲ ﻭﺣﺎﻟﻲ
تسعة ﺭﺟﺎﻝٍ كِلهم جحود … تباعدوا عن سؤالي
ﻣﺎﻏﻴﺮ ﺭﻳﺢ ﺍﻟﻤﺴﻚ ﻭﺍﻟﻌﻮﺩ… ابنتي ﺑﻜﻞ ﻳﻮﻡٍ ﻗﺒﺎﻟﻲ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات، الغاليات”..
رفقا بهن؛ فالدنيا ما هي إلا قسمة بيننا وبينهن!!!