ريم خالد
لـ أختي..
سلامٌ على روحكِ جميلتي ثم مساء الخير
أما بعد.. لا تأتي فقد فُنيَ عمري في انتظارك وبعد كل شيءٍ جارِ على قلبي وجرى.. لا تأتي فقد تعلمت كيف أعيش وحدي، لا تأتي لقد بدّلتُكِ بألفِ صديقةٍ اسميتُهنَّ اختي ..
استنزفتُ اسمكِ كثيرا … لكم أنا مجرمة! أليس كذلك؟!! لكني كنت أثأر دائمًا لمكانتكِ بقلبي! فالإجرام ليس ذنبي تعلمته للتو وأردت أن أمارسه حديثًا فلا أحد يستحق شرف البداية مثلكِ ولا أحد يستحق أن أحقد عليه إلا عدم وجودكِ ولا أحد يأخذ مكانة البؤس الذي أوصلتِني إليه كما فعلتِ .. نعم أنتِ نقطة ضعفي وأولُ هزائمي في هذه الحياة .. يا مَن رحلتي قبل أن تأتي، لم تكوني معي في بؤسي وفرحي، لطالما تمنيتكِ بجانبي ، والآن أتمنى أنْ لا تأتي فالأشياء تصبح غير مبهرة وعديمة النفع عندما لا تأتِ في وقتها المناسب ..
تغتاليني – يا صغيرتي – في صحوتي مرة وفي حلمي آلاف المرات، أذكر ذات بكاء قلتُ ليتك قربي وبذات دمعة أيضًا ابتسمت ولكن حفاظًا على كبريائي قلتُ لا تأتي ..لا بأس فالحياة بدونك جميلة أنا من أصنع الجمال وليسَ أنتِ، ربما لو كنتِ هنا لفضّلكِ والدايَّ عليْ وأحبوكِ كما أحبكِ الآن لكني أُفضِّلُ استمراركِ في اللاوجود.. اشتقتُ إليكِ هناك، ماذا لو كنتِ هنا كيف سيكون الاشتياق؟ ..أيحدث أن تشتاق لشخصٍ غير موجود؟؟ يالها من أوهام ستأخذني إلى الهاوية يومًا ما، ربما يقبعُ بين السطور اعترافٌ غير إجرامي.. العالم موحش يا أختي، كل شيء يسودهُ الاستياء ليتك هنا لتَري ما أراه، لو كنت هنا ما فرّطتُ فيكِ قط ..
هكذا نحن – يا جميلتي – نحبُ من يرحلون ومن لا يأتون ومن هم من المستحيل وجودهم أيضًا ..كنت أودُّ اخبارك عن هزائمي لتهونيها، أخبرت أمي بذلك لا بأس لا تحزني ، تمنيتُ أن أرى ابتسامة ثغركِ حين أزين الكعك الذي أعده ..أو ربما ستهاجميني وتقولين انكِ تعدّين الذُّ من طعامي، أنتِ تعدّين الأجمل!! ..كنتِ ستنافسيني في حضنِ أبي وتهرولين قبلي لاحتضانه ولقاؤه عند عودته من العمل ..ربما كنتِ أجمل منّي أصغر منّي أقصر أو أطول كيف ما كنت ستكونين بالتأكيد جميلة لأنكِ أختي..
ابكاني النسيم هذا المساء لقد عبرتِ عبر نافذتي وسقطتِ على اوراقي وكتبي وتركتُ كل من حولي لأكتب لكِ “انني اشتقتُ لوجودكِ اللا موجود.. ولكن لا تأتي..” لقد حفظكِ الله من الحياة والوجود، لو كنت هنا لكنت الآن محبطة مثلي، العالم قاسٍ يا عزيزتي أدركت هذا حينما تحطمتْ أول أحلامي “وجودكِ كان أولها”، كنتُ سأطلعكِ على أحداث اليوم، عن آخر الأخبار ، كنا سنتناقش عن بايدن وترامب، عن السِنّةِ والشيعة والمؤتمر والاصلاح وانعدام الغاز وموت الأحصنة وبرد الشتاء، وعن شراء فستان لعرس صديقتي هيفاء أيضًا، لا شك أنني كنت سأخبرك عن المهم وغير المهم، عن الشيء الموجود في كل شيء وأشبعُ فضولكِ، ولكنه لم يكن لديكِ فضول فلمَ تأتي ! لو كنتِ هنا، كنتِ ستبقي بجانبي نلعنُ العالم ونشتم الواقع وأخبرك عن رغبتي في الرحيل فتهدئي من روعي وتحكي لي عن جمال صنعاء! كنتِ ستجعلين الحياة أجمل.. ماذا لو كنتِ هنا؟
كنت بالتأكيد سأخبرك عن أول جرح لي أو بالأصح أول عثرة وكيف تخطيتها وحدي كنتِ ستفتخرين بي كثيرًا أثق بذلك..
ربما كنتِ ستبكين لوفاة دبيجو ويكون حلمكِ تدوير الكرة فوق إصبعك كأختكِ، لو كنتِ هنا لعقدتُ أحلامي في ضفائركِ خصلةً خصلة لوضعتُ لكِ الزينة كما أضع أحلامي على الطرقات أزينها ثم أدرك أن الحقيقة ستبقى حقيقة والأحلام ستبقى أحلام..
يالكِ من قاسية.. لو كنتُ مكانكِ لخُلِقتُ من العدم لأبقى بجانبكِ، كنتُ سأخبركِ عن أجمل روايةِ قرأتها وستضحكين كثيرًا – أعرفكِ – ثم تسألين “منذ متى وأنتِ تحبين القراءة؟!” آهِ كم أحقد عليكِ لا تأتي.


































































