مادليل حبك لمصر :
بقلم : سامى ابورجيلة
لو أنى سألت أحد ممن يسمون أنفسهم وطنيين ، أو النخبة ، أو المثقفين ، أو رجل الشارع العادى
وقلت له : هل تحب بلدك ( مصر ) ؟
لأجاب بكل سهولة ، نعم ، بل قال ، ومن يكره بلده الذى تربى فيها ، وشرب من مائها ، وظلته سمائها ؟
فأسأل سؤالا ثانيا
مادليل ، وبرهان حبك لمصر ؟
وهنا يظهر التفاوت ، وأحيانا عدم الثقافة ، فى كيفية الحب .
لذلك كان هذا المقال : مادليل حبك لمصر ؟
أولا :لابد أن نعى جيدا ، أن حب البلاد من تمام الدين ، وأصل لرضا رب العالمين
والدليل ، أنظروا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو خارج من مكة ، فارا بدينه ، من أذى قومه ، وهو واقف على مشارف مكة يخاطبها ويقول ( والذى نفسى بيده انك لأحب البلاد الى ، ولولا أن قومك أخرجونى منك ماخرجت )
وفى العهد المقدس فى الانجيل
حينما قرب الموت من يعقوب ، دعا أبنه يوسف ، فقال له كما جاء فى السفر :
(ان كنت قد وجدت نعمة فى عينيك ، فضع يدك تحت فخذى ، وأصنع لى معروفا ، وأمانة ، فلا تدفنى فى مصر ، بل أضطجع مع أبائى ، فتحملنى من مصر ، وتدفننى فى مقبرتهم ، فقال ابنه يوسف : أنا أفعل حسب قولك ، فقال يعقوب أحلف لى ، فحلف له ، فسجد يعقوب على حافة سريره )
أى لايدفن فى أرض غريبة ، بل فى أرض الميعاد ، أرض أبائه وأجداده
هنا يتجلى الحب بأسمى معانيه
ثانيا : اذا كنت محبا لبلدك ، وعاشقا لوطنك ، اذا ماذا قدمت لها ؟
بعيدا عن الأغانى ، والشعارات الجوفاء ، والتناظر الجاهلى ، والكلام المفرغ من مضمونه ، والخطب الرنانه .. وغير ذلك ؟ ماذا فعلت ، وكيف برهنت عن حبك لبلدك ؟
هل جعلت عملك بجد واجتهاد ، أساسا لتقدمها ؟
هل أبتكرت ، وجددت فى أساليب العمل ليكون سهلا وميسورا على مواطنيها ؟ أم قيدت العمل بالروتين الجاف والجامد ؟
اذا كنت عاملا هل عملت باخلاص لتقول لنفسك أن زيادة الانتاجية يعود أول ما يعود على بلدى ، وأهلى ، وأولادى بالمنفعة ، دون النظر لأية مكاسب مادية وقتية ؟ أم تفرغت لمظاهرات ، وأوقفت الآلات والماكينات ، وأستمعت الى اعداء وطنك حينما أوغلوا صدرك ، بمكاسب وقتية ، وبذلك توقف الانتاج ؟
حب الوطن
أن نجابه كل من يريد لبلدنا شرا ، سواء بالقوة المسلحة ، أو بالفكر والتثقيف ، والتنوير
حب الوطن
أن نحارب الفساد فى شتى ربوع البلاد ، وفى جميع المؤسسات ، ونظهر الفاسد مهما كان موقعه ، ومهما كان أسمه فلا شئ أغلى من الوطن
فالفساد يتمثل فى الرشوة ، والمحسوبية ، والاعتداء على أملاك الدولة بدون وجه حق ، العمل على الفرقة ، والتفرقة من اجل مصالح ذاتية شخصية ، أنانية
حب الوطن
يتمثل فى تثقيف الشباب ، والفتيات ، بالالتزام بالأخلاق ، ونغرس وننمى معنى كلمة وطن فى القلوب ، مع تربية النشئ منذ الطفولة تنشئة صحيحة ، يعرف ماله ، وماعليه ، وليس ماله فقط
حب الوطن
يتمثل أن تقوم المعاهد والمدارس ، والجامعات ، بدورها المجتمعى ، بتلاحمها مع المجتمع ، وتثقيف شبابها ، تثقيفا حقيقيا ، والعمل على تنمية المجتمع بأسلوب علمى
حب الوطن
يقوم على محاربة الخلاعة ، والتمسك بأصول الدين ( اسلامى ، أو مسيحى ) وغرس الأخلاق ، وغرس احترام الآخر ، واحترام الآراء مادامت فى المسموح والمستساغ .
حب الوطن
أن يقوم الأزهر بدوره التنويرى السمح ، ومحاربة ومجابهة التشدد ، وتقوم الأوقاف بدورها بتثقيف أئمة المساجد كى يلاحقوا التطورات الخارجة التى تأتينا من هنا ، ومن هناك ، لافساد العباد ، وانحطاط الأخلاق ، لضعف البلاد .
حب الوطن
أن يقوم الاعلام بدوره الفعال ، الذى نحتاجة ، بعيدا عن التهويل ، أو التطبيل ، ويكون اعلاما حقيقيا يرتقى بالذوق العام ، ولا يهدره .
إعلاما ينشر العلم لا الجهل ، يبرز العلماء من كافة الأطياف ، وليس الجهلاء والرويبضة ، والتافهين .
اعلام يبرز الايجابيات ، وينشرها ، ثم بنقد السلبيات ، نقدا موضوعيا بلا تهويل ، ويوجد الحلول المناسبة لها باستضافة العلماء الحقيقيين بدلا من ان يضيع وقت المواطن فى امور لاتخصه ، ولا تغنى ولاتثمن من جوع كطلاق مغنية ، او زواجها ، أو استضافة نصاب وتصويره انه مظلوم .
إعلاما لا يقوللى أن هنا سلبية كذا ، ويهول ، ويشن حملة شعواء على الجميع ، ثم لايأتى بالحل الواقعى والمناسب لتلك المشكلة ، أو السلبية ، ولايطرح حلولك الواقعية .
حب الوطن
أن تقوم الأحزاب السياسية ، وتقوم الجمعيات والمؤسسات الأهلية بدورها السياسى ، والمجتمعى ، عملا على أرض الواقع ، وليس قولا ، أو بنعرة اعلامية تصويرية للشهرة وكفى .
حب الوطن
أعمال على أرض الواقع .. لا أقوال بالحناجر ، والأناشيد ، والأغانى ، والخطب الرنانه ..
نريد عملا على الأرض يشعربه القاصى والدانى
هكذا نحب بلدنا حبا حقيقيا .